بعد أسبوعين من صدور حكم لاهاي بخصوص ترسيم حدود منطقة أبيي بالسودان والذي قلص حدودها بشكل كبير مقارنة مع قرار سابق عام 2005، بدأت المخاوف تتزايد في الوقت الذي يقوم فيه كلا الطرفين بتقييم الحكم الجديد.
وبالرغم من أن كلاً من جنوب السودان والحكومة المركزية – وهما طرفا النزاع في الحرب الأهلية التي استمرت 22 عاماً، قد قبلا بالحدود الجديدة باعتبارها شرعية وملزمة، إلا أن قرار 22 يوليو أثار بعض المزاعم من الطرفين بخصوص الموارد بما فيها حقول النفط. كما أفاد القرار أنه ما يزال ينبغي ترسيم باقي الحدود الممتدة على طول 2,000 كلم.
وقد تم تصنيف حقول نفط هيغليغ وبامبو خارج حدود منطقة أبيي وداخل ولاية كردفان التابعة لحكم الخرطوم. ولكن الجنوب يصر على أن هذه الحقول تقع داخل حدود ولاية الوحدة ويطالب بإدراجها ضمن الحدود الشمالية الغربية.
وعادة ما يمتد نزاع دارفور إلى جنوب كردفان التي شكلت في السابق المنطقة المتنازع عليها بين الشمال والجنوب. وقد تم الإبلاغ عن حدوث مواجهات في 3 أغسطس بين إحدى كبرى فصائل المتمردين في دارفور، حركة العدل والمساواة، وقوات الحكومة المركزية.
وقد ألقى باغان أموم، الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان، باللوم على حزب المؤتمر الوطني الحاكم بالخرطوم لمحاولته تقويض الاستفتاء على استقلال الجنوب المقرر في عام 2011. وقال في بيان صادر عنه في 29 يوليو أن “حزب المؤتمر الوطني تسبب في تأخير ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب والذي كان ينبغي أن يتم في وقت مبكر من المرحلة الانتقالية”، مشيراً إلى الفترة الانتقالية لمدة ست سنوات المنصوص عليها في اتفاق السلام الموقع عام 2005.
وحذر أموم من أن عدم تنفيذ الأحكام الرئيسية من اتفاق السلام الشامل يمكن أن يؤدي إلى حرب إذ فشل الطرفان في التعاون مع بعضهما البعض. وأضاف أنه “سواء أصبح السودان بلداً موحداً آمناً ومستقلاً أم انقسم إلى بلدين يتعايشان بسلام يعتمد بشكل كبير على كيفية قيامنا، نحن طرفا القضية – الحركة الشعبية لتحرير السودان وحزب المؤتمر الوطني – بتنفيذ اتفاق السلام الشامل… إن أية محاولات للتنصل من اتفاق السلام الشامل ستؤدي حتماً إلى حرب مأساوية أخرى.
المطالبات بأبييوقد أصبحت مدينة أبيي، والتي تكاد تكون قد دمرت كلياً بسبب المواجهات الدامية بين القوات الشمالية والجنوبية في شهر مايو 2008، مما أضطر نحو 50,000 شخص إلى الفرار، هادئة منذ صدور الحكم. كما أن عدد قوات حفظ السلام التابعة لبعثة الأمم المتحدة في السودان والمنتشرة في منطقة أبيي قد تضاعف تقريباً منذ اشتباكات العام الماضي.
ومن المقرر أن تبقى المنطقة خاضعة للحكم المشترك من الجانبين إلى أن يتم التصويت في عام 2011 حول ما إذا كانت ستنضم إلى جنوب السودان أو ستبقى جزءاً من السودان الأكبر. ولكن العديد من الجنوبيين بدؤوا فعلاً بالمطالبة بالسيطرة على أبيي، إذ قال جون بيونغ، أحد سكان جوبا المنحدرين من أبيي: “هذه الأرض لنا لأنها أرض شعب الدنكا المنتمي للجنوب، وأبيي هي الجنوب”.
وقد دعا رئيس الجنوب، سالفا كير، زعماء سكان أبيي من مجتمع الدينكا نجوك الذين ينظر إليهم على أنهم موالون للجنوب، والرعاة المسيرية العرب، المؤيدون التقليديون للشمال، لإجراء محادثات حول مستقبل المنطقة.
ولكن لا تزال هناك مخاوف كبيرة بالنسبة لهذا الموضوع. فقد وصف المبعوث الأمريكي الخاص للسودان، سكوت غريشن، قضية أبيي “بالقضية الحساسة والعاطفية للغاية”، محذراً من أنها لا تزال تشكل تهديداً لاتفاق السلام الشامل. وحذر غريشن في 30 يوليو من أن “التوترات في منطقة أبيي لا تزال عالية جداً مما يحتم مواصلة المجتمع الدولي الحذر بخصوصها…فكما رأينا من قبل في هذا المجال، يمكن أن يتطور التوتر بين الدينكا نجوك والرعاة المسيرية بسرعة إلى أعمال عنف ويؤدي إلى صراع من شأنه أن يُدخِل حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان في مواجهة مباشرة وأن يهدد بانهيار اتفاق السلام الشامل”.