السودان: مقتل 6 في اشتباكات بين عناصر وحدة تابعة لقوات مشتركة بين الشمال والجنوب
المتحدث باسم الجيش الشعبي لـالشرق الأوسط»: نتخوف من تكرار مثل هذه العمليات
لندن: مصطفى سري
كشفت مصادر مطلعة في جنوب السودان لـ«الشرق الأوسط» عن مقتل ستة أشخاص منهم اثنان من الجيش السوداني وأربعة مدنيين بينهم طفلان، إثر اندلاع معارك بين جنود من القوات المسلحة السودانية التي تعمل ضمن القوات المشتركة والمدمجة مع الجيش الشعبي (جيش جنوب السودان) في مدينة ملكال بولاية أعالي النيل خلال عملية فك الارتباط للقوة المشتركة، في وقت عبر جيش الجنوب عن تخوفه من تكرار الاشتباكات داخل القوات المسلحة ضمن الوحدات المشتركة بسبب أن غالب الجنود من الجنوبيين. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي من ملكال إن قتالا بدأ بين جنود في وحدة عسكرية يتبعون للجيش السوداني في مدينة ملكال مساء أول من أمس استمر حتى الثانية عشرة من ظهر أمس، وأضافت المصادر أن السبب في اندلاع تلك المعارك والتي أدت إلى مقتل ستة أشخاص منهم جنديان وأربعة مواطنين رفض جنود جلهم من الجنوبيين يتبعون القوات المسلحة السودانية من الانتقال إلى شمال السودان، مشيرة إلى أن الجنود الجنوبيين هم من الميليشيات التي تتبع للقائد قبريال تانغ الذي يعمل مع الجيش السوداني وكانوا يعملون مع القوات المشتركة بين الجيش الشعبي والقوات المسلحة السودانية ضمن اتفاق الترتيبات الأمنية، وأضافت المصادر أن أسلحة ثقيلة من مدافع الهاون والرشاشات قد استخدمت في القتال، وقالت المصادر إن مجلس الدفاع المشترك كان قد قرر الأسبوع الماضي إعادة انتشار القوات المشتركة وفصلها عن بعضها البعض بحيث تعود إلى جيشها الأصلي جنوبا وشمالا قبل إعلان استقلال جنوب السودان في يوليو (تموز) المقبل. وقالت المصادر إن القتال بدأ في الليلة قبل الماضية انتهت في الساعة الثانية عشرة من ظهر أمس، وأضافت أن ستة قتلوا في تلك المعارك الدامية منهم اثنان من الجيش السوداني وأربعة مدنيين من بينهم طفلان صغيران، وقالت إن الجنود التابعين للواء قبريال تانغ – قائد ميليشيا تم استيعابها ضمن القوات الحكومية بعد اتفاقية السلام وكانت تعمل ضمن القوات المشتركة المدمجة مع الجيش الشعبي – رفضوا التوجه نحو الشمال خلال إعادة الانتشار، وتابعت «أرادوا أن تبقى معهم الدبابات والأسلحة الثقيلة التابعة للقوات المسلحة السودانية ورفضوا أن يتم نزع سلاحهم، وهم أصلا من جنوب السودان». من جهته، قال المتحدث الرسمي باسم الجيش الشعبي اللواء فيليب اقوير لـ«الشرق الأوسط» إن جيش الجنوب لا دخل له في المعارك التي دارت في ملكال، لكنه عبر عن تخوفه من تكرارها في مناطق أخرى، وأضاف أن القوات المسلحة التي تعمل ضمن القوات المشتركة المدمجة مع الجيش الشعبي بدأت الانسحاب من الجنوب تنفيذا لقرار مجلس الدفاع المشترك الأسبوع الماضي بفك الارتباط بين القوات المشتركة قبل إعلان استقلال جنوب السودان في يوليو (تموز) المقبل. وقال «القوات التي تعمل ضمن الوحدات المشتركة المدمجة يجب أن تسحب أسلحتها وآلياتها الثقيلة وفق القانون واتفاقية الترتيبات الأمنية»، وأضاف أن القوات التابعة للواء قبريال تانغ الذي كان يقود ميليشيا تتبع للخرطوم وأدخلت في القوات المشتركة في أعالي النيل رفضت تسليم أسلحتها وطالبت بإبقاء الأسلحة الثقيلة من دبابات وآليات كما رفضوا الانتقال للخرطوم ضمن القوات المسلحة التي كانوا يعملون تحت إمرتها. وتابع «كان عليهم أن يذهبوا إلى الشمال لصرف استحقاقاتهم من القيادة العامة في الخرطوم ليتم تسريحهم وبعد ذلك يعودون إلى الجنوب والباب مفتوح لهم بالانضمام إلى الجيش الشعبي أو الخدمة المدنية». وقال إن إصرار تانغ وقواته بإبقاء الأسلحة الثقيلة معهم خطأ كبير لأن الأسلحة تتبع القوات المسلحة. وكشف اقوير عن وساطة يقوم بها نائب رئيس هيئة الأركان في جيش الجنوب اللواء ولسون دينق بين القوات المسلحة ومجموعة قبريال تانغ لإنهاء الاحتقان وعودة الهدوء من جديد في ملكال، وقال «نحن لا نريد أي معارك في الجنوب ويجب أن يتم وقف هذا القتال فورا وعودة الهدوء لأن مثل هذه المعارك تضر بمصالح المواطنين»، لكنه حمل القوات المسلحة مسؤولية ما حدث بسبب رفضها أن يكون جنودها في القوات المشتركة من أبناء الشمال في الجيش السوداني. وقال «منذ توقيع اتفاقية السلام وتشكيل القوات المشتركة طلبنا من الخرطوم أن يرسلوا جنودا شماليين وليس جنوبيين في القوات المشتركة التي تم نشرها في الجنوب». وأضاف أن القوات المسلحة بإرسالها جنودا جنوبيين ضمن قواتها في الوحدات المشتركة خلقت مشكلات عديدة أغلبها وقع في أعالي النيل خلال الفترة من 2006 وحتى اليوم. وتابع «هذا درس لمجلس الدفاع المشترك في كيفية التعامل مع بقية الوحدات المشتركة عند إعادة انتشارها ونحن نتخوف من ذلك ونتمنى أن لا تتكرر في الوحدات الأخرى».
وكان اللواء قبريال تانغ قد وقع اتفاقا مع حكومة الجنوب في سبتمبر (أيلول) الماضي خلال جلسات الحوار الجنوبي – الجنوبي، وقد أصدر رئيس حكومة الجنوب سلفا كير ميارديت عفوا عاما عن كل الذين حملوا السلاح ضد حكومته قبيل إجراء الاستفتاء في يناير (كانون الثاني) الماضي والذي صوت فيه غالب الجنوبيين لصالح الانفصال.