بقلم : أحمد قارديا خميس.
كان من المُسلَّم أن وفد الحركة الشعبية (قطاع الشمال) الي اديس يجب أن يكون وفدا وطنيا يمثل القوي السياسية والعسكرية وكل الناشطين في اطار الثورة, بغض النظر عن موقعها الجغرافي , أكان داخل السودان أم خارجه . برغم ان الحركة الشعبية اختارت حوالي 34 شخصية سودانية سمتهم (خبراء وطنيون) هدفهم المساهمة في مفاوضات تمضي في اتجاه الحل الشامل لقضايا السودان .
هذه الضرورة أملتها اعتبارات متنوعة , منها استمالة هزيمة النظام بقوة أي طرف بمفرده من أطراف المعارضة , مهما ملك من قوة وبلغ من تمثيل , وحتمية توحيد مواقف ورهانات المعارضة من أجل خوض معركة تفاوضية لا تقل تعقيدا من المعركة العسكرية الدائرة علي الارض , التي توجد اليوم في مرحلة توازن يجعل من الصعب حسم الصراع بواسطتها , ان الجبهة الثورية السودانية والقوي السياسية (الاحزاب) علي حالهما . وتواصل دعم الصين وايران وقطر الكثيف جدا للنظام بالمال والسلاح , والدعم الفني العسكري لمليشيات النظام , كما وأن سياسيات المجتمع الاقليمي والدولي لم تتغير تجاه السودان , وبقي الاوربيون طرف محدود التاثير علي الصراع , والامريكيون جهة تدير الامور بطريقة بطيئة , فاذا أضيف الي هذا المسار العسكري الراكد مسار سياسي مماثل , حلت الازمة بالسودان والسودانيين. لتحريك المسار السياسي واضفاء ديناميكية ما عليه , تمس الحاجة الي اتفاق قوي المعارضة الفاعلة حقا علي برنامج تفاوض وطني مع النظام , والي تحريك المسار العسكري بقوة , وتعزيز التفاعل الايجابي والمتبادل بين الشعب وتنظيمات المعارضة , وخاصة منها الجبهة الثورية السودانية , وتفعيل وتنظيم الانشطة المدنية والسلمية للثوار داخل المدن السودانية ومهجّري الخارج , وتعبئة الطاقات الوطنية لمعركة فاصلة ستلي حتما فشل المسار التفاوضي المتوقع.
لا يمثل وفد الحركة الشعبية قطاع الشمال الي مفاوضات “اديس” قوي الساحتين (قوي احزاب التحالف المعارض والقوي العسكرية المعارض) . ولم يذهب الي التفاوض برؤية توافقية مع احزاب التحالف المعارض , لا يعني هذا أن رؤيته ليست صحيحة , بل يعني أنها من صياغتها وحدها (حتي لو صاغتها مع الجبهة الثورية السودانية ), أنها لم تجذب مشاركة القوي السياسية والعسكرية الفاعلة في وضعها .
عل الجملة , تنقسم المعارضة السودانية الي فصائل أربع: فصيل يتمثل في المعارضة المسلحة الأكثر تاثير وشيوعا علي الارض وهو الجبهة الثورية السودانية التي تنضم الحركة الشعبية (قطاع الشمال) وثلاث حركات مسلحة من دارفور , اما فصيل الثاني تمثله الاحزاب السياسية المعارضة رغم من خلافات ومشكلات وهي قليلة التاثير يستثني منها الجزء المكون لقوي التحالف المعارض . وفصيل الثالث هو قبضة الثورة الضاربة وحاضنتها الشعبية وتضم قوي شبابية مدنية متنوعة (هبة سبتمبر). والفصيل الاخير هو عبارة بعض مجموعات انشقت من حركات دارفورية مسلحة .. ذائِداً لمجموعات مقاتلة بشرق السودان وكل هذه المجموعات لم تدخل تحالف كاودا.
أعتقد أن تمثيل المعارضة سيكتمل الي حد بعيد , اذا ما دخلت قوي المعارضة والمقاومة والحراك المدني الي ميدان التفاوض بشراكة وطنية جامعة مع الحركة الشعبية , تراعي مواقف الجميع وتضع خطة تفاوضية موحدة وهذا يسانده قطاع اجتماعي وآسع في السودان .
ان الحركة الشعبية هي الجزء من الجبهة الثورية السودانية وايضا لديها علاقات قوية مع بعض الاحزاب السياسية المعارضة تنضوي في اطار هدف متوافق عليه بصورة عامة هو اسقاط نظام الحاكم واقامة نظام ديمقراطي – تعددي وحر – هنا توجد مشكلة جدية هي أن بعض الاحزاب السياسية اليوم تتحاور مع نظام المؤتمر الوطني بمعزل واخري ترفض اسقاط النظام بالقوة .
بدخول الجبهة الثورية السودانية والاحزاب السياسية مجتمعة وبرؤية مشتركة الي ميدان التفاوض , ستغير بنية ومهام وخطط وفد التفاوض، وتزول الضبابية وسيتحول الوفد الي وفد وطني بمعني الكلمة , وان بقي غلافه الخارجي باسم (الحركة الشعبية) .عندئذ , لن ياتي الاخرون الي المفاوضات كي يتبنوا رؤية طرف بعينه , وسيزول ما بين المعارضين من احكام مسبقة وخلافات , وسيكون هناك أمل حقيقي في الانتصار علي النظام و حل الشامل للازمة السودانية ..
[email protected]