قررت القوى السودانية المعارضة خوض الانتخابات الرئاسية بصورة منفردة لمنافسة الرئيس عمر البشير، والتنسيق في انتخابات حكّام الولايات والبرلمان في مواجهة مرشحي حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم، وذلك قبل عشرة أيام من فتح باب الترشيح.
وأعلن زعيم حزب «المؤتمر الشعبي» الدكتور حسن الترابي أنه لن يدخل المنافسة، وأن حزبه قرر ترشيح وزير الإرشاد والأوقاف السابق عبد دينق نيال (جنوبي مسلم) لمنافسة البشير.
وقال الترابي في مؤتمر صحافي أمس إنه قرر عدم خوض الانتخابات المقبلة، ودعا أي سياسي تجاوز عمره سبعين عاماً إلى فسح المجال أمام الشباب لتولي مناصب سياسية، موضحاً أن حزبه قرر ترشيح وزير الإرشاد والأوقاف السابق عبد دينق نيال لمنافسة عمر البشير في انتخابات الرئاسة. واعتبر ابتعاده عن المنافسة وترشيح أحد قادة جنوب السودان المسلمين إشارة ايجابية ستجد ارتياحاً من دول غربية.
وذكر أن القوى المعارضة ترى أن يُسمّي كل حزب مرشحاً للرئاسة في مواجهة البشير حتى تتوزع أصوات الناخبين ولا يجد البشير الغالبية المطلوبة للفوز بنسبة 50 في المئة + واحد، وتجري دورة ثانية تدعم فيها الأحزاب المعارضة من يحصد أصواتاً أعلى لمنافسة البشير. ولفت إلى أن المعارضة اتفقت على التنسيق في انتخابات حكّام الولايات والبرلمان.
وأضاف الترابي أن أجزاء في البلاد وخصوصاً في دارفور لم يشملها الإحصاء السكاني وتسجيل الناخبين لن تشارك في الانتخابات، كما أشار إلى خروق واسعة في تسجيل الناخبين خصوصاً تسجيل القوات الحكومية من أفراد الجيش والشرطة والأمن مما سيشكك في نزاهة الانتخابات. ولم يستبعد أن يلجأ حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم إلى التزوير في حال شعر أنه لن يكسب المنافسة.
إلى ذلك، دعا رئيس حزب «الأمة» الصادق المهدي الحركات المسلحة في دارفور والفصائل الموقّعة على اتفاق سلام شرق البلاد، إلى الانضمام إلى حزبه أو تشكيل أحزاب والتحالف مع «الأمة». واعتبر ذلك اجراءات اختيارية لما وصفه بـ «سفينة السودان العريض» التي سيخوض حزبه الانتخابات الرئاسية و البرلمانية تحت رايتها.
وحدد المهدي في احتفال نظّمه حزبه لمناسبة مرور 54 عاماً على استقلال البلاد، ثلاث رايات لخوض الانتخابات، أولاهما راية «تمديد عمر نظام» الرئيس عمر البشير، والثانية هي «السودان الجديد»، والأخيرة «راية السودان العريض» التي سيخوض حزب «الأمة» الانتخابات تحتها، مؤكداً أن الشعب السوداني سيختار هذه الراية إذا توافرت له الحرية والنزاهة.
ورأى المهدي أن الحصيلة بعد مرور 54 عاماً على استقلال البلاد، هي «سيادة وطنية ضائعة ومنقوصة، بلد محتل، حدود معتدى عليها، كرامة مفقودة، حرية منتقصة وإرادة تحت وصاية». ورأى أن التحدي الماثل الآن هو كيفية استرداد معاني الاستقلال التي ضاعت.
وانتقد المهدي توزيع الثروة في البلاد ودعا إلى ارادة وطنية وايجاد معادلات جديدة للسلطة والثروة.
واتهم المهدي حزب «المؤتمر الوطني» الحاكم بمصادرة أموال حزبه، وقال إنه لم يحصّل إلا عشرة في المئة منها. وأشار إلى أن «اتفاق التراضي الوطني» بين الحزب الحاكم وحزب «الأمة» شمل اتفاقاً على اعادة ممتلكات حزبه المصادرة، إلا أن ذلك لم يحصل. كما اتهم الحزب الحاكم بتجفيف مصادر تمويل حزب «الأمة»، وكشف ان الحزب الحاكم اشترط عليهم رد الأموال المصادرة في مقابل أن «يركبوا معه السرج» (أي إقامة تحالف). وتابع: «رفضنا ركوب السرج لأن ركوبه صعب و مليء بالثعابين».
وفي سياق آخر، شن الأمين العام لـ «الحركة الشعبية لتحرير السودان» باقان أموم هجوماً عنيفاً على «دولة السودان القديم»، واتهم شركاء الحركة في حزب «المؤتمر الوطني» بإدارة الوزارات التي يديرها وزراء من حركته عبر وكلاء هذه الوزارات وهم كوادر من الحركة الإسلامية، وذلك بهدف عدم تنفيذ القرارات الجوهرية والأساسية. ولفت إلى أن وزارة الخارجية التي يشغلها دينق ألور وهو قيادي في «الحركة الشعبية» يديرها في الواقع وزير الخارجية السابق مستشار الرئيس مصطفى عثمان اسماعيل من القصر الرئاسي.
وفي تقويمه لمرور أربعة أعوام على اتفاق السلام، وصف أموم دولة السودان القديم بـ «الفاسدة»، وقال إن أزمتها جعلت منها «دولة فاشلة ومهددة بالانهيار». واعتبر أن الطغيان والاستبداد قادا إلى الفساد في كل النواحي. وأضاف: «السودان تحوّل إلى دولة طاردة، وفيها أكبر معدل للنزوح في العالم».
وذكر أن خيارات التصويت في الاستفتاء على تقرير مصير الجنوب في 2011، تنحصر في تحقيق تطلعات الجنوبيين في أن يكونوا «معززين ومكرمين وأحراراً في داخل السودان». ورأى أن المواطن السوداني يعد الأكثر عرضة للعنف وغياب الأمن والنهب المسلح، وزاد: «في افريقيا لا تفوقنا إلا الصومال» في حوادث العنف.
وأضاف أن حزب «المؤتمر الوطني» دخل تنفيذ السلام بعقلية التراجع عن استحقاقات السلام والتغيير، وحاول الوقوف أمام أي تغيير والحد منه سواء في قضايا توزيع الثروة أو المشاركة في السلطة، إلى جانب انعدام الشفافية وغياب المشاركة الحقيقية في إدارة النفط. واتهم الحزب الحاكم باحتكار مؤسسات وعائدات النفط على الفئات المحسوبة عليه، وحرمان بقية الشعب السوداني من حقه في العمل.
وأفاد اموم بأن الخلافات بين شريكي الحكم قادت إلى إضعاف الشراكة، وقال: «في الحقيقة، لم تكن هناك شراكة، لكن حزب المؤتمر الوطني حاول أن يستمر في احتكار كل السلطة». واضاف أنه مثّل أيضاً عائقاً أمام إجراء تعديل في البنية القانونية في البلاد وأصبح يمثل خطراً حقيقياً على تحقيق السلام وبسط الاستقرار في البلاد. وتابع: «تنفيذ اتفاق السلام كان يفترض أن يقود إلى تسريع إنهاء الحرب في دارفور، ولكن المؤتمر الوطني وسّع دائرة الحرب ورفض الانصياع إلى المطالب العادلة لأهل دارفور».
الخرطوم – النور أحمد النور
الحياة