السودان: ملاسنات حادة بين “الأمة” و”الشعبي” في مؤتمر جوبا.. أحزاب سودانية كبرى تهدد بمقاطعة الانتخابات
الخرطوم-فتحي العرضي-القاهرة-وكالات:
هددت احزاب سياسية سودانية كبرى أمس الاربعاء بمقاطعة اول انتخابات ستشهدها البلاد منذ اكثر من عشرين عاما إذا لم ينفذ الرئيس عمر البشير سلسلة اصلاحات ويضع حدا للنزاع في اقليم دارفور. ودعا ممثلو عشرين حزبا الى “تعديل كل القوانين المرتبطة بالحريات والتحول الديمقراطي” في السودان بما ينسجم مع الدستور الانتقالي.
وبعد 21 عاما من الحرب الاهلية، وقعت الحركة الشعبية لتحرير السودان وهي حركة تمرد جنوبية سابقة تشارك اليوم في حكومة وحدة وطنية، وحزب المؤتمر الوطني الحاكم برئاسة البشير العام 2005 اتفاق سلام شاملا اقر دستورا انتقاليا.
وتعتبر هذه الاحزاب ان هذا الدستور يتعارض مع قوانين لا تزال مطبقة وتتصل خصوصا باحترام الحريات الفردية اضافة الى سلطة اجهزة الاستخبارات. واكد ممثلو الاحزاب ان “تعديل هذه القوانين ينبغي ان يتم قبل 30 تشرين الثاني/نوفمبر، وان يشكل شرطا لمشاركة كل الاحزاب السياسية” في الانتخابات العامة (تشريعية ورئاسية ومحلية) المقررة في نيسان/ابريل 2010، وهي الاولى منذ العام 1986 في اكبر بلد افريقي لجهة المساحة.
كذلك، طالب “اعلان جوبا حول الحوار والتفاهم الوطني” الذي وقعته الاحزاب، بالتوافق حول نتائج الاحصاء المشكوك فيها وهو الاحصاء الممهد لتحديد الدوائر الانتخابية، كما طالب بانهاء النزاع في منطقة دارفور التي تشهد حربا اهلية منذ 2003 كشرط مسبق للمشاركة في الانتخابات. وقال باغان اموم الامين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان لوكالة فرانس برس “انه انتصار للسودان. للمرة الاولى في تاريخنا توصلنا الى تفاهم”. وجاء كلامه اثر المؤتمر الذي ضم بالخصوص في جوبا بجنوب السودان رئيس الوزراء السوداني السابق الصادق المهدي الذي يتراس حزب الامة والمعارض الاسلامي حسن الترابي.
وتبنت هذه الاحزاب مواقف مشتركة من القضايا الكبرى في البلاد غير انها لم تجعل من قبولها شرطا للمشاركة في الانتخابات. ويطالب الاعلان الرئيس البشير بتشكيل لجنة “حقيقة ومصالحة” تكلف بالتحقيق في “مجمل الانتهاكات والفظائع” المرتكبة منذ استقلال السودان في 1956. وصدرت بحق البشير منذ آذار/مارس الماضي مذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في دارفور، حيث تشير تقديرات الامم المتحدة الى مقتل 300 الف شخص في النزاع في حين تقول السلطات السودانية ان ضحاياه يبلغ عددهم عشرة آلاف قتيل. ودون ان تدعم المحكمة الجنائية الدولية بشكل مباشر، اكدت الاحزاب المشاركة في المؤتمر عدم تسامحها التام ازاء غياب العقاب، وان على المسؤولين عن جرائم الحرب ان يمثلوا امام محكمة “مستقلة”. كما ايدت الاحزاب السودانية فكرة اعتماد الاغلبية البسيطة (50 بالمائة زائد صوت واحد) كقاعدة لاعلان استقلال جنوب السودان اثناء الاستفتاء المقرر تنظيمه في كانون الثاني/يناير 2011 بشأن هذه المسألة الشائكة وذلك بعكس نسبة 75 بالمائة التي يتبناها حاليا الحزب الحاكم في السودان. وسيتم بحث مجمل هذه القضايا مع عودة النشاط البرلماني المقرر في الخامس من تشرين الاول/اكتوبر. ويملك حزب المؤتمر الوطني الحاكم 52 بالمائة من مقاعد البرلمان في حين تملك الحركة الشعبية 28 بالمائة من المقاعد وتتقاسم الاحزاب الاخرى العشرين بالمائة الباقية.
