تقرير – عاين
يعيش اللاجئون من دولة جنوب السودان اوضاعاً مأسوية في منطقة الرنك في ولاية النيل الابيض السودانية ، ويشكو اللاجئون من نقص حاد في الغذاء والدولاء الى جانب اكتظاظهم في المخيمات ، في وقت لا تطلق عليهم حكومة الخرطوم صفة اللاجئ عليهم ، حيث وجه الرئيس السوداني عمر البشير بان يتم التعامل مع اللاجئيين الجنوبيين كسودانيين وليسوا كلاجئين ، وتعتبر هذه مخالفة للقانون الدولي ، لكن الخرطوم بررت موقفها بان القانون الدولي يتيح للدولة المضيفة بالمواقفة على قبول اللاجئين او رفض ذلك .وكان الرئيس السوداني عمر البشير قد قال خلال زيارته الى جوبا بعد اندلاع الحرب في جنوب السودان ان حكومته ستعامل الجنوبيون العابرين الى حدود بلاده كمواطنين سودانيين وليسوا كلاجئين ، وهناك تكمن الوضع المأسوي للجنوبيين في السودان وهو ما ادى الى ارتباك عمل المنظمات الدولية في كيفية التعامل مع وضعية الجنوبيين الفارين من الحرب باعتبار ان الخرطوم قالت انها ستتعامل معهم كمواطنين ، رغم انهم مواطني دولة عبروا حدود دولة اخرى .
وقال شارلس كأي القادم إلى الخرطوم من منطقة الرنك ، وهو من منطقة بانتيو وينتمي إلى قبيلة النوير لـ(عاين) ، ان اهله يعيشون أوضاع انسانية سيئة في الرنك خاصة الاطفال والنساء وجرحى الحرب ، واضاف ان المنظمات العاملة في المجال الانساني غائبة تماماً بسبب ان الحكومة السودانية وجهت بالتعامل مع الجنوبيين كمواطنين والا يتم التعامل معهم كلاجئين في السودان ، وقال ان الحكومة السودانية لم تعر الاوضاع الانسانية للجنوبين أية اتهام باستثناء زيارة لمحافظة الجبلين للمعسكر ، وقدم مساعدات غذائية عبارة عن وجبة غداء ليوم واحد.
ومن جانبه قال صمويل دنيق لـ (عاين ) ان آلاف من الجنوبيين يعيشون أوضاعاً إنسانية سيئة في منطقة (الليري وتلودي ) في ولاية جنوب كردفان التي تشهد حرباً هي الاخرى بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية في شمال البلاد ، و(90 ) الف من مواطني تلك المناطق هم من النازحين ويعيشون في ظروف سيئة في مناطق الحركات المسلحة عقب المعارك الأخيرة بين الحكومة والجبهة الثورية أدت الى زيادة (10) الف نازح في مناطق الحكومة ، و(13) الف نازح في مناطق الحركات المسلحة في ظل غياب للعون الانساني ، مشيراً الى انتشار أمراض سوء التغذية والأمراض المتعلقة بصحة البيئة في ظل غياب العون الانساني لهؤلاء الجنوبيين الذين تتضاعف معاناتهم بولاية تحترق بالحرب
وكان مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بالسودان قد توقع عبور اكثر من ( 350 ) ألف لاجئ من جنوب السودان هرباً من الصراع الدامي في بلدهم ، بينما اقر المفوض العام للعون الإنساني في السودان سليمان عبدالرحمن، إن اي مواطن يعبر حدود دولته إلى دولة أخرى فراراً أو خوفاً من الحرب يسمى “لاجئاً” لكنه قال ان المفوضية ستنفذ توجيهات الرئيس البشير التي طلبت معاملة القادمين من دولة جنوب السودان كـ”أخوة” وليسوا لاجئين بدون استضافتهم في معسكرات، وتابع “سيتم التعامل معهم كمواطنين” ، غير ان واقع الحنوبيين يقول ان هناك تناسب عكسي بين التزام حكومة السودان بتقديم العون وكريم الاستضافة ومعاناة الجنوبيين في معسكرات الليري، وتلودي بولاية جنوب كردفان ومنطقة ( كيلو 10 ).
وكان برنامج الغذاء العالمي التابع للامم المتحدة قد أعلن في وقت سابق عن أن (الأزمة في جمهورية جنوب السودان قد هددت وبشكل خطير الأمن الغذائي في البلاد، وهذا دفع الملايين إلى مزيد من الجوع وأدى بشدة إلى تعقيد جهود البرنامج لتقديم الإغاثة ) ، وطالبت المتحدثة باسم البرنامج الغذائي العالمي إليزابيث بيريس، في مؤتمر صحفي في جنيف أطراف النزاع في جنوب السودان بالسماح بوصول وكالات المعونة الإنسانية بشكل أفضل لتقديم مساعداتها إلى المتضررين من الأزمة، لافتة الى أن “المنظمة الدولية كانت قادرة على توفير حصص غذائية طبيعية لمخيمات اللاجئين، ولكن الأزمة في جنوب السودان أدت إلى مضاعفات خطيرة فيما يخص إعادة تزويد مخيمات اللاجئين بإمدادات الحبوب، فيما قالت الأمم المتحدة أكثر من ