بِسم الله الرحمّن الرحيّم
الرجل والثورة د . خليل إبرأهيم محمد 3 – 10
ليس فى عالم السياسة صداقة دائِمة أو عداوة دائِمة ، فعندما تفجرت الثورة فى دارفور فى أوائل العام 2003 م ، كانت الحكومة التشادية غير مُرتاحة من الوضع السيىء الذى آلت إليه ألاُمور فى دارفور ، من حرقٌ للقرى ، قتل ، نهبٌ للمتلكات ، جرائم العنف ضد المراة ونزوح عدداً كبيراً من أهل دارفور من قُراهم ، زد على ذلك هجرة مجموعات كبيرة عبر الحدود إلى جمهورية تشاد وإفريقيا الوسطى . حتى اصبح الإقليم وكأنه فى القرون الوسطى ووُصف ما حصل فى دارفور بأنه أسوأ كارثة إنسانية شهدتها البشرية منذ إن وطأت أقدام أبونا آدم هذه الارض ، وإستغرب من ذلك كثيرون فى العالم ، ولا ننسى منهم د . الطيب صالح الذى ظل يسأل حتى وآفته المنية ، من أين أتى هؤلاء ؟ ………… وكذلك شغلت هذه القضية المجتمع الدولى الذى سارع لإنقاذ أهل دارفور بإرسال المنظمات الإنسانية ووفداً لتقصى الحقائق ، وبُذلت المجهودات الدولية والإقليمية من أجل وقف الحرب فى دارفور ولا ننسى الدور الذى قام به فخامة الرئيس إدريس دِبى من أجل إنهاء الصراع فى دارفور بِأسرع ما يمكن ، خوفاً من إمتداده إلى تشاد الدولة الجارة لدارفور فاثمرت وساطته وقفاً لإطلاق النار لكنها فشلت فى إيقاف الحرب ، فإتضحت الرؤية لدبى بأن الحكومة السودانية غير مُستعدة لإنهاء الصراع ، سمعته ( يقول بأن الحكومة السودانية هى السبب فى تدويل قضية دارفور ، فإنى عندما أتذكر اليوم مطالب الثوار فى لقاء أنجمينا الثانية ومنها تحولت المحادثات إلى ابوجا ، اضحك ضحكاً شديداً والله لو فى ثورة ضدى وكان مطالب الثوار بذاك القدر لقبلت فى ثانية .
فى خِلال هذه الفترة كانت علاقة حركة تحرير السودان بدبِى أحسن بكثير من حركة العدل والمساواة السودانية ، وظلت علاقة د . خليل إبراهيم بدبى بين شدٍ وجذب ولم تتحسن إلا بعد توقيع منى أركو مناوى لإتفاقية أبوجا ( ما يو 2006 م ) التى رفضها كلٍ من حركة العدل والمساواة وتحرير السودان ( جناح عبد الواحد نور ) ومجموعة ال19 التى إنشقت من عبد الواحد بقيادة الاخ خميس عبد الله ابكر .
تحالفت الفصائل والمجموعات التى رفضت أبوجا وكونت جبهة الخلاص الوطنى فى العاصمة الإرترية أسمرا بمساهمة من جمهورية تشاد ، التى لعب فيها د. خليل إبراهيم دوراً كبيراً فى تاسيسها ، مُتهمين الحكومة السودانية بأنها غير جادة فى الإيفاء بإلتزاماتها تجاه قضية دارفور التى أفرزت وضعاً إنسانياً صعباً تباين فيه وجهات النظر لاهل دارفور بصورة كبيرة زاد من فاتورة المطالب ، تمثل فى الحرب الشرسة التى خاضتها الحكومة ضد المُواطنين العُزل . وإتهامِهم لإتفاقية أبوجا بأنها لم تفى بحقوق أهل دارفور .
فبالرغم من المخاوف التى تُساور إدريس دِبى من د . خليل إبراهيم إلا أنه إكتشف فيه صفات كثيرة لا توجد فى كل الذين إلتقاهم من أبناء دارفور المُرتبطين بالقضية ، وجده رجلاً صادقاً أميناً وفياً لا ينسى الجميل ، قدم كل ما يملك من قوة من أجل عدم سقوط حكومة دِبى ، وكان دائماً يُكرر ( يجب الحفاظ على الحُكم الصديق فى تشاد ) لاننا إذا فقدنا تشاد يؤدى ذلك إلى إطالة أمد الحرب فى دارفور مما يزيد من معاناة النازحين واللاجئين . والشعب السودانى على وجه العموم .لان الثورة لا تتوقف إلا بتحقيق أهدافها .
فى أوائل العام 2008 م عندما دخلت المعارضة التشادية أنجمينا ، وأصبحت على بُعد أمتار من القصر الجمهورى ، فى هذه الأثناء وصلت قوات حركة العدل والمساواة السودانية أنجمينا ، بعد ما هزمت قوات المعارضة التشادية هزيمة نكراء فى اُم زوير ، سرعان ما لاذت قوات المعارضة التشادية بالفرار ، وتم تحرير انجمينا تحريراً كاملاً ، تهدف حركة العدل والمساواة بمساعدتها لدبى لعدم تمكين المعارضة التشادية من تنفيذ أجندة حكومة المُؤتمر الوطنى الخفية ، الخاصة بمحاربة الحركات فى دارفور وتصفية مُعسكرات اللاجئين فى جمهورية تشاد .
زكر كثيرون بان د . خليل إبراهيم إذا اراد السلطة فى هذا اليوم لحصل عليها وبسهولة جداً ، لانه هو الذى فك الحصار عن القصر الجمهورى . فكان بإمكانه الإستيلاء على السلطة فى تشاد وبسهولة جداً ، لان فى هذه الأثناء كانت قواته هى التى تُؤمن مدآخل العاصمة أنجمينا ، لكن وفاء د . خليل إبراهيم بالعهد الذى قطعه على نفسه لإدريس دِبى فى بداية الثورة ، بان حركة العدل والمساواة لا تطمع أبداً فى الإستيلاء على تشاد ، هذا هو د . خليل إبراهيم ، لكن بعد كل ما قدمه يُمنع من دخول انجمينا فى مايو 2010 م ، عندما قدم إليها من الدوحة عبر مصر لدخول دارفور ، فإضطر لقبول دعوة القذافى الماكرة ، التى تم حبسه فيها بعدم السماح له بالسفر إلى دارفور تلبية لرغبة حكومة المؤتمر الوطنى . لكن القذافى كان يريد أن يستخدم قضية دارفور كورقة ضغط ضد حكومة المؤتمر الوطنى ، حتى لا تفكر فى دعم أى عمل عسكرى ضد ليبيا ، نسبةً لتململ بعض القبائل فى جنوب ليبيا ويشاع فى أروقة الإستخبارات الليبية بان عناصراً من التبو إتصلوا بحكومة المؤتمر الوطنى من أجل الدعم ، لذا وجد القذافى الفرصة الثمينة بالإحتفاظ بد . خليل إبراهيم لتحقيق أهدافه لانه على قناعة تامة بان د . خليل إبراهيم هو الشخص المناسب لقيادة الثورة فى دارفور ، ومُعجب به وكثيراً ما يضرب به المثل ، فى الاخلاق الحميدة والثبات فى المبدأ ويقول ( خليل الثورة ) لان الثورة هى مبادى ومُثل وقيم وأخلاق . ففى سبتمبر من العام 2009 م طلب من الحركات الدارفورية الإنضمام جميعاً لحركة العدل والمساواة السودانية لانها الأهل بذلك ، هذا هو التاريخ أعاد نفسه ليكشف لاهل دارفور بان القذافى لم يكن يريد الخير لهم وما إنتشار السلاح فى دارفور إلا من خُططه ، عندما قام بتسليح عناصر الفيلق العربى الليبى وإرسالهم إلى دارفور فى عام 1987 م ، مما أغضب الصادق المهدى حتى اُصيبت علاقتهما بالفتور ، وثبت جلياً بان هذا السلاح ساهم مُساهمة فعالة فى تدمير دارفور ، لان أغلب عناصر الجنجويد الذين إستخدمتهم الحكومة فى حربها ضد المدنيين العُزل كانوا أعضاءاً فى الفيلق العربى الليبى ، صدق الاخ عبد الرزاق محمد موسى ( القنصل الارترى فى طرابلس ) وهو يحذرنا بان لا نقع فى الفخ (هذا هو القذافى يدعم منقستو هيلى مريام بالسلاح ويقدم للشعب الإرترى الغذاء والمال والمنح الدراسية ) .
لماذا لا يُقابل الرئيس إدريس دِبى وفاء د . خليل إبراهيم ( بالفضل ) كما قابل به الصادق المهدى أذكر بأنى كنت يوماً فى رِفقة د . خليل تلبيةً لدعوة ( غداء ) قدمها لنا دِبى فى القصر الجمهورى عندما ذهبنا من الميدان لانجمينا للقاء المبعوث الامريكى لدارفور إسكوت قرشن ، فدار حديث عن تقديم تشاد دعماً مادياً لحزب الاُمة من أجل إقامة مؤتمره العام عندما زار الصادق المهدى أنجمينا برفقة إبنته د . مريم . فقال دِبى ( قدمت له المساعدة لان هذا الرجل صاحب فضل علىّ ) عِلماً بان الصادق المهدى سمح لإدريس دِبى بفتح مُعسكراته فى دارفور للتدريب من أجل إسقاط حكومة حِسين هبرى فى أنجمينا ، عندما كان رئيساً للوزراء فى عهد الديمقراطية الثالثة . بالرغم من إنتشار ظاهرة النهب المسلح ، فهذا هو جزاء أهل دارفور الذين قدموا لحزب بالفوز ب34 دائرة من جملة 39 دائرة كانت مُخصصة لدارفور ولولا تعدد المرشحين لحزب الامة فى بعض الدوائر لفاز بها كلها عدا دائرتين ، دائرة كاس التى فاز بها (أبو ) منصور من الحزب الإتحادى الديمقراطى ، ودائرة قارسلا التى فاز بها الاُستاذ عبد الجبار تقرى من الجبهة الإسلامية القومية .
تُبهرك شخصية د . خليل إبراهيم لانك فى كل يوم تتعلم منه درساً جديداً من خلال تصرفاته ، فى إحدى الأيام زاره إبنه فى منطقة اُم جرس ، فعندما أراد العودة بعد إنتهاء فترة زيارته ، وقف المودعون وإلتفوا حول العربة التى تريد أن تقله إلى انجمينا ، ودع د .خليل إبنه من دون أن يُعطيه فِلساً واحداً ، فإضطر ولده أن يساله ، فرد عليه ( أنا يا ولدى والله اولادى كُتار ، إنت براك شفتهم ، ما أقدر أديك أى حاجة ، أمشى الله يسترك ، أعمامك كُتار أسالهم يساعدوك ) .
كان إذا أصدر قراراً ، يكون أول المُلتزمين به ، فعندما أصدر قراراً بقطع ( قبين ) العربات اللاندكروزر الخاصة بالقادة إسوة بعربات الجنود ، كانت عربته اول من وقفت فى الورشة لتنفيذ القرار ، لم يستثنى منها إلا عربات الأشخاص الذين لا تسمح ظروفهم الصحية بتحمل الغُبار الزائد أثناء الطوف العسكرى .
هذا هو د . خليل إبراهيم المعلم ، أينما ذهب ترك أثراً طيباً ، حتى فى السعودية عندما عمل فيها طبيباً ، ترك هنالك تاريخاً ناصعاً مُخلداً ، هنالك عدد كبير من السعوديين سموا أبنائهم بإسم ( خليل ) تيمناُ به وتخليداً لزكراه العطرة ولا زال كثيرون يتصلون به ليتفقدوا حاله . لأنه كان الطبيب الوحيد الذى يستقبل مرضاه فى أى وقت ، حتى ولو فى (الميّز ) .
محمد عبد الله عبد الخالق
[email protected]
Tel : +201015466166
أخر لقاء مع رئيس حركة العدل والمساواة خليل ابراهيم
http://www.youtube.com/watch?v=XpzSstTvhAw&feature=related