وقد شهدت أعمال مؤتمر جوبا بالسودان ملاسنات وخلافات حادة في يومه الثالث أمس بين حزبي الأمة القومي بزعامة الصادق المهدي والمؤتمر الشعبي بقيادة الدكتور حسن الترابي وبعض الأحزاب المعارضة حول المشاركة في الانتخابات المقبلة أو مقاطعتها تحول بموجبها إلى أركان نقاش أشبه بالصراعات الطلابية التي تدور بالجامعات السودانية تسبب في اختتام المؤتمر بعاصمة الجنوب.غيران وصال المهدي زوجة الترابي نفت وجود أي ملاسنات بين الحزبين؛وقالت ليس هناك مبررا للخلافات والملاسنات لان المؤتمر تجمع لتوحيد جهود الأحزاب السودانية لمجابهة الحكومة.
إلى ذلك أكد عبد الرحمن إبراهيم الخليفة عضو مفاوضات /نيفاشا/ بين الحكومة والحركة الشعبية مجدداً التزام الحكومة بتنفيذ اتفاقية السلام وفق نصوص الاتفاقية والقوانين التي تحكمها.وقال الخليفة في حوار مع وكالة السودان للأنباء إن الاتفاقية
جاءت نتاج تفاوض لم يكن سهلاً ومثلت الجداول التطبيقية الجزء الأكبر تعقيداً وقد ظهرت بعض الإشكالات عند الممارسة العملية وتطبيق بعض النصوص ولكن تم الاتفاق على ذلك وتم تنفيذ الجزء الأكبر ولم يتبق إلا القليل. ورداً على سؤال حول الآراء التي تثار تارة حول الانتخابات والاستفتاء قال إن هناك شداً وجذباً من أحد الأطراف في الاتفاقية /الحركة الشعبية/ لتحقيق بعض المكاسب وفق تصورها وليس وفق منطوق أو مدلول الاتفاقية. وحول دور مؤسسات مراقبة الاتفاقية ..قال إن الاتفاقية أعقبها خلق آليات للوصول لاتفاق أو حلول حول أي أمر خلافي ..مؤكداً التزام المؤتمر الوطني بتنفيذ القوانين والحوار داخل الأطر والآليات التي تم الاتفاق عليها. وحول قرار أمريكا الشريك في الآلية الثلاثية لتنفيذ اتفاق السلام برفع العقوبات المفروضة على السودان عن الجنوب دون الشمال ..قال إن أمريكا هي إحدى الدول الراعية للاتفاقية وسياستها تجاه السودان تحكمها أجندة خاصة بها. وفيما كشفت الحكومة السودانية عن مؤتمر دولي خاص بدعم دارفور سيعقد بشرم الشيخ في مصر عقب حل مشكلة الإقليم والذي توقعت له نهاية العام.أعلنت منظمة العفو الدولية أمس أن النساء اللائي هربن من أعمال العنف في الإقليم يتعرضن بشكل منتظم لاغتصاب في مخيمات اللاجئين في تشاد المجاورة على الرغم من وجود قوات دربتها الأمم المتحدة.ونشرت المنظمة تقريرا يقول إن الشرطة التشادية المدعومة من الأمم المتحدة لم تفعل شيئا يذكر لحماية النساء والفتيات من الاعتداءات الجنسية وأعمال العنف الأخرى من قبل قرويين وجنود وعائلات وفي بعض الأحيان من موظفي إغاثة.وأبلغ متحدث باسم بعثة “منيوركات” التابعة للأمم المتحدة في تشاد وكالة أنباء (رويترز) أنه توجد بعض التقارير عن تعرض نساء لاعتداءات معظمها خارج المخيمات ولكنه دافع عن الشرطة وقال إن الوضع الأمني يتحسن في المنطقة.وقالت تواندا هوندورا نائبة مدير برنامج أفريقيا في منظمة العفو الدولية “تلك النساء هربن من دارفور على أمل أن يمنحهن المجتمع الدولي والسلطات التشادية قدرا ما من الأمان والحماية.”ثبت أن هذه الحماية بعيدة المنال ومازلن يتعرضن لاعتداء.” وقالت المنظمة إن أكثر من 142 ألف امرأة وفتاة هربن من الصراع الدائر بالإقليم منذ ست سنوات للاحتماء في 12 مخيما داخل حدود تشاد.