الخرطوم تحصل على كشوف تسجيل الناخبين في الاستفتاء بعد طول تأخير
الخرطوم: فايز الشيخ
يبحث شريكا الحكم في السودان، بعد غد الأربعاء، بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، مقترحين أميركيين وآخر إثيوبيا حول منقطة أبيي، الغنية بالنفط، وسط خلافات بين مفاوضي الطرفين خلال اجتماعات تتواصل منذ عدة أيام، في وقت دعا فيه وزير النفط السوداني لإبعاد القطاع من الصراعات السياسية باعتباره قطاعا فنيا متخصصا، مع شروع السلطات المختصة في خطط تأمين حقول النفط وضمان استمراره مهما كانت نتيجة الاستفتاء، بينما أكد الرئيس البشير ضرورة اتفاق الشريكين والقوى السياسية على المصالح المشتركة ومراجعة الأوضاع الدستورية والترتيبات الإدارية.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن شريكي اتفاق السلام سيتوجهان للعاصمة الإثيوبية أديس أبابا للدخول في مفاوضات تعتبر «حاسمة» في ملف أبيي الغنية بالنفط، ويدرس الشريكان مقترحين من الإدارة الأميركية حول وضعية المنقطة، ومستحقي التصويت خلال استفتاء تقرير المصير للمنطقة، ويفترض أن يتزامن الاستحقاق مع استفتاء الجنوب، وتطرح واشنطن تقسيم المنطقة إلى أبيي الشمالية وأبيي الجنوبية، بينما يركز الاقتراح الثاني على عدم مشاركة قبيلة المسيرية في استفتاء أبيي مع منحهم الجنسية الجنوبية حال انفصال الجنوب، ومراعاة حقوقهم الطبيعية في المرعى والمسارات المتجهة جنوبا، في وقت أشارت فيه تقارير صحافية إلى مقترح إثيوبي حول المنطقة ذاتها، وفي السياق ذاته يقوم رئيس لجنة حكماء أفريقيا، ثامبو أمبيكي، بجولة مكوكية بين شريكي الحكم لردم هوة الخلافات بين مفاوضي الطرفين خلال اجتماعات بدأت في الخرطوم حول القضايا المرتبطة بتنفيذ اتفاق السلام وإجراء الاستفتاء في مواعيده المحددة، وينتظر أن تفرغ اللجنة السياسية المشتركة من اجتماعاتها خلال ساعات ورفع توصيات لمؤسسة الرئاسة، أو نقل القضايا إلى أديس أبابا. وقال أمبيكي، عقب لقائه مساعد الرئيس السوداني نافع علي نافع: «إن اجتماعات اديس أبابا بين شريكي السلام ستواصل مناقشة القضايا العالقة، وفى مقدمتها استفتاء منطقة أبيي وترسيم الحدود»، مشيرا إلى «الاتصالات واللقاءات التي عقدتها الآلية مع مختلف القيادات السودانية بهدف التنسيق وتقريب وجهات النظر وصولا إلى معالجة جميع القضايا المختلف عليها»، وعلى الصعيد ذاته، عقد رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي، جون كيري، مباحثات مع نائب الرئيس السوداني علي عثمان محمد طه، ركزت على القضايا ذاتها؛ حيث يقوم كيري بجولة بين الخرطوم وجوبا.
في غضون ذلك، أكد الرئيس عمر البشير أن «مسؤولية كبرى عن تبعات تقرير المصير ستظل ملقاة على عاتق الشريكين والقوى السياسية الأخرى للاتفاق على المصالح المشتركة ومراجعة الأوضاع الدستورية والترتيبات الإدارية، خاصة أن الفترة الانتقالية لا تنتهي بإجراء الاستفتاء في يناير (كانون الثاني) من العام المقبل وإنما تمتد حتى يوليو (تموز) من العام نفسه».
بينما شدد وزير النفط، لوال أشويل دينق، على ضرورة إبعاد قطاع النفط عن السياسة باعتباره قطاعا فنيا متخصصا، مشيرا إلى أن كل العقودات والاتفاقات السودانية المتعلقة بتقاسم الإنتاج مع الشركات جيدة. ودعا إلى تأمين حقول النفط وزيادة الإنتاج، معتبرا الشفافية مهمة لضمان استمرار العلاقة الجيدة بين الجهات كافة. وذهب وزير الدولة بالنفط، علي أحمد عثمان، في الاتجاه ذاته، فيما يتعلق بتأمين مناطق امتياز الشركات والديون. وكشف عن أنه طمأن المسؤولين الصينيين خلال زيارته إلى بكين قبل أيام بأن «نتائج الاستفتاء لن تؤثر على عمل الشركات». وطلب منهم بذل المزيد من الجهد لزيادة الإنتاج.. وكان الوزيران يخاطبان مجلسا استشاريا بولاية الوحدة، بحث الترتيبات المطلوبة لضمان استمرار إنتاج النفط قبل وأثناء عملية الاستفتاء وبعدها، وضرورة استمرار التعاون في المجال النفطي بغض النظر عن نتيجة الاستفتاء، مؤكدا استمرار الشركات في عملها باعتبار ذلك ضروريا للجميع، وبعث المسؤولون السودانيون برسائل تحذيرية حول الأضرار الناتجة عن توقف الإنتاج لأي سبب من الأسباب، واعتماد إعداد خطط لتلافي أي نوع من الانفلاتات التي يمكن أن تحدث.
من جهة أخرى، قالت مفوضية استفتاء خاص بجنوب السودان: إن المطابع سلمت مئات الآلاف من كشوف التسجيل الخاصة بالاستفتاء على انفصال الجنوب أمس، مما يزيل عقبة كبرى في طريق الاستعدادات المتأخرة للتصويت.
ومن المقرر أن يبدأ التصويت في 9 يناير 2011 في الاستفتاء الذي وعدت به اتفاقية السلام الشامل عام 2005 والتي أنهت عقودا من الحرب بين الشمال والجنوب.
وتأخرت الاستعدادات بدرجة كبيرة، وهناك مخاوف من تجدد الصراع بسبب هذه التأجيلات والمجادلات بشأن اقتسام إيرادات النفط الذي يستخرج من الجنوب وتنامي التوتر بين الشمال والجنوب بشأن التصويت.
وقال المتحدث باسم مفوضية تنظيم الاستفتاء، جمال محمد إبراهيم: إن المطابع في جنوب أفريقيا أرسلت إلى الخرطوم جوا أمس 500 ألف كشف لتسجيل الناخبين، وهو ما يكفي لتسجيل الناخبين الجنوبيين الذين يعيشون في ولايات الشمال الـ15. وأضاف أن ملايين أخرى ستصل قريبا إلى جوبا، عاصمة الجنوب.
وقال نائب رئيس المفوضية، تشان ريك مادوت، لـ«رويترز» من جوبا: «هذه خطوة عملاقة للأمام.. عندما توجد المواد يشعر الجميع بالثقة في أن هذه الأمور ستمضي قدما».
وأضاف أن المفوضية بدأت بالفعل تدريب الأطقم التي ستتولى التسجيل في الاستفتاء وأن المنظمين لا يزالون يأملون أن يبدأ التصويت في 9 يناير. وقال: «هذا أملنا وهذا هدفنا».