السودان يدفع ثمناً باهظاً للخصخصة..مليار دولار سنوياً للخارج لقطاع الأتصالات

القطاع المصرفي يسير في نفس الطريق..والاستثمارات الزراعية تآخذ منحى يدعو الى القلق
ما تشهده الاسواق المالية في السودان من انخفاض في اسعار صرف الجنيه السوداني مقابل الدولار والعملات الحرة الاخرى ما هو إلاّ انعكاس لزيادة صادرات البلاد من العملات الحرة نتيجة لتحويلات المستثمرين والعمالة الاجنبية، تقديرات آثار الخصخصة وسياسات الاقتصاد الحر في الظهور بعد الكثير من عشرين عاماً حيث لم تضف الاستثمارات المختلفة الكثير للاقتصاد السوداني لان معظمها في قطاعات الخدمات مثل قطاع الاتصالات الذي يصدر نحو مليار دولار سنوياً للخارج لقد دفع السودان واقتصاده ثمناً باهظاً لخصخصة هذا القطاع. والقطاع المصرفي في طريقه للحاق بهذا القطاع بعد خصخصة بنك الخرطوم ودخول عدد في فروع البنوك الاجنبية.
لقد عمل قطاع البترول على التخفيف من هذه السياسات منذ بداية صادره قبل عشر سنوات ودخوله في تمويل الموازنة من العملات المحلية والاجنبية، كما ان الشركات المساهمة في هذا القطاع تآخذ نصيبها عيناً مقارنة بالقطاعات الاستثمارية الاخرى خاصة في قطاع الخدمات.
الاتجاه الهبوطي للجنيه السوداني في مقابل الدولار وغيره اتجاه اقتصادي صرف يجب تشجيع المزيد من الانخفاض للجنيه فان هذا من شأنه الحد من استنزاف موارد البلاد من العملات الصعبة، وفي هذا الصدد لا بد من زيادة الاصدار النقدي الجديد (Fiduciary issue) في مقابل تخفيف شهادات شهامة وغيرها من الصكوك المالية الحكومية حيث ان اضرار هذه الصكوك المكلفة مالياً واقتصادياً أكثر من نفعها.
بدأت الاستثمارات الزراعية تآخذ منحى يدعو الى القلق ذلك ما تواتر من انباء من دخول شركات صينية في شراكات استثمارية زراعية في مشروع الجزيرة وما يتطليه ذلك من استقدام الآلاف من العمالة الفنية وما يمكن ان يتيح من ذلك من تفجير نقلة بيولوجية وسكانية اجنبية في منطقة الجزيرة لا يعرف أحد انعكاساتها السكانية والاجتماعية والدينية والتي بلا شك ستقضي على كل الفوائد الاقتصادية التي يمكن ان تنتج من هذه الشراكة وخيمة العواقب والتي لم تخضع للدراسة الاجتماعية والاقتصادية الواقعية (Feasibility study) وانما على شعارات اقتصادية وسياسية في اغلبها بما يتطلب التراجع عن هذه الشراكة من هذا النوع لانشاء مستعمرات اقتصادية زراعية مع بعض الدول فيجب ان تنشأ في جيوب منعزلة عن التجمعات السكانية لاحتواء آثارها بقدر الامكان.
كما انه من المفيد ترشيد الاستثمارات الزراعية خاصة وان حصة السودان من موارد المياه محدودة وهي بالكاد تكفي مشاريعه القائمة حالياً من ان مشاريع الجزيرة والرهد وحلفا هي مشاريع اعاشية أكثر منها استثمارية فيجب تركها وشأنها وابعادها من لعبة الاستثمار والسياسة.

تقرير : عادل عبد المنعم
الرأي العام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *