بقلم : حسن إبراهيم فضل
لا شك ان السلام والحرية والعدالة ,هي شعارات سامية قاتل من اجلها قوى الثورة المسلحة والمدنية ,خلال اكثر من ثلاث عقود لتتكامل تلك الجهود النضالية التراكمية مع جموع الثوار خلال مظاهرات ثورة ديسمبر المجيدة التي كُللت في نهاية المطاف الى إزاحة اكبر دكتاتورية دموية عرفتها الدولة السودانية والمنطقة ,وشهد السودان خلال تلك الحقبة الدم والدموع والتشرد والعزلة ,لكن جماهير الشعب السوداني بكل فئاته اجمع على كلمة واحدة ( تسقط بس) وقد سقطت الدكتاتورية , وكان حري بالجميع ان يتجهوا جميعا لوقف نزيف الدم وإرساء السلام ودعائمه لاستشراف دولة المؤسسات والسلام والعدالة , خاصة وان الوثيقة الدستورية الموقعة وبغض النظر عما يقال عنها ,الا انها ثبتت دور المدنيين في تولي زمام المبادرة في ملف السلام وقد بدأ الجميع متفائلا وكانت لقاءات اديس ابابا وتفاهماتها التي كانت ستفضي في نهاية المطاف الى وحدة كل القوى حول سلام شامل متفق عليه وبمشاركة الجميع, لولا نكوص أولئك وهؤلاء الذين ينصبون العداء للسلام من قبل ومن بعد ما فرطوا فيه وعادوه فلم يجدوا ما يبررون خيبتهم غير تشويه صورة صُناعه والعمل باستماته على اجهاضه .
ما زالت تلك الجهات تقود هجمة مسعورة ومنسقة ,ضد الدكتور جبريل محمد ,وزير المالية ورئيس حركة العدل والمساواة السودانية وقادة عملية السلام بطبيعة الحال في محاولة يائسة للنيل من الرجل ,مع التأكيد على ان الدكتور جبريل إبراهيم شخصية عامة ولأي سوداني الحق في انتقاد أدائه بموضوعية وفق معايير النقد الموضوعي , غير ان الذي يجري اليوم أستطيع أن أصفه بأنها حملة إعلامية شعواء (بروباغاندا) تصب في خانة الضغوط والابتزاز.
على الرغم من الانتقائية في عملية الاستهداف الممنهج وحملة التشويه ضد الدكتور جبريل الا هذه الحملة لم تكن معزولة بل هو في الواقع استهداف لكل قيادات قوى السلام تقف خلفها جهات معلومة تقوم بالتنسيق بينها لاستهداف قيادات الحركات المسلحة أطراف السلام وللسلام بطبيعة الحال ,وهي حملة مفضوحة بدأت بالاتهامات المغرضة ضد رئيس الجبهة الثورية الدكتور الهادي ادريس وما نسج حول عملية تحرش مدعاة وليس انتهائاً بالفيديو المفبرك ضد القائد مني اركو مناوي رئيس حركة جيش تحرير السودان وحاكم اقليم دارفور ,وهي حملة من اولئك الذين يرون السلام خصما على مصالهم وان الاتفاق الذي وقع سيعيد تشكيل مشهد السياسية السودانية وبمنهجية مختلفة عما اعتادت عليه النخب التي تعتقد ان السلطة امتياز تاريخي وحصري يجب ان تكرس في اشخاص وجماعات وبيوتات معينة .
الدكتور جبريل إبراهيم محمد يمثل شخصية محورية في عملية السلام ويقود حركة ذات قاعدة وتاريخ نضالي مشهود بل مثلت الكلمة المفتاحية في رحيل نظام البشير, وهي المنظومة السياسية الوحيدة التي نفذت أجرأ عملية عرفتها الساحة السودانية والمنطقة عملية الذراع الطويل وهي عملية وقبلها محاولتين لا سقاط النظام وتعتبر عملية الذراع الطويل هي القاعدة التي بنيت عليها كل المحاولات التالية لاسقاط النظام المدنية منها والعسكرية. ,و يتمتع الدكتور جبريل ابراهيم بمؤهلات علمية فهو استاذ الاقتصاد مدرسا في قاعات الدراسة ورجل اعمال ناجح ,وذو كاريزما وابتسامته الدائمة حتى في اهلك الظروف والذي لطالما أغاظ اعدائه و سياسيا محنكا كل الوقائع يدل على ان حظه في المشاركة السياسية حاليا ومستقبلا كبيرا جدا ,كما ان اسهاماته الفكرية في الساحة السياسية السودانية مشهودة فهو من نقح وصاغ النسخة الأخيرة من اعلان قوى الحرية والتغيير, وهو الذي تسامى فوق كل جراحاته الغائرة والتضحيات الجسام التي دفعها على الصعيد الشخصي والعائلي والسياسي, ليعلن على الاشهاد في مؤتمر صحفي مشهود في وكالة السودان للأنباء انه ومؤسسته (العدل والمساواة )يعلنون عن فتح صفحة جديدة تتخطى كل جراح الماضي لنعبر الى ضفة جديدة تطل على دولة المواطنة المتساوية المتسامحة ,وعبر عن آرائه بصدق وموضوعية في كل ما يخالف قيم العدل والسلام وقيم الثورة وقيم مشروع حركة العدل والمساواة, الامر الذي ازعج المهرولون اللاهثون نحو السلطة والذين جعلوا من الفترة الانتقالية فرصة للكسب الشخصي والحزبي فكانت شرارة العداء والهجوم عليه وتشويه صورته واختلاق تصريحات لا أساس لها من الصحة , ولعل كثيرون يتذكرون ما اثير حول رسوم الكتب الدينية والتصريح الفج الذي ادله به مستشار وزير الشؤون الدينية والاوقاف لشؤون المواطنين المسيحيين، السيد بطرس بدوي، وادعى فيها وقتها ان وزير المالية قد منع دخول شحنة من الكتاب المقدس من إحدى الدول الافريقية الى السودان الا بعد دفع الرسوم عليه في الوقت الذي كان الوزير ليس له علم أصلا بالشحنة المدعاة وتلك الفبركة الرخيصة ليتضح بعد ذلك ان السيد المستشار وفي شيء ما في نفسه اطلق ذلك التصريح وكثير المواقف وليس اخرها ما اثير حول طلب اعفاء (رسوم ارضية لعربة) تابعة للحركة استوردت ضمن ما نص عليه اتفاق السلام على اعفاء جمركي لعربات تستوردها اطراف العملية السلمية ( من حر مالهم ) , وقد استوردت عدد من العربات بواقع عربة لكل فصيل من الذين وقعوا السلام فرأى رئيس الحركة ان تذهب هذه العربة الى أسرة الشهيد خليل إبراهيم طيب الله ثراه ,وهي هدية متواضعة لا تمثل نقطة في بحر التضحيات الجسام التي قدمتها هذه الاسرة للحركة وللثورة السودانية ,فضلا ان الامر برمته هو شان داخلي يخص حركة العدل والمساواة وحقها الاصيل في التصرف فيما تمتلك .
