السودان : الحركة الشعبية تتراجع عن اتفاق حول الاستفتاء.. وتطالب بعدم إجبار الجنوبيين على الوحدة
الترابي يستبعد ثورة شعبية على النمط القديم ويحذر من أن اندلاعها سيفجر الأوضاع كلها
لندن: مصطفى سري
تراجعت الحركة الشعبية لتحرير السودان، ثاني أكبر شريك في الحكم، عن اتفاقها مع «المؤتمر الوطني» حول حسم قانون الاستفتاء باعتماد انفصال جنوب السودان بتصويت أغلبية الذين يحق لهم التصويت شريطة مشاركة ثلثي الناخبين في الاستفتاء. وطالبت شريكها المؤتمر الوطني بزعامة الرئيس السوداني عمر البشير بعدم فرض الوحدة بالقانون.
وقال الأمين العام للحركة الشعبية باقان اموم في مؤتمر صحافي عقده بالأمانة العامة للحركة الشعبية بالخرطوم إن المؤتمر الوطني لا يزال يصر على إبقاء شرط تعجيزي لحسم قانون الاستفتاء وذلك بأن يصوت لتقرير المصير ثلثا الجنوبيين حتى يتم قبول نتيجة الاستفتاء، وأضاف أن التصويت حق وليس أمرا إجباريا وللمواطن الجنوبي الحرية الكاملة في ذلك، مشيرا إلى أن اللجنة التنفيذية المشتركة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية برئاسة نائب الرئيس السوداني علي عثمان محمد طه ونائب رئيس حكومة الجنوب الدكتور ريك مشار لم تتوصل إلى اتفاق نهائي حول قانون الاستفتاء وإنما كان هناك مقترح تقدم به المؤتمر الوطني بأن يتم التصويت بثلثي الجنوبيين وبعد أن أخضعته الحركة للدراسة تبين لها بأنه شرط تعجيزي، مشيرا إلى أن ذلك لا يعتبر نوعا من التراجع عن الموقف. وحث باقان المؤتمر الوطني على الابتعاد عن كل ما من شأنه التأثير على العملية السلمية بالبلاد والعمل على إزالة ما سماه بالعراقيل من طريق تنفيذ اتفاقية السلام الشامل، وقال إن هناك حالة اختناق حقيقي وعراقيل كثيرة تواجه تنفيذ اتفاقية السلام وتهيئة الأجواء لقيام الانتخابات والاستفتاء. واتهم اموم المؤتمر الوطني بتغيير مسودة قانون الأمن الوطني التي تم الاتفاق عليها وأودع البرلمان مسودة أخرى وصفها بالخطيرة، مشيرا إلي أنها تكرس لإعادة بناء نظام شمولي دكتاتوري قاهر للمواطن، مشيرا إلى أن الحركة تسعى لأن يتكون جهاز الأمن من علماء وخبراء وتقتصر مهامه على جمع وتحليل المعلومات وليس اعتقال المواطنين، وتابع: «لا مساومة في قضايا الحريات التي أجمعت عليها القوى السياسية»، معربا عن أمله في أن ينصاع المؤتمر الوطني للإجماع الوطني الذي ينادي بالحريات وتنفيذ اتفاقية السلام.
من جهة أخرى، كشفت الحركة الشعبية عن مبادرة تقودها لعقد مؤتمر جامع لحركات التحرر الأفريقية بجوبا خلال العام المقبل، وأوضحت أن الزيارات التي قام بها رئيس الحركة رئيس حكومة الجنوب الفريق أول سلفا كير ميارديت للدول الأفريقية خلال الأيام الماضية كانت بهدف بلورة تعاون وعمل مشترك بين أحزاب التحرر الوطني في أفريقيا، فيما أوضحت أن أهم أجندة في زيارة كير إلى القاهرة اليوم تتمثل في قضايا الوحدة والانفصال.
وقال الأمين العام للحركة الشعبية باقان اموم في مؤتمر صحافي عقده بالأمانة العامة للحركة بالخرطوم أمس إن زيارات رئيس الحركة الأخيرة لعدد من دول جنوب القارة الأفريقية كانت بغرض بلورة تعاون وعمل مشترك بين أحزاب وحركات التحرر الوطني في أفريقيا لتكوين كتلة قارية من أجل تحقيق السلام والديمقراطية وإعادة هيكلة أفريقيا وتحقيق المساواة إلى جانب العمل على إنهاء التمييز بسبب الدين أو العنصر أو التمييز ضد المرأة، مشيرا إلى ضرورة بناء القارة على أسس جديدة تساعد على توفير الحياة الكريمة لشعوب القارة، وكشف باقان عن مبادرة تقودها الحركة الشعبية من أجل تجميع حركات التحرر الأفريقية وعقد مؤتمر لها في جوبا يجري الترتيب لعقده خلال العام المقبل.
وأوضح أن الزيارات شملت دول جنوب أفريقيا؛ زمبابوي، وأنغولا وجمهورية بتسوانا، تناولت شرح تعقيدات المشكلة السودانية، مبينا أن سلفا كير التقى بالرئيس البتسواني وتباحثا حول العلاقات الثنائية بين البلدين، خاصة بعد أن اتخذت حكومتها قرارها بتأييد محكمة الجنايات الدولية في قرارها بتوقيف البشير حال دخوله أراضيها. في السياق ذاته، أشار اموم إلى أن رئيس الحركة سيناقش خلال زيارته لمصر اليوم مع الرئيس المصري حسني مبارك القضايا المشتركة التي تهم البلدين إلى جانب تنفيذ اتفاقية السلام الشامل وقضية الوحدة والانفصال. إلى ذلك، استبعد الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي الدكتور حسن الترابي قيام ثورة شعبية في الوقت الراهن، ذلك أن الأوضاع في البلاد تغيرت نتيجة تنامي القبليات والجهويات حسب قوله، معتبرا أن ثورة شعبية لن تنفجر في المركز كما كان يحدث في السابق وإنما سيتفجر السودان كله وسيصبح من العسير إعادة تنظيمه. وقال الترابي في تصريحات لـصحيفة «السوداني» التي تصدر في الخرطوم وتنشر اليوم، إنه لا مفر من دفع التطور الدستوري والحراك السياسي بالتدرج وليس بالعنف واستمرار الحوار بلا إكراه أو عزل. وحذر الترابي الحكومة من تجاهل الحراك السياسي الذي بدأ ينظم في البلاد، داعيا حكومة البشير إلى عدم الاستهانة بهذا الحراك السياسي الذي بدأ يطرح آلية المقاطعة خاصة إذا دخل فيها الجنوب فإن ذلك يعني أن المعادلة ستختلف، وأضاف أن «الواقع الآن لا تحكمه الأحزاب السياسية ولا القوى الحديثة وإنما توجد أكثر من كتلة جهوية وقبلية تتحرك في الساحة؛ دارفوريات وشرقيات»، مؤكدا أنه يؤيد استمرار الحوار السياسي مع كل الأحزاب والفعاليات السياسية واستصحابها في الحاضر والمستقبل بما في ذلك الحزب الشيوعي السوداني الذي قال إنه تغير كثيرا عما كان عليه في الماضي بعد أن التزم بالخيار الديمقراطي الليبرالي. واستطرد الترابي قائلا: «إذا عادت عجلة التاريخ للوراء وأعيد سيناريو حل الحزب الشيوعي السوداني وطرده من البرلمان وكان الحزب الشيوعي كما هو الآن فإنه لن يكون من الساعين لحله». وأضاف أن «كل شيء قابل للتغير والتطور ولكن السلطة تفتن السلطان وتضله عن الواقع، كما أن الفتن تجعل الحلول متعثرة».
الشرق الأوسط