أعلنت مصادر أمنية في الخرطوم أمس، أن الجيش السوداني أغلق حدود السودان مع تشاد، ورفع من درجة تأهبه، على الحدود، وقال الجيش، إنه «جاهز للرد»، وذلك بعد أن اتهمت الخرطوم تشاد باختراق أجوائها، وشنت هجوما جويا عليها عبر طائرة مقاتلة. وقال الجيش السوداني، إن الهجوم الذي استهدف منطقة «أم دخن» الحدودية الواقعة في ولاية غرب دارفور، لم يسفر عن وقوع أي ضحايا. فيما كشف معارض تشادي أنهم يتعرضون لهجوم جوي «تشادي فرنسي» على مواقعهم داخل الأراضي التشادية، وأحصى عدد الطائرات التي تشن عليهم الهجوم بـ8 طائرات.
ويأتي اتهام السودان لتشاد بشن هجوم عليها في ظل أجواء توتر بين البلدين، واتهام كل بلد للآخر بتقديم الدعم لمعارضيها للإطاحة بنظام الحكم فيها. وروى الفريق الركن محمد عبد القادر نصر الدين، رئيس هيئة أركان الجيش السوداني تفاصيل الهجوم الجوي التشادي بالقول، إن الهجوم نفذ بطائرتين من طراز «سوخوي ـ هيل» بالقرب من منطقة «أم دخن»، على الحدود بين البلدين، وأضاف أن الهجوم لم يسفر عن إصابة أي فرد من القوات المسلحة أو المواطنين في المنطقة.
وشدد المسؤول العسكري السوداني، أن قواته جاهزة «لصد أي عدوان جوي أو بري تقوم به القوات التشادية»، وقال: «الجيش جاهز ورهن التعليمات للرد على الهجوم التشادي». وذكر أبو القاسم أمام والي غرب دارفور، إن الهجوم وقع بالقرب من منطقة «أم دخن» وقامت الطائرات بقصف المنطقة، وقال: «لم تحدث أي إصابات أو خسائر في الأرواح سواء كان على مستوى المدنيين أو العسكريين». ودعا الوالي الحكومة التشادية إلى احترام سياسة حسن الجوار وعدم اختراق الأجواء السودانية. فيما، قال مصدر أمني رفيع، إن الهجوم وقع في العاشرة من صباح الخميس، في منطقة تتبع لمحلية «أم دخن»، وكشفت أن الجيش قام بإغلاق الحدود بين البلدين، وبدأ في تسيير دوريات لمراقبة الحدود تحسبا لأي هجوم تشادي بري، وحسب المصدر الأمني فإن «القوات السودانية ستتعامل بقوة مع أي انتهاكات للأراضي السودانية من قبل تشاد». من جانبه، قال قيادي في المعارضة التشادية، إن مواقعهم في مناطق «أم التيمان وقاما وبوسو» ظلت منذ يومين وحتى أمس تتعرض إلى هجوم جوي، قال «إنه تشادي ـ فرنسي من 8 طائرات مقاتلة». من جانبها، اعترفت الحكومة التشادية بقصفها مواقع داخل الحدود السودانية أول من أمس، وعزت ذلك بأن الخرطوم أرسلت من أسمتهم بالمرتزقة، وبكامل أسلحتهم وعتادهم إلى داخل أراضيها، وكشفت عن أن وزير خارجيتها سيتقدم بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة اليوم ضد الحكومة السودانية، وأكدت أنها ترفض تنفيذ قرار الاتحاد الأفريقي الذي صدر مؤخرا بوقف تعاون الدول الأفريقية مع المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس السوداني عمر البشير.
وقال وزير الإعلام التشادي الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد حسين لـ«الشرق الأوسط»، إن القوات الجوية التشادية هاجمت منطقة (خور قيامة) داخل الأراضي السودانية لوقف إمدادات عسكرية تقدمها الخرطوم إلى من أسماهم بالمرتزقة، للهجوم على بلاده مجددا، وأضاف أن استخبارات بلاده رصدت عددا من السيارات ذات الدفع الرباعي تدخل الأراضي التشادية قادمة من السودان، وتابع «الخرطوم هذه الأيام أرسلت مجموعات من المرتزقة بأسلحة مختلفة، وقاموا بزرع الألغام داخل الأراضي التشادية، وتم القبض على عدد منهم»، مشيرا إلى أن وزير خارجية بلاده موسى فكي، كان قد قدم تنويرا إلى عدد من السفراء المعتمدين لدى أنجمينا، حول الوثائق التي تم القبض عليها بحوزة معارضين أرسلتهم الخرطوم، وقال إن عددا من الألغام انفجرت في سيارات عسكرية تابعة للجيش التشادي وسيارات مدنيين، وأن المصابين يتلقون العلاج في مستشفيات بأنجمينا وابشي الحدودية.
وكشف حسين، عن أن وزير خارجية بلاده سيتقدم بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي الأسبوع القادم في نيويورك، التي يزورها حاليا، وقال إن حكومته تملك أدلة دامغة ضد الخرطوم في إصرارها لإسقاط النظام في أنجمينا، وأضاف، «قصفنا لمواقع المرتزقة لا يعتبر عدوانا ضد الشعب السوداني لأننا ندافع عن أراضينا من أذى الحكومة السودانية، الذي ظل يتكرر خلال أربعة أعوام»، مشددا أن بلاده لم تعلن الحرب على الخرطوم، ولكنها تعمل على محاصرة معارضيها الذين يتحركون من داخل الأراضي السودانية، وقال: «نحن لا نرفض خطوات المصالحة مع السودان، لكن عليهم وقف إرسال المعارضة وتدمير بلادنا، والخرطوم هي التي ترفض إجراء المصالحة معنا».
وقال حسين، إن بلاده تخالف قرار الاتحاد الأفريقي، الذي اتخذه في قمة سرت الليبية مؤخرا، برفض التعاون بين الدول الأفريقية والمحكمة الجنائية الدولية، بخصوص إيقاف الرئيس السوداني عمر البشير، وقال إن بلاده موقعة على ميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية ولن تخالفه، وأضاف، «لا نعرف لماذا يظل القادة الأفارقة يرفضون إجراءات تفعيل القوانين في مواجهة الذين يظلمون شعوبهم»، وتابع، «نحن على أي حال رفضنا قرار قمة سرت، وسنتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية بالقبض على البشير، إذا مرت طائرته عبر الأجواء التشادية، ونحن خالفنا قرار الاتحاد الأفريقي».
الخرطوم: إسماعيل آدم لندن: مصطفى سري
الشرق الاوسط