السلطات السودانية تغلق المركز الثقافي الإيراني

«البيان» تستطلع آراء محللين حول تأثيرالأزمات السياسية على الواقع المعيشي
السلطات السودانية تغلق المركز الثقافي الإيراني
المصدر: الخرطوم – طارق عثمان
في خطوة مفاجئة ومن دون مقدمات، قررت السلطات السودانية أمس إغلاق المركز الثقافي الإيراني في الخرطوم وفروعه في الولايات السودانية، وأمهلت مدير المركز بمغادرة البلاد خلال 72 ساعة، في وقت أكدت الحكومة أن المركز يهدد الأمن الفكري والاجتماعي.
وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السودانية يوسف الكردفاني في تصريحات صحافية، أمس، بأنه «تأكد للسودان بأن المراكز الثقافية الإيرانية تجاوزت التصديق الممنوح لها وأصبحت تهدد الأمن الفكري والاجتماعي في السوداني.
وهو الأمر الذي استدعى وزارة الخارجية بأن تطلب من القائم بالأعمال الإيراني في الخرطوم بضرورة مغادرة مدير المركز خلال 72 ساعة بعد توسع تلك المراكز خلال الفترة الأخيرة في ولايات السودان بجانب أن لديها نشاطات تحتم ضرورة اتخاذ قرار لإيقاف نشاطها».
من جهته، قال مصدر سوداني طلب عدم اسمه: «استدعت السلطات السودانية القائم بالأعمال الإيراني في الخرطوم وأبلغته بقرار إغلاق المراكز الثقافية الإيرانية الثلاثة، وإنها تمهل الدبلوماسيين العاملين بها 72 ساعة لمغادرة البلاد». وأضاف أن «الحكومة السودانية عللت قرارها بتزايد نشاط هذه المراكز في التبشير بالمذهب الشيعي».
وتتنافى الخطوة غير المتوقعة مع التقارب الكبير بين الخرطوم وطهران الذي شهد أخيراً قفزات لافتة.
أزمات وتداعيات
وفي سياق آخر ، استطلعت البيان آراء محللين بشأن تداعيات الأوضاع السياسية على الوضع المعيشي . وأكد هؤلاء أن حالة الاقتصاد السوداني تتدحرج يومياً من سيئ إلى أسوأ، منذ أن ذهب الجنوب بنفطه عام 2011، وفشلت كل محاولات انتشال الاقتصاد من هاوية السقوط، في ظل استمرار جبهات الحرب في غير إقليم.
وتوتر الأوضاع السياسية، مع إصرار الحكومة على رفع الدعم عن المواد الاستهلاكية وما واكبه من غلاء كبير أقل جيوب السودانيين، الأمر يراه المراقبون فتحاً للباب أمام العديد من الخيارات الصعبة التي ستنعكس نتائجها على الجميع من حكام ومحكومين.
وتعهد وزير المالية السوداني بدر الدين محمود باستمرار سياسة رفع الدعم والاتجاه الكامل للتحرير الاقتصادي وفق «منهج منضبط»، غير خبراء شككوا في وجود دعم حكومي أصلاً، حيث يقول الخبير الاقتصادي أحمد حامد لـ«البيان»: «ليس هناك دعم حكومي للسلع وفي الواقع أن الحديث عن رفع الدعم ذريعة لرفع الأسعار».
واعتبر تصريحات وزير المالية عن رفع الدعم الحكومي «تهيئة للرأي العام لارتفاع متوقع لأسعار الاحتياجات».
ارتفاع التضخم
وأكد حامد أن «معدلات التضخم ستواصل الارتفاع في ظل الإنفاق الحكومي الذي وصفه بالكبير، لا سيما الإنفاق الأمني والدفاعي».
وأضاف: «التضخم تجاوز 46 في المئة وسيزيد مهما زادت الإيرادات»، لافتاً إلى أن كل المؤشرات تشير إلى فشل البرنامج الثلاثي الذي وضعته لإسعاف الاقتصاد». وتابع: «الحكومة لا تستطيع تقيم سياساتها التي أثبتت فشلها طيلة فترة حكمها».
تذمر عام
وفي ظل شكوى الجميع المتزايدة كل يوم من جراء الاكتواء بلهيب الأسعار وشدة وطأة الفقر الذي التهم ملايين الأسر السودانية، حيث كشفت الأمم المتحدة ازدياد عدد المحتاجين للعون الإنساني إلى سبعة ملايين شخص.
وبينما خرجت احتجاجات قبل أكثر من عام، كان عنوانها نشاط طلاب الجامعات، لا يبدو أن الحوار الوطني الذي أطلقته الرئاسة سيسفر عن نتائج سياسية ملموسة، بينما تبقى الملفات الإقليمية والاقتتال تطل برأسها.
وبحسب آخر تقرير لوزير الزراعة السوداني إبراهيم محمود حامد قدمه أخيراً إلى البرلمان، فإن الفجوة الغذائية بلغت 1.064 مليون طن من الحبوب، الأمر الذي يراه المراقبون فتحاً للباب أمام العديد من الخيارات الصعبة التي ستنعكس نتائجها علي الجميع حكاماً ومحكومين.
لا سيما أن ما اتخذته الحكومة من إجراءات اقتصادية العام الماضي لاتزال آثارها باقية بعد أن راح ضحية الأحداث الاحتجاجية التي صاحبت الإجراءات أكثر من 80، جميعهم قضوا برصاص لايزال مصدره مجهولاً.
ويرجع المراقبون تدهور الاقتصاد السوداني إلى انتهاج الحكومة سياسة السوق الحرة عام 1992، وهي ذات السياسة التي تنصل منها عرابها الأول الخبير الاقتصادي ووزير المالية الأسبق عبدالرحيم حمدي، حيث قال في منتدى أقيم في الخرطوم قبل أيام: «أنا لست عرَّابها، لأن السياسة لا يضعها فرد بل وضعتها مع آخرين في ظروف موضوعية بهدف حل مشكلات الاقتصاد السوداني».
وأرجع حمدي غلاء المعيشة والارتفاع المتنامي للأسعار إلى «الفساد المستشري في الدولة وضعف الرقابة».
تململ شعبي
بدوره، يقول المحلل محمد الناير في تصريح لـ«البيان»، إنه لا يتوقع أن تقدم الحكومة على خطوة رفع الدعم عن السلع الاستهلاكية باعتبار أن الخطوة ستزيد من حجم التذمر والتململ الشعبي والسياسي أكثر ما هو عليه الآن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *