الخرطوم – النور أحمد النور
علم أن الحكومة السودانية تتجه إلى تبني خطة افريقية لتحقيق المصالحة والعدالة في دارفور لقطع الطريق أمام أي مساع لدفع مجلس الأمن الدولي نحو اتخاذ قرار بملاحقة الرئيس عمر البشير تنفيذاً لمذكرة المحكمة الجنائية الدولية بتوقيفه وفرض عقوبات على الخرطوم لعدم تعاونها في ذلك.
وقالت مصادر ديبلوماسية أفريقية في الخرطوم لـ «الحياة» أمس إن مرجعيات عليا في نظام الحكم أبلغتها أنها ستتبنى اقتراحات ستصوغها لجنة حكماء افريقيا برئاسة رئيس جنوب افريقيا السابق ثابو مبيكي التي كلّفها الاتحاد الافريقي رفع تقرير إلى الزعماء الأفارقة عن السلام والعدالة في دارفور خلال قمتهم المقررة الشهر المقبل في ليبيا.
وأوضحت المصادر ذاتها أن لجنة مبيكي التي زارت دارفور غير مرة وأجرت محادثات مع المسؤولين ومنظمات انسانية ومعارضين، استوعبت حقيقة النزاع في دارفور والانتهاكات التي وقعت في الإقليم، وسيكون تقريرها «موضوعياً وواقعياً» ويحمل اقتراحات لتسوية الأزمة سياسياً، وتحقيق العدالة ورد المظالم وتعويض المتضررين من الحرب، مرجّحة أن تقر اقتراحاً بمصالحة على غرار «الحقيقة والمصالحة» في جنوب افريقيا وسيراليون وغيرها.
وأضافت أن تبني الخرطوم توصيات لجنة مبيكي عقب اعتمادها من القمة الافريقية سيعطيها فرصة لتجنب ملاحقة البشير دولياً وفرض عقوبات عليها خصوصاً إذا تعاملت معها بجدية وعدم مراوغة واستخدامها لكسب الوقت. ورأت أن قيادات نافذة في الحكم كانت وعدت الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى بتبني حزمة أفكار لتسريع تسوية أزمة دارفور وملاحقة المتهمين بارتكاب جرائم في الإقليم عقب اتهام الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية البشير بارتكاب جرائم حرب وابادة في دارفور، ولكنها لم تف بوعدها حتى أصدر قضاة المحكمة قراراً بتوقيف البشير.
وينتظر أن يصل إلى الخرطوم اليوم وفد حكماء افريقيا بزعامة الرئيس السابق ثامبو مبيكي في زيارة تستمر أسبوعاً يواصل خلالها مهماته المتصلة بالسلام والعدالة في دارفور. وسيلتقي الوفد مسؤولين ومنظمات مجتمع مدني وقادة أحزاب سياسية.
إلى ذلك، نفت الخرطوم امس في شدة أن تكون وافقت على عودة بعض منظمات الإغاثة الأجنبية التي طردتها في آذار (مارس) الماضي من دارفور تحت أسماء جديدة. وأكد وزير الدولة للشؤون الانسانية عبدالباقي الجيلاني أن قرار حكومته طرد الـ13 منظمة دولية «قرار سيادي لا رجعة فيه»، وقال إن أي حديث عن عودة منظمات أُبعدت ليس له ما يسنده على أرض الواقع.
وأضاف أن الخرطوم تتعامل مع المنظمات الانسانية وفق اتفاقات توقعها معها، وترك الباب مفتوحاً أمام أي منظمة جديدة لمباشرة نشاطها في دارفور شرط أن تلتزم بتلك الاتفاقات، موضحاً أن وزارته تدرس أي طلبات تقدم اليها ليتم الرد عل المنظمة خلال شهر، مشيراً إلى أن كل منظمة تحيد عما يُتفق عليه ستعرض نفسها للطرد.
وكان مسؤول الشؤون الانسانية في الأمم المتحدة جون هولمز أعلن أن الحكومة السودانية سمحت لأربع منظمات طردت من البلاد، بإرسال فرق جديدة تحت أسماء جديدة وشعارات جديدة، ورأى إمكاناً لعودة جميع المنظمات التي طردت، موضحاً أن المنظمات الاربع التي طردت وسجلت نفسها من جديد هي «فيالق الرحمة» ومقرها ولاية أوريغون الاميركية و «كير انترناشونال» ومقرها الولايات المتحدة ومنظمة «انقذوا الأطفال» الاميركية ومنظمة «بادكو».
وفي شأن متصل، أكد مستشار الرئيس السوداني مسؤول ملف دارفور غازي صلاح الدين أن اتفاق السلام المرتقب في دارفور سيستوعب الجميع ولن يستثني احداً. ونفى صلاح الدين في لقاء جمعه الى القوى السياسية في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور المتاخمة للحدود التشادية، أن يكون ما تم تنفيذه من اتفاق ابوجا لسلام دارفور الموقع في العام 2006 هو خمسة في المئة من بنوده فقط، وفق ما أثاره نائب رئيس «حركة تحرير السودان» بزعامة مساعد الرئيس مني أركو مناوي، مشدداً على أن «أبوجا» اتفاق جيد وسيكون إحدى مرجعيات محادثات الدوحة. ورحّب بأي مطالب اضافية لا تتناقض مع اتفاق أبوجا. وشكا ممثلو منظمات دولية في لقاء مع صلاح الدين من تردي الأوضاع الأمنية والانسانية وتكرار حوادث نهب سياراتهم وممتلكاتهم، إضافة الى معاناة تواجههم عند النقاط الأمنية ولدى محاولتهم الحصول عن تصاريح للمرور.