السودان: مؤتمر المصالحة الجنوبي ـ الجنوبي يؤجل إعلان توصياته بسبب خلافات
مصادر جنوبية لـ «الشرق الأوسط»: أصوات في مؤتمر جوبا دعت إلى تأجيل استفتاء أبيي
لندن: مصطفى سري
تم تأجيل تلاوة توصيات مؤتمر المصالحة الجنوبي – الجنوبي، في عاصمة جنوب السودان، جوبا، للمرة الثالثة لإحكام الصياغة، بينما أشارت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إلى وجود بعض الخلافات حول مدة الفترة الانتقالية التي ستعقب الانفصال إذا صوت الجنوبيون لصالحه، في استفتاء تقرير المصير في يناير (كانون الثاني) المقبل.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن تلاوة توصيات مؤتمر الحوار الجنوبي كان يفترض إجازتها أول من أمس، الجمعة، وتم تأجيلها إلى أمس، السبت، وبعد حضور الجميع تم تأجيل تلاوة التوصيات والبيان الختامي إلى اليوم، الأحد. ويدور مؤتمر لكافة الفصائل الجنوبية الحاكمة والمعارضة منذ أيام من أجل المصالحة، بينهم قادة كبار رفعوا السلاح في وجه الحركة الشعبية الحاكمة.
وأضافت المصادر أن أسباب التأجيل هي أن اللجنة المعنية بصياغة التوصيات لم تفرغ، لكنها أشارت إلى وجود خلافات حول مدة الفترة الانتقالية ما بين ستة أشهر إلى ثمانية عشر شهرا وأن الرأي الغالب يتجه نحو ستة أشهر بعد إجراء الاستفتاء لتشكيل حكومة انتقالية ذات قاعدة عريضة من الأحزاب السياسية تشارك الحركة الشعبية في الجنوب في حال اختيار الانفصال لتقوم بوضع دستور جديد وترتب لإجراء انتخابات للمرحلة القادمة. واتفق المؤتمرون على عقد مؤتمر آخر بعد نتيجة الاستفتاء لترتيب الأوضاع في الجنوب، خصوصا في حال اختيار الانفصال وهو الغالب.
ومن الملامح العامة التي حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصادرها حول التوصيات إجراء الاستفتاء بحرية ونزاهة وشفافية في موعده في الجنوب وأبيي، وتأمين إجراء الاستفتاء وحمايته في مناخ ديمقراطي حر، وأن تتوفر الحرية الكاملة لدى دعاة الوحدة والانفصال في الجنوب والشمال عند بدء عملية التعبئة للاستفتاء دون حجر على أحد.
وكشف القيادي البارز في المؤتمر الشعبي بزعامة حسن الترابي، عبد الله دينق نيال، لـ«الشرق الأوسط» عن بروز بعض الأصوات في المؤتمر طالبت إلى إبعاد استفتاء أبيي عن استفتاء الجنوب المتزامن معه حتى لا يؤثر على الاستفتاء الرئيسي في الجنوب، لكنه قال إن الخلاف تم حسمه بأن يتم إجراء الاستفتاءين في تزامن كما نصت الاتفاقية، معتبرا أن تلك الأصوات قلقة من أن يعرقل استفتاء أبيي على الجنوب أو يعود بالسودان إلى الحرب مجددا، وتابع: «تلك الأصوات ليست مؤثرة ولكنها عبرت عن قلقها وتخوفها من عرقلة الاستفتاء في الجنوب»، مؤكدا أن المؤتمرين اختلفوا في مدة الفترة الانتقالية ما بين ستة أشهر، وفق ما نصت عليه الاتفاقية، وأن آخرين دعوا إلى ثمانية عشر شهرا، مشيرا أن الخلاف كان وسط اللجنة المعنية حول قضية ما بعد الاستفتاء، وقال: «يبدو أن الحركة الشعبية لديها رأي آخر في قضية الفترة الانتقالية، وعلينا أن ننتظر توصيات اللجنة حتى نستبين ما تم التوصل إليه»، معتبرا أن أهم إنجازات المؤتمر إجراء المصالحة بين الأطراف الجنوبية، وبخاصة التي حملت السلاح ضد حكومة الجنوب في الفترة الأخيرة أمثال غبريال تانج الذي حضر وشارك في المؤتمر، والجنرال جورج أتور الذي خاطب المؤتمرين، أول من أمس، عبر الهاتف ورحب بما سيخرج به، وأضاف: «الجميع أشاد بخطوة رئيس حكومة الجنوب في عقد المصالحة وإصدار قرار العفو العام وهذه روح طيبة ومهمة في هذا الوقت»، مشيرا إلى أن موقف حزبه الترحيب بقرار العفو العام الذي أصدره سلفا كير، والدعوة إلى إجراء الحوار عبر المؤتمر الذي انعقد، وأضاف أن حزبه يقف مع تحقيق الوحدة الجاذبة والطوعية لكنه يقبل بنتيجة الاستفتاء أيا كانت، على أن يتم إجراؤها بحرية ونزاهة وعدالة وشفافية، مشيرا إلى أن أصواتا برزت إلى ترك مواعيد إجراء الاستفتاء إلى المفوضية الخاصة بالاستفتاء، لكنه قال إن الجميع اتفق وبشدة على إجراء الاستفتاء في موعده دون أي تأخير.
من جهة أخرى استجابت قيادات انشقت عن حكومة الجنوب ووصلت إلى جوبا للقاء رئيسها سلفا كير ميارديت، أبرزهم غبريال تانج قائد ميليشيا من الميليشيات، وكان يعمل مع الجيش السوداني الذي سبق أن اتهمته حكومة الجنوب بقيادة معارك ضد الجيش الشعبي في ملكال عام 2008 وطالبت بمحاكمته، لكنه احتمى بالخرطوم إلى أن أصدر رئيس حكومة الجنوب سلفا كير قرارا بالعفو عن كل من حمل السلاح وتمرد ضد حكومته لأجل إنجاح مؤتمر الحوار الجنوبي.
ووصل تانج إلى جوبا للمشاركة في المؤتمر، معلنا فتح صفحة جديدة مع حكومة الجنوب عنوانها التعاون والعلاقات الجيدة لقيادة الجنوب لبر الأمان، مشددا على انتهاء الخلافات بين أبناء شعب الجنوب، داعيا الجنوبيين إلى الاستعداد للاستفتاء بروح التعاون ووحدة الصف، واعتبر وصوله إلى جوبا بداية لعلاقات قوية مع حكومة الجنوب، بينما أجرى الجنرال جورج أتور اتصالا هاتفيا على المؤتمرين أشاد فيه بقرار العفو ونجاح المؤتمر، ويتوقع أن يصل جوبا في أي لحظة.
إلى ذلك، قال الكاتب عصام عبد الفتاح، في تصريحات، إن الأجهزة الأمنية في السودان صادرت مجموعة الكتب الخاصة بدار نشر قاهرية، بسبب أنها تتناول حياة بعض المعارضين السودانيين، حيث منعت من الظهور في معرض الخرطوم الدولي للكتاب خلال دورته الخامسة، وأضاف أنه فوجئ بهذا القرار من قبل أجهزة الأمن السودانية، مشيرا إلى أن تلك المصادرة تمثل انتهاكا صارخا للرؤى والأفكار المختلفة وضد حرية التعبير.