الشباب السوداني بين خيار التغير والرحيل
( وطن ما ليك فيه وطن )
الرحمة والمقفرة للشاعر محمد الحسن سالم (حميد) بعدد ما اعطي لهذا الوطن ولشعبه من إنتاج معرفي والذي اصبح مرجعيتنا للحديث عن كل ما يخص الوطن والوطنية، استعرت بيت القصيد اعلاه من قصيدة مصابيح السما التامنة وطشيش كمدخل لمقالي ليس امتهانا لمفهوم الوطن والوطنية بل لانني اجده خير شاهد لعرضحال التكوين النفسي لشخصية الشاب السوداني في زمن مهازل حكومة المؤتمر الوطني التي اغرقت البلاد في بحر من الاذمات لا اول له ولا اخر .
فقد اصبح حلم (الرحيل) –وهو اسم الدلال الذي يطلقه الشباب السوداني للهجرة عن ارض الوطن بحثا عن حياة كريمة- يراود كل شاب كبيرا كان ام صغير موظفا كان ام عاطل متزوجا كان ام عازب، لاسباب نعايشها ونعرفها جميعا ولا داعي لتعدادها حفاظا علي عدم الاطالة، نزكر منها علي سبيل المثال لا الحصر الاسباب التي باتت تارق مضاجع الشباب . مصادرة حرية التعبير بشتى ضروبه فانت في زمان الانقاذ اما معا او ضد فاذا كنت ضد فانت حتما من الخارجين عن ملة الانقاذ فوجبت محاربتك بكافة الوسائل فلا وجود لكلمات مثل الرائ والرائ الاخر في قواميس هؤلا، اضافة الي محاولات حيونة المجتمع السوداني من خلال تحجيم حريته الاجتماعية بقوانين ما يعرف بالنظام العام الذي اختذل جل القوانين الاجتماعية في مفهوم الجنس وكاننا كائنات غريزية لا تعرف سوي الشهوات .
نعترف بان الوطن يعاني ونقدر حجم المعاناة التي يقاسيها الشباب ولكن نرفض تماما شكل الحلول الزائفة التي تتمثل في هجرة الشباب .
والشاهد علي ان حلم الرحيل اصبح ترياق للمهزومين من بعض الشباب ذلك الكشف الاستبياني الذي اعده طلاب جامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا على عينة من الشباب بولاية الخرطوم والذي اوضح بان 95% من الشباب اللذين خضعوا للاستبيان يرغبون في الهجرة، وأن 38% منهم يرغبون في الهجرة وعدم العودة نهائياً إلى البلاد بينما 57% قال أنه سيعود ولكن بعد التقاعد .
فالكل اصبح مرتحل وفي مخيلته احلامه السعيده، والقليل منهم من يتتدثر بهموم الوطن مصطحبا في حقائبه احلام مؤجلة ظلت تراوده منذ سنين لوطن يتسع لحجم تلك الاحلام، وحزمة من الاحزان علي حال شباب تركهم للمجهول بكل تفاصيله، والقليل من بقايا دموع ذرفها الاهل والاحباب علي هندامه الانيق، ثم اخير جواز للسفر عليه تاشيرة الهروب من تحديات كان الاجدر به مواجهتها بدل الهروب والترنح ما بين غدا تتحكم فيه اعتباطات القدر وماض رغم قتامته الي انه كان بالامكان تحويله الي مستقبل مشرق له وللصغار القادمين .
نتيجة لكمية الاحباط الذي سببته سياسات دولة المؤتمر الوطني الفاشله بكل ما تحمله كلمة فشل من معني، دخل بعض الشباب –واصر علي كلمة بعض- في دوامه من التيه قتلت في دواخلهم الإرادة والايمان بالتغير والتتطلع الي واقع افضل وهم قلة، اما نحن الذين ما ذلنا نتمسك ببناء وطن خير ديمقراطي وطن حدادي مدادي وطن ما بنبنيه فرادي ولا بالضجة في الرادي ولا الخطب الحماسية بل بإيماننا بإرادة الشعوب، والتحية للشاعر محجوب شريف معلم الشعب السوداني الاول، سائلين الله له الصحة والعافية، فها هي شرارات الثورة التي بدات تضرم في هشيم دولة المؤتمر الوطني لتحيلهم الي مذبلة التاريخ .
التحية لكل الذين خرجوا جهارا نهارا في وجه السلطة ايمانا بالثورة والتغير في جمعة الكتاحة، والتحية ايضا لمجموعة شباب عطالة التي تتبني نهج الاعتصامات للمطالبة بحقوق الخريجين وهم ماذلوا ينظمون وقفاتهم الاحتجاجية امام مبني لجنة الاختيار تلك المؤسسة الكاذبة في كل وعودها بتشغيل الخريجين، سنويا نطالع اعلان بفرص تشغيل 5000 خريج وخريجة ولا نجني غير السراب، والكل ماذل عاطل بإمتياذ من تلك المؤسسة وإمتياذ شهادته الجامعية .
ايها الشباب السوداني لا خيار عندنا سوي الوقوف في حد السيف فلا خيار امامنا غير التغير فقد سئمنا الوعود الزائفة التي ظل يطلقها هذا النظام فقد اصبح حجم الخريجين العاطلين عن العمل شيء لا يصدق، حجم بائعات الشاي من النساء علي الطرقات اكثر من الذين في بيوتهم، الاف المشردين من الاطفال القصر علي الطرقات يلتحفون الارض ويفترشون السماء، اعدد من العجزة والمسنين يتسولون لقمة العيش، من لهؤلا غيرنا نحن الشباب الواعي المدرك المتعلم، ولكم مني كل التحايا .
عدو اللصوص
[email protected]