السودان يواجه خطر «تناسل الاستفتاء» على أرضه
مع اقتراب الاستحقاق الفاصل في السودان – أقل من 50 يوماً – تتزايد التوقعات والتحليلات الأميركية، بخصوص تداعياته المحتملة، الداخلية منها والإقليمية. المشترك بينها، أنها تتقاطع عند رسم صورة شاحبة، مفتوحة على المجهول.
وما يثير المخاوف أكثر أن بعضها حمل، في الأيام الأخيرة، إشارات وتحدث عن احتمالات؛ ربما يهون أمر استفتاء الجنوب، على خطورته وفداحته، بالمقارنة معها. الأكثر تهديداً وفتكاً من بينها، تلك التي لا تستبعد، ولو مواربة؛ انتقال عدوى الانفصال الجنوبي إلى أجزاء أخرى مضطربة من السودان.
وتزعم تقارير ميدانية، أن مثل هذا الاحتمال متداول لدى أوساط سودانية. لكن المعروف أن عبارة وحدة السودان، غير متداولة في واشنطن. الشعار المعمول به الآن، أن الاستفتاء «لا بدّ وأن يعكس رغبة الشعب». شعار يبقى جاهزاً لإسقاطه على غير الجنوب، لاحقاً، إذا أريد لخيار الاستفتاء أن يتناسل على أرض السودان.
بالرغم من الاعتراف بأن التحضيرات، اللوجستية والأمنية والسياسية، من المتعذر استكمالها خلال الفترة المتبقية؛ إلاّ أن واشنطن تتعامل مع الاستفتاء واستطراداً مع الانفصال، على أنه أمر واقع. ولذا ينصبّ التركيز، في التقارير والتحليلات المتزايدة في وسائل الإعلام وبعض مراكز الأبحاث- آخرها ندوة في مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية بواشنطن – على المرحلة اللاحقة للحدث. أسئلة كثيرة مطروحة ومفتوحة على أكثر من احتمال. على رأسها اثنان: هل يجري الاستفتاء في موعده ؟ وهل يمر بسلاسة وهدوء ؟
الاعتقاد السائد أن التأجيل غير وارد، بزعم أن الجنوبيين يرفضون البحث في هذا الأمر. لكن الصحيح أيضاً أن واشنطن ليست أقل إصراراً على حصوله في وقته.
وإذا كان السائد أيضاً، أن الخرطوم تسير باتجاه القبول بنتائج الاستفتاء؛ إلا أن المخاوف كثيرة بالنسبة للفترة التي تلي. وبالتحديد خلال المدة الانتقالية الممتدة إلى منتصف العام القادم.
المشكلات المرشحة لتبقى عالقة، شائكة وملغومة. خاصة قضية الحدود ومنطقة أبيي؛ التي تردّد أنه ربما طرحت صيغة خاصة بها، لتعطيل فتيل تفجيرها؛ تقوم على تأجيل استفتائها. لكن ذلك قد لا يتحقق إلاّ من ضمن صفقة تفاهم أوسع.
ومن الملفت أن الحديث عن تداعيات سلبية متوقعة للعملية، لا يقتصر على الجنوب وعلاقاته القادمة الصعبة مع الشمال؛ بل يطال هذا الأخير أيضاً. السيناريوات المحتملة بخصوصه، مقلقة. منها أنه « قد يتجه نحو إعادة تشكيل وضعه، من جديد».
فانسلاخ الجنوب «ربما يؤدّي إلى تعزيز اللحمة والوحدة في الشمال بقدر ما قد يؤدي إلى خلخلتها وتفكيكها وإطلاق موجة من الحالات الانفصالية»، حسب ما جاء في تقرير «مركز الدراسات الدولية».
وفي هذا السياق جاءت الإشارة إلى دارفور، باعتبارها الملف التالي المرشح للحلول مكان الجنوب « حيث بدأ البعض يتحدث عن طرح الاستفتاء هناك أيضاً» . عملية فصل جنوب السودان، باتت على عتبة التنفيذ. التحدي الجديد أن لا يستمر مقصّ التقسيم في تقطيع أوصال هذا البلد وإغراقه في حمامات حروب أهلية، لا أفق لها ولا سقف.
واشنطن – فكتور شلهوب