على ابوزيد على
ثلاثة موضوعات ومسميات تتوافق مدلولاتها ومعانيها وتشترك فى اصولها ومنطلقاتها ومنطلقات قيمها الهادفة لصون كرامة الانسان وكفالة حريته وتحقيق رفاهيته والموضوعت الثلاثة هى الديمقراطية والحكم الرشيد وحقوق الانسان وهذه الثلاثية اخذت منذ منتصف القرن الماضى مساحة معتبرة واهمية لدى كل شعوب الكرة الارضية وارتبطت موضوعاتها بتطور الفكر الانسانى التراكمى وبنتائج العولمة التى قاربت بين ثقافات الشعوب وبالتالى ظهرت الحاجة الى ضرورة ايجاد نوع جديد من العلاقات بين افراد وجماعات المجتمعات الانسانية فى كافة المستويات لتسيير النظام الاجتماعى والعمل من اجل سيادة القيم الانسانية بشمولها لكل البشر وتحقيق مطالب حقوق الانسان والديمقراطية من خلال مبادئ الحكم الراشد باعتبار ان نظام الحكم مسئوول عن تنظيم الحياة العامة ومسئول عن تحقيق الامن والرفاهية للشعب
ان علاقة الثلاثية التى افتتحنا بها هذا المقال بالحوار الوطنى الذى طرحته الحكومة للقوى السياسية والاجتماعية فى بلادنا السودان هى علاقة متداخلة وذات صلة بموضوعات الحوار ومرتكزاتها الاربع والتى فى مجملها تتعلق بمجالات بسط الديمقراطية والتداول السلمى للسلطة وتحقيق الامن وايقاف الحرب والنزاعات وتحقيق التنمية ومحاربة ثالوث الفقر والجهل والمرض ومعالجة التمييز بين المكونات الاجتماعية لشعب السودان بحسم الهوية ومن المعلوم ان الحوار احد اهم اليات تزكية الديمقراطية واحدى مرتكزات حقوق الانسان ومنهج ملازم للحكم الرشيد والحوار المطروح فى حالة السودان يسعى للتوافق الوطنى حول شرعية نظام الحكم الذى بتمثيله لارادة الشعب وتعزيز وحاكمية حقوق الانسان اذ ان الحكم الرشيد وحقوق الانسان يعززان بعضهما البعض ويستندان الى القيم والمبادئ الاساسية المطلوبة لبناء عناصر الحكم الرشيد والتى تؤكد مسئوولية الدولة فى تأسيس اليات مشاركة الشعب فى القرارات وارساء مبدأ مساءلة الحكومة وتحقيق الشفافية فى ادارة الشئون العامة
الحكم الراشد وهو ما يطلق عليه ايضا بالحوكمة وهو المصطلح الذى برز بقوة فى المجتمعات الانسانية فى النصف الثانى من القرن الماضى بسبب اخفاقات الحكم فى عدد من دول العالم والتى انتجت الحروب والنزاعات والكوارث واوقفت التنمية واضاعت حقوق الانسان وتعريف الحكم الراشد او الحوكمة هى مجموعة المؤسسات والاجهزة السيادية والعدلية والتنفيذية التى من خلالها تمارس الحكومة السلطة فى تصريف شئون العامة وهو يؤثر ثأثيرا كبيرا فى كافة مجالات النشاطات البشرية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية استجابة لاحتياجات اصحاب المصلحة وهو ما يحقق مصداقية الديمقراطية فى منهجها اللازم للشورى والمشاركة والعدالة
اشارة لتعزيز مفهوم حقوق الانسان والحكم الراشد لبعضهما البعض فان موضوعات حقوق الانسان لا يمكن ان يحظى بالحماية والسيادة الا فى وجود الحكم الراشد الذى ينشأ من ممارسة الديمقراطية والشورى وحاكمية ارادة الشعب واحدة من اهم مطالب حقوق الانسان التى جاءت فى بعض فقرات الاعلان العالمى لحقوق الانسان وفى العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية وعدد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية وهى المبادئ التى يجب ادماجها فى التشريعات والقوانين والسياسات التى تنتهجها الدولة الراشدة
وبنظرة لاشكاليات السودان التى استوجبت جلوس القوى المدنية للتوافق حول الشئون العامة وتحقيق السلام والاستقرار والتنمية فان المحاور التى تم طرحها تجد المعالجات الحقيقية فى النهوض بتعزيز واحترام حقوق الانسان هذه المبادئ التى شملت العلاقة بين الحكومة والشعب من خلال الاختيار الحر والشفاف او ما يعرف بالانتخابات الحرة والنزيهة وفق المعايير الدولية ايضا شملت المواثيق الدولية حقوق الافراد والجماعات فى الشئون المدنية والمواطنة وموضوعات الحريات مثل حرية الصحافة والتعبير وحق انشاء الاحزاب والمنظمات المدنية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحقوق المدنية والسياسية وموضوعات الحماية لفئات الحماية من اطفال ونساء والمعاقين والاجئين والنازحين داخليا والاقليات والمهمشين كما تناولت موضوعات حقوق الانسان العلاقة بين الدول لصياتة الامن والسلم الدوليين
ان معالجة الاشكاليات الوطنية تحتم علينا العمل الجاد لانجاح عملية الحوار الوطنى وهى تتطلب بداية تهيئة الظروف المناسبة للحوار وهو المطلب الاساسى للقوى السياسية المعارضة التى لم تجلس لمائدة الحوار ومن اجل الاستجابة لمطالب هذه القوى لا بد من الالتزام بسيادة محاور حقوق الانسان فى كافة المجالات وتمكين الاليات الرسمية والمدافعين عن حقوق الانسان من اداء مهامها فى حماية وتعزيز حقوق الافراد والتنظيمات المدنية وهذا يتطلب من الحكومة رفع شعار الاصلاح القانونى والدستورى باعادة النظر فى القوانين التى تتعارض مع اطلاق النصوص الدستورية اذ ان دستور 2005 السارى المفعول شمل فى باب الحريات والحقوق كافة محاور حقوق الانسان واكد الالتزام بكل ما جاء فى المواثيق والمعاهدات الدولية التى صادق عليها السودان فى موضوعات حقوق الانسان وهو ما يهيئ الاوضاع المناسبة للحوار ويدعم الحريات وسيادة حكم القانون والمساواة بين الافراد والجماعات وضمان مشاركة الجميع لمستقبل السودان
ولله الحمد
[email protected]