الرفيع في أدب الرثاء و الوفاء و مسؤولية القيادة … نموذج مكتوب أبوريان إلي روح أبا إيثار
النص كان مستفزا….
التأريخ كان في الثالث و العشرين من ديسمبر العام2012 ، هو يوم الشهداء،تاريخ وتأريخ …. ذكري القائد، المؤسس، الشهيد خليل الذي إغتالته أيادي الرعب و الخوف… كان حدثا سياسيا و وطنيا بإمتياز، كذلك شكلت تلك الذكري مناسبة هامة و من الدرجة الرفيعة جدا ليكتب فيها أبوريان إلي روح أبو إيثار ” في ذكري رحيلك يا أبا إيثار”، جاء في مكتوب عام و عمم للجميع حتي يتملكه العوام و يبقي معه النص أيضا شأنا عاما كالفقيد نفسه.
هكذا جاء المكتوب/النص و في شكله الإستثنائي و غير العادي كما هو غير المألوف لأنه تجاوز فنون و أدبيات نصوص الرثاء النمطية إلي نص يعتبر في شكله و محتواه مدرسة مبتكرة في الرثاء و الوفاء و المسؤولية و درس مهم في العلوم السياسية و الإجتماعية و القانونية و اللغوية…. إلخ من حزم الرسائل العميقة و العميقة جدا .
النص كما جاء مبني علي منهجة و تصميم متراص، ففي الإستهلال نجد شخوصه إرتبطت بتداعيات الماضي و كثافة مزاحمة أحداثه التي تقاطعت مع الحاضر لأجل المستقبل في دوائر و فصول تصويرية و حسية إنسانية حفرت في الذاكرة والإنسان والمكان و التاريخ فأظهرت قوة التماسك و الدفع والمسؤولية والوفاء لذات إنسانية تعتصر ألما و حزنا ولكنها إستطاعت من تحويل كم هذا الحزن و الألم إلي قدرة فائقة و متجددة لفعل آخر متسلسل و ممتد و متمدد رغم أنه أتي في لحظة إنسانية حرجة تتعلق بفقد غير عادي و هو” الشقيق و الصديق و الأنيس و الطبيب و القائد و المستشار و المثال…. بل أكثر من ذلك كله” .. يا أبو ريان فقدت الأم و الإخوة لأجل إنسان السودان، لتمضي الآن دونهم و مع الشعب و وسطهم و بثقل تاريخ من صنعوا أمجاد العدل و المساواة و هم يمثلون جزءا منهم و أنت أحدا منهم .
قبل قليل قال أحد بواسل الثورة إن أمه و أخوانه و أخته و ميراثه الشخصي هي الحركة..!!كيف لا……..
أما الفصل الثاني من المكتوب/ النص، كان مناجاة للنفس بصدق وعفوية يتحسسها القارىء و يشعر بها بل و يتصورها و كأنك أمام إعتقاد قائل أن ثمة أرواح إلتئمت لتبقي في ذات واحدة، ذات أبوريان المشتركة و الجامعة للجميع في تجسيد روحاني و إنساني فريد.
إن أبوريان قوي العزيمة ، فريد و إستثنائي كنصه، حدقوا معي وهو يخاطب ذاته قبل أن يخاطب روح أبا إيثار فيقول” لم تبرح الوالدة فراشها منذ لحظة رحيلك حتى لحقت بك بعد ثلاثة أشهر و عشرة أيام كمداً و حزناً على فراقك و فراق أخيك أبوبكر.و لا أخالك تستطيع تصّور هول الفاجعة، و وقع الأثر التراكمي عليّ جرّاء فراق الوالدة على فراقك و فراق أبوبكر. فعند انتقال الوالدة إلى جوار ربها، وجدتّني أبحث عنكما لتحملا عني شيئاً من حزني عليها فلم أجدكما، فتملكتني وحشة عارمة كاسحة رغم إحاطة خلق كثير من الأهل و المعارف بي و ومواساتهم لي لفترة ليست بالقصيرة”.
شخوص و أحداث النص تقول إن نضيفة و حسنة فهما واقفتان في الباب الأمامي و لن تبرحا المكان و لا الزمان و تعرفان متي تقدما معزوفتيهما في رثاء الشقيق صخر…..!! إنهما في إنتظار الرثاء و هو رثاء من نوع آخر…..!!
أما الفارس د. عبدالعزيز فهوعنوان و فصل كامل، كما هو مجلد روح أبو إيثار.
الجديد الآن هو أبو ريان، نفس واحدة تجمع الثلاث و ترسم مشهد التاريخ بل و تقرر مصيره و مع الآخرين…………….
في نصه رفع تقريره و بشفافية إلي الشهداء/ الأحياء كما الأحياء ….. و هي حالة غريبة و خاصة، لاحظوا معي، أي شفافية و مسؤولية ووفاء كهذا ، إنها ملائكية سياسية فأبسطوا يا بني العدل و المساواة و بني السودان .
أما في الجانب المقابل للباب الأمامي لنضيفة و حسنة ، فيه أبو ريان أكمل الوعد وأكد حق المجتمع في تحقيق مشروع أهل السودان و هو مشروع الخليل ، أبو إيثار .. ، لم يكن مشروعه السودان الجديد و لا القديم، إنه مشروع أهل السودان المتراضون عنه و حوله و هي إضافة نوعية هامة في علم المصطلحات و المفاهيم السياسية الجديدة في سودان الراهن و التي أسست لوعي سياسي يعبر عن ماهية المجتمع و الذي من أجله عمل أبو إيثار و يكمله اليوم أبو ريان.
أبو ريان رفع تقريره ، وفيه قال كل شيء و أي شيء إلا شيئا واحدا لم يقله و سوف و يقوله في وقته…..!
إنه الوطن و مشروع أهل السودان قد تحقق يا أبا إيثار……………………
حينها سوف ترثي أل” النضيفة” و أل” حسنة” أخيهما صخر و بلغتنا نحن!!
إنتهي…………………………….محجوب حسين