تعهد مساعد رئيس السوداني إبراهيم غندور، يوم الإثنين، بإزالة كل المعوقات التي تواجه الممارسات الصحفية بالسودان وأكد إلتزام الدولة بإنفاذ مخرجات وتوصيات ورشة الصحافة، المنعقدة ضمن تحضيرات مؤتمر قضايا الإعلام الذي دعت له الحكومة.
وتعاني الصحافة السودانية من تغول السلطات الأمنية للحد الذي يصل في كثير من الأحيان لمراقبة رجال الأمن القبلية للصحف.
ورغم توقف الرقابة القبلية، إلا إن جهاز الأمن دائما ما يعمد إلى مصادرة الصحف من المطبعة والذهاب بالنسخ إلى مكان مجهول، مطبقا عقوبة مذدوجة بالخسائر المادية والمعنوية.
وقال غندور لدى مخاطبته بمجلس الوزراء الجلسة الإفتتاحية لورشة الصحافة يوم الإثنين، إن الصحافة لها دور مهم وكبير إنطلاقاً من كونها تمثل السلطة الرابعة، واعترف بأن الصحافة تظل الأكثر تأثيراً بالرغم من محدودية قرائها.
وانخفض، توزيع الصحف السياسية، البالغة 20 صحيفة، باكثر من 50% في العام 2013 مقارنة بتوزيعها العام 2012، بينما توقفت 12 صحيفة عن الصدور خلال العام الماضي.
وأقر الأمين العام لاتحاد الصحافيين السودانيين الفاتح السيد، بأن كثرة أوامر حظر النشر بجانب عوامل إقتصادية تعيق توزيع الصحف، وساهمت في تقلص التوزيع بأكثر من 50%.
وتستغل الأجهزة الأمنية سلطاتها في إصدار أوامر حظر النشر، وتلقت الصحف السودانية خلال شهر مايو المنصرم لوحده، أربعة أوامر بحظر النشر في قضايا رأي عام تمثل محيطا حيويا لعمل الصحفيين في الأخبار والتقارير، منها قضية الفساد في مكتب والي الخرطوم.
كما حظرت النيابة النشر قضية وكيل وزارة العدل عصام عبد القادر بعد نشر تقارير بامتلاكه قطع أراضٍ بالخرطوم يفوق سعرها 30 مليون جنيه سوداني إبان توليه منصب مدير عام الأراضي، بجانب حظر النشر في قضيتي تعليق صدور صحيفة “الصيحة” واعتقال رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي.
مسؤوليات الحكومة
ووصف مساعد الرئيس ورشة الصحافة بأنها مهمة لمسيرة الحركة السياسية قبل أن تكون مهمة في مسيرة الصحافة، قائلا “نحن موعودون بنهضة صحافية كبيرة بالبلاد”، وأبان أن الدولة لديها مسؤولية تجاه الصحافة تتمثل في توفير البيئة والحرية داعياً إلى ممارسة هذه الحرية بمسؤولية.
ورغم وعود السياسيين المتكررة بالعمل على توفير أجواء الحريات المساعدة على نهضة الصحافة، لكن الإرادة السياسية دائما ما تتراجع عن وعود اتاحة الحريات.
وتوعد وزير الإعلام أحمد بلال أمام البرلمان الشهر الماضي بتعليق صدور كافة الصحف التي تتجاوز “الخطوط الحمراء”، وقال “أوقفنا (الصيحة) وسنوقف غيرها.. ما في حرية مطلقة”، وهو الحديث الذي آثار ردود فعل عاصفة حينها في الوسط الصحفي وداخل الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي ينتمي إليه بلال.
وكان مدير جهاز الأمن السوداني الفريق مدال عطا أغلق الشهر الماضي صحيفة “الصيحة”، الحديثة الصدور والمملوكة للطيب مصطفى خال الرئيس عمر البشير، لنشرها وثائق تمس شخصيات مرموقة في البلد.
وأكد غندور وجود “إشكالات كبيرة” تواجه الناشرين من حيث تكلفة الطباعة ومدخلاتها وتناقص الإعلانات، وقال إن تقوية دور الصحافة لا يتم إلا بتدريب الصحفيين وتأهيلهم، وطالب بالمزاوجة بين المهنية والمسؤولية.
وتحتكر شركة حكومية الإعلان الحكومي، الذي يمثل عصب الإعلان، إذ تعتمد عليه الصحف في إيراداتها، ويتهم صحفيون الحكومة بتوزيع إعلاناتها وفقا لدرجة رضاها عن السياسة التحريرية للصحف.
وقال غندور “لابد أن يكون الفيصل في الممارسة الصحفية هو تطبيق القانون والإحتكام إليه”، وتابع “إن أولى الناس بمناقشة قانون الصحافة هم الصحفيون أنفسهم”.
توصيات الورشة
وأوصت ورشة الصحافة بكفالة حرية الصحافة لتمارس دورها بمسؤولية تجاه القضايا الوطنية ومراجعة تكوين مجلس الصحافة ليصبح مجلسا مهنيا والعمل على تعديل قانون الصحافة ليستوعب كافة المستجدات والنظر في خفض الرسوم والضرائب المفروضة على الصحافة.
ودعت الورشة الى تحديد نطاق العقوبات في مجال النشر والتأكيد على المرجعية القانونية لمبادئ السلوك المنصوص عليها في المادة 26 من قانون الصحافة مع تحديد معايير الصدق والنزاهة.
كما اوصت بضرورة إجازة قانون حق الحصول على المعلومات لتمكين الإعلاميين من الوقوف على الأداء في أجهزة الدولة المختلفة.
وأكدت أهمية وضع هيكل وظيفي وشروط خدمة للصحف وجعلها شرط أساسي لمنح التصديق لممارسة مهنة الصحافة بجانب انشاء مؤسسات متخصصة لتدريب وتأهيل الصحفيين وفق المعايير العلمية الحديثة، ووضع ميثاق شرف صحفي يحفظ القيم المهنية للصحافة يلتزم به الصحفيون.
وأوصت الورشة بالغاء الرسوم الجمركية على الورق ومدخلات الإنتاج وقطع غيار المطابع والقيمة المضافة على الإعلانات وخفض تكلفة سعر الكهرباء على المطابع بجانب إصدار قانون شامل وموحد يحفظ حقوق الناشرين والوكلاء والعمل على تطوير شركة أقمار التابعة لوزارة الإعلام بما يضمن حقوق المعلنين وتحقيق العدالة في توزيع الإعلان على الصحف وفق ميزاتها النسبية.
ودعت الورشة الى تدريب وكلاء توزيع الصحف علميا وعمليا وبحث امكانية تمويل الدولة لمجلس الصحافة مع الزامها بخفض رسوم الإصدار والتجديد للصحف واتخاذ الإجراءات الكفيلة بدمج المؤسسات الصحفية في مؤسسات ذات قدرات إقتصادية ومهنية لها القدرة على التنافس والخروج من الإطار المحلي للإطار الاقليمي.