الخرطوم ـ ا ف ب: يواجه السودان المتفجر سياسيا ازمة نقص في الخبز الامر الذي اجبر سكان العاصمة الخرطوم الثلاثاء على الانتظار ساعات للحصول على الخبز وفي ذات الوقت تواجه البلاد نقصا في العملات الصعبة التي تستورد بها القمح من الخارج.
وقال خليفة حسن بله الذي ينتظر مع عشرة اخرين امام مخبز في منطقة الخرطوم بحري شمال العاصمة السودانية الخرطوم للحصول على الخبز مساء الاثنين ‘اذا استمر هذا الحال لن يظل الناس صامتون’.
وشاهد احد صحافيي فرانس برس حوالي عشرين شخصا يقفون في طابور امام احد المخابز بالخرطوم صباح الثلاثاء بعد ثلاثة ايام من بداية ازمة الخبز.
واكد محلل بان الحكومة تبدو مترددة في زيادة اسعار الخبز خوفا من المظاهرات المناهضة لها بعد ان ادى رفعها للدعم عن المنتجات البترولية في سبتمبر الماضي الى مظاهرات قتل فيها العشرات.
وقال فانوس ‘سياسيا هذا الامر اخطر من رفع الدعم عن المنتجات البترولية’.
وارتفعت اسعار الخبز الذي يباع في اماكن مفتوحة قبل عدة ايام ليصبح السعر جنيه سوداني لثلاثة قطع من الخبز مقارنة باربع قطع بجنيه واحد قبل ذلك (حوالي 17 سنتا من الدولار الامريكي).
ويؤكد الاستاذ الجامعي ان الحد الادنى للاجور في الخدمة المدنية 425 جنيه سوداني شهريا وهي في الغالب لا تكفي لاحتياجات اسر العاملين خاصة في المدن.
وقال حسن ‘خلال الايام الثلاثة الماضية علي ان اقضي ساعتين من اليوم للحصول على الخبز ساعة في الصباح واخرى في المساء’.
ويشتكي عثمان صديق وهو يقف ضمن خمسة عشر في منطقة اخرى من المدينة ينتظرون شراء الخبز ‘هذا يزيد معاناتنا، ولايزرع السودان ما يكفيه من القمح.
وقال صفوت فانوس استاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم اكبر الجامعات السودانية ‘الحكومة تدعم اسعار القمح الذي يحتاج استيراده الى عملات صعبة من كندا ودول اخرى.
واضاف فانوس لكن بنك السودان المركزي يعاني من نقص في العملات الصعبة مما يجعله غير قادر على توفير الدولارات لاستيراد الحبوب مما يعني ان المطاحن الكبيرة لاتجد القمح الكافي’.
ويعاني الاقتصاد السوداني من ارتفاع معدل التضخم وضعف العملة المحلية ونقص في العملات الصعبة منذ انفصال جنوب السودان في يوليو 2011 واخذ معه 75 ‘ من انتاج النفط البالغ 470 الف برميل يوميا.
ويكلف استيراد السلع الحكومة السودانية بلايين الدولارات.
ومنذ عامين يعاني السودان من ارتفاع الاسعار ونقص في العملة الصعبة وتراجع في العملة المحلية.
وفي السوق السوداء التي يتسع التعامل فيها خسر الجنيه السوداني 50 ‘ من قيمته خلال عامين.
وارتفعت اسعار المنتجات البترولية بحوالي 60 ‘ في سبتمبر الماضي عندما رفعت الحكومة جزء من الدعم عن المواد البترولية كجزء من اجراءات اقتصادية.
مما ادى الى خروج الالاف من الفقراء في الخرطوم ومدن اخرى للشارع.
وتحولت مطالبتهم الى اسقاط نظام الرئيس السوداني عمر البشير الذي وصل للسلطة قبل اربعة وعشرين عاما. وعدت هذه المظاهرات اقوى الاضطرابات الحضرية التي واجهها حكم البشير.
ووفقا لمنظمة (امنستي انترناشونال ) فأن قوات الامن السودانية اكثر من مئتين من المتظاهرين في حين اعترفت الحكومة بمقتل اقل من نصف هذا العدد. واشار امام عمر الذي يدير مخبزا في الخرطوم بحري ان ارتفاع اسعار المواد البترولية زاد من قيمة الترحيل ورفع سعر غاز الطبخ. وقال امام ‘لهذه الاسباب يجب ان نرفع اسعار الخبز. اضافة لذلك فان مصانع الدقيق لم تعد قادرة على توريد الكمية الكافية للمخابز.
كنا في السابق نحصل على ثلاثين جوال من الدقيق يوميا والان يعطونا فقط خمسة عشر جوالا في اليوم وهذا جعلنا نقلل انتاجنا بنسبة 50 ‘.
وفي ايلول /سبتمبر الماضي اكد مسؤول كبير في الحزب الحاكم (المؤتمر الوطني ) ان الدعم لن يرفع عن القمح. ويشدد فانوس على رفع الدعم عن القمح يبدو خطير جدا سياسيا.