ولكن الاسرة وكما كان متوقعا رفضت ان تتميز باي شيء دون أسر الاف الشهداء الكرام , وأعلنت ذلك ببيان اطلع عليه الشعب السوداني غير ان أصحاب الغرض وأولئك اعتبروها فرصة لتسويق ذلك الموقف الذي لا يتجرأ احد من أولئك اتخاذه فطفقوا سبا وهجوما على الوزير والسلام لدرجة ان بعضهم طالب بإلغاء الاتفاق بالكلية بشطط لا تعرفه الساحة السياسية في أي مكان في الدنيا كما يحدث من سياسي الغفلة اليوم.
ولكن الجديد في فصول هذا الهجوم هو ان انضم الى تلك الابواق الناعقة ,نفر من خطباء منابر الغفلة الذين صمتوا طوال سنين القتل والتشريد والاغتصاب ولم ينطقوا بكلمة سلبا أو ايجابا ولم يلتزموا بشرف الكلمة التي اؤتمنوا عليها لينبري اثنين منهما تصدرا خطبة امس الجمعة 9 سبتمبر2022 مرددين كذب وافتراء من اعيتهم مقارعة الدكتور جبريل الحجة وأصما الاذان ليذكرونا بقيمنا التي التزمنا بها سلوكا ونظام حياة في الوقت الذي خانوه بل هم اكثر الناس حاجة لتلك الذكرى.
في الوقت الذي كانت حركة العدل والمساواة السودانية وقيادتها تدافع عن اعراض حرائر السودان وارواح الملايين الذين شردوا كان المدعو ادم ابراهيم الشين واخاه مهران يسبحان بحمد النظام و بفتات نعمته , لم يتجرأ أحدهم يوما للحديث في منابر الفتنة التي يتصدرونها ان ينكروا لأولياء نعمتهم ما كان يحدث من اغتصاب وقتل وتشريد ,بكل كانوا يشاركون النظام ساديته في القتل وسفك الدماء .
للأسف السيدان ادم الشين ومهران ينتقدان بلا علم ولا هدى بل يرددان ما تردده الدهماء من احزاب ال (ميني باص) الذين لديهم قدرة لا تُبارى في صناعة الكراهية والذين عجزت حجتهم في النيل من الوزير ,أقول انه من حق الجميع ومن ضمنهم مهران واخاه الحانقين ان ينتقدا كل ما هو سلبي في المجتمع والحكومة ولكن من المهم ومن المصلحة العامة وأن يتسق ذلك مع قيم الدين الذي يدعيان الدعوة اليه ، قال الله تعالى (هَا أَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) آل عمران: 66.
اننا نفهم ان الدين امر بالقسط والعدل ولو على انفسنا قال تعالي : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ۚ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَىٰ بِهِمَا ۖ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ أَن تَعْدِلُوا ۚ وَإِن تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135)
ومن العدل ان نوفي بعهودنا وان العهد الذي وقعناه مع حكومة السودان يا شيخ مهران وصاحبك ,واجب الالتزام به وتطبيقه والا فان الخيار الاخر هو الحرب الذي يريده اعداء السلام وانتم تعينوهم عليه بعلم او بدونه, اولئك يريدون الدكتور جبريل وصحبه يهيمون في الصحارى وبعيدا عن السلطة والا فسيكونون من المغضوب عليهم.
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم : «المسلمون عند شروطهم إلا شرطًا حَرَّمَ حلالًا أو شرطًا أَحَلَّ حرامًا .»
ولا يتناطح عنزتان يا هؤلاء ان من أوجب الواجبات واحل الحلال ان نوفي بعهد السلام وما اتفق عليه حفاظا على الدماء الحرام واعمارا للأرض التي حرقت وترابه الذي فتت والشعب الذي ابيد بفعل ادعياء الدين وتجاره .
كنا سنحترم السيد الشين وصحبه لو انهما بدلاً عن ترديد الاكاذيب والافتراءات التي لا تسندها واقع وان ينتقدوا تلك الاعفاءات التي لا تسندها اتفاق سلام ولا مصلحة عامة ولا ترتكز الا على ارث بالي من ارث الاجداد وهم ذات النفر الذين يصطفون اليوم سبا في الدكتور جبريل وهم اول من ادى قائد حزبهم تحية الولاء والطاعة للطاغية عند دخول الاسود ام درمان .
نواصل ..
حسن ابراهيم فضل