الراحل طاهر ماكن لقاءات عابرة ، في محطات مختلفة / شاكر عبدالرسول (١)
تعرفنا على الاخ طاهر عبدالرحمن فضل عشر ،المشهور بطاهر ماكن ،بصورة مباشرة في نهايات عام ٢٠١٧ ، حيث كان يتولى مسؤولية مرضى وجرحى الحركة المتواجدين في كمبالا بالتبادل مع الاخوين زكريا لقمة ومحمد التوم . وانتقل التعامل معه على المستوى الشخصي عندما تم اختياره من ضمن الفائزين في برنامج القرعة المعروف باللوتري .
وهو كان لديه اشكالية اضافة العائلة في المرحلة الثانية التي تعرف بمرحلة فورم DS260 و علمت منه في المرحلة الاولى ما كان لديه صور ومستندات زوجته واطفاله فلذلك لم يضيفهم ،كنا نتفاكر كيف نعالج هذا الاجراء ،وفي تلك الفترة جاءته رسالة تحديد موعد الانترفيو في السفارة الامريكية بنيروبي، لكن لم يحالفه الحظ نتيجة لذلك الخطا ، اتذكر اتصل بي في وقت متاخر بعد خروجه من مبنى السفارة واخبرني بالنتيجة، وقدم لي صوت الشكر ، وقلت له الخير فيما اختاره الله. منذ ذلك الوقت كنا نتواصل بشكل منقطع عبر الرسائل ، وللحقيقة حتى ذلك الوقت لم اكن اعرف الموقع او التكليف الذي يتولاه في الحركة ، كما ان في تلك الفترة ايضا اجهزة الحركة لم تنتقل الى جوبا او الخرطوم بالطريقة التي شاهدناه لاحقا ، كل ما اعرفه كان كثير الاسفار بين كمبالا وجوبا و اويل.
في يوم ٤ اكتوبر عام ٢٠٢١شاءت الاقدار ان نلتقي بشكل مباشر في جوبا ،ايام توقيع اتفاق سلام جوبا ، هو اللقاء الاول الذي تم وجها بالوجه فيما بيننا .
سلمت عليه ، وفي البداية لم اكن اعرف شخصيته ،لكنه عاد وقال لي انا طاهر ماكن الشخص الذي كنت بتواصل معاك بخصوص اللوتري من كمبالا ونيروبي ، عرفته وسلمته بعناق، وقلت له انا في خيالي احمل صورة اخرى مختلفة تماما عن صورتك الان ،وهو نفسه قال انا ايضا احمل في ذهني صورة مختلفة ،وهو واقع جديد فرضته علينا وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة.وفيما بعد عرفت بانه سكرتير لرئيس الحركة ، وكان يتبادل المهام مع باشمهندس سليمان عبدالله مدير مكتب الدكتور جبريل .
في يوم ١٨ ديسمبر ٢٠٢٠ بعد ما عدت من دارفور وبورتسودان عملت له رسالة من مقر اقامتنا وكان معي جمال الشايب مدير مكتب كندا , وعبدالمجيد حقار ، وعبداللطيف مالك من مكتب امريكا،قلت له انا عايز اسافر الى امريكا ولو هنالك فرصة اريد ان اقابل الرئيس قبل السفر ، اتذكر رد على الرسالة قائلا: انتظر لحد المساء اشوف البرنامج واعمل ليك رسالة، وفي منتصف الليل تلقيت منه رسالة بقول يمكنك الحضور الى المنزل غدا الساعة ٩ صباحا.
وصلت المكان في الموعد المحدد و تفاجأت بان هنالك جمع غفير من الناس حول البيت وفي الداخل معظمهم منتظرين اللقاء .
اتذكر في داخل سور البيت هنالك كراسي مرصوصة جلست ، وجاء طاهر جلس بجواري وتبادلنا الحديث
سالته هل العدد ده كلهم يريدون ان يقابلوا الرئيس اليوم ؟وهل هذا هو اليوم المخصص للقاءات ؟
قال لي وهو مبتسم كل ايام الاسبوع بهذه الطريقة ، للحقيقة شعرت بنوع من التعاطف اتجاه المكان .
اتذكر قلت له مازحا طاهر شكلك رطبت ثاني ما تطلع من الخرطوم ، رد علي ضاحكا انا مازلت لدي الرغبة اشوف امريكا ،قلت له ان شاءالله نتقابل.
عندما جاء وقتي ، جاء طاهر وفي يديه مفكرة وقلم، وقال لي لديك ١٥ دقيقة ، قلت ان شاءالله اتقيد بالزمن .في داخل مكان الاستقبال وجدت الدكتور جبريل ابراهيم وفي يديه مفكرة وقلم ، على رغم من اني كنت منهمك في الدخول الى المواضيع مباشرة كسبا للوقت ، لكن الدكتور جبريل ،فاجاني من البداية في اسئلة عن احوالي و اخبار الاسرة وعائلتي في امريكا وعملي ، واحوال اعضاء المكتب ، ثم انتقلت الى المواضيع او الهدف من اللقاء ولاحظت بانه كان يستمع بدقة ، ويتداخل اذا دعت الضرورة، واحيانا يدون في المفكرة عندما يتعلق الامر باشخاص ويسال عن ارقامهم .
انتهت اللقاء بعد عشرين دقيقة وبخروجي وجدت طاهر واقفا في خارج الباب لادخال شخص اخر ، قلت له ان شاءالله ما تاخرت من الزمن المتاح قال فقط ٥ دقائق زيادة، قلت له ده شاله الرئيس وتركته وهو يضحك .
في تلك اللحظة شاهدت نشاطا غير عاديا في وسط حراس المكان ،وشاهدت طاهر جاء مسرعا يسال الدكتور جبريل هل لديه خبر عن وجود الكثيف لسيارات الشرطة حول البيت، وجبريل رد عليه بانه ليس لديه خبر , فيما بعد علمت بان الفريق شرطة رزين سليمان مصطفى هو الذي قام بتوجيه تلك القوى لتوفير حماية اكبر حول المكان ،لان في ذلك اليوم هنالك شائعات حول توسع المظاهرات .
عندما خرجت من البيت لحقني طاهر وقال عمك بقول ما تمشي انتظر افطر ، قلت له انا اريد ان اقطع الكبري قبل ما الشباب ديل يقوموا بالتتريس فقال الفطور جاهز ، رجعت الى البيت وكان وجبة الفطور عادية جدا مثل اي بيت سوداني اخر ، وهو بالنسبة لي محل ارتياح شديد ، ويوجد في نفس المكان الدكتور جبريل رئيس الحركةً و وزير المالية فيما بعد ، و احمد تقد لسان امين التفاوض ، ومحمد حسين شرف امين التنظيم والادارة ، واخرين لا يتسع المجال هنا لذكرهم جميعا وبعد افطار بقليل جاء معتصم صالح امين الاعلام والناطق الرسمي مع مجموعة من الصحفيين والصحافيات بغرض اجراء اللقاء مع الدكتور جبريل .وهو وضع صعب جدا للمواطنين المنتظرين و للشخص المسؤول ،يبدو ان الظروف احيانا يفرض على الناس ان يتعاملوا مع الواقع كما هو .
اعتدنا نحن السودانيين ان نجعل من موائد المسؤولين شىء مختلف جدا ، من وجهة نظري وهو تقليد خاطىء و ربما يشجع نحو الاختلاس .
في امريكا مثلا مرتبات المسؤولين معروفة وتدرس منذ المرحلة الثانوية ، الطلاب يعرفون بان مرتب الرئيس الامريكي السنوي هو ٤٠٠ الف دولار في السنة , وكذا الحال على اعضاء الكونغرس وكل المسؤولين مرتباتهم معروفة .
معظم الامريكان يعرفون بان الرئيس دونالد ترامب يعتبر أغنى رئيس مر في تاريخ امريكا، لكن في نفس الوقت يعرفون بان هذه الوضعية مرتبط بالعائلة وليس بالرئاسة او الوظيفة ،والده في منتصف السبعينات ورد اسمه ضمن قائمة اغنى ٤٠٠ شخصية في امريكا ، والرئيس ترامب نفسه بعد تخرجه اعطاه والده مبلغ ١٤٥ مليون دولار ليبدا حياته .التغيير الطبقي في الغرب تتم باسس وقوانين محكمة، الصدف لا تلعب ادوار كبيرة في مثل هذه الجوانب . الحكاية مش ” سقط لقط ” مثلما نسمع ونشاهده في بلادنا .
غادرت البيت وطاهر ماكن كان اخر شخص ودعني حتى خارج الباب ، ومن سوء الحظ في الطريق صادفت” التتريس “وتاخرت كثيرا .
في يوم ١١ يوليو ٢٢ تلقيت منه رسالة بقول بانه قادم الى نيويورك مع وفد وزير المالية ، ومن قبل تلقينا رسالة من المهندس سليمان عبدالله مدير مكتب الرئيس يخبر المكتب بقدومهم الى امريكا في مهمة رسمية تخص وزارة المالية .
نواصل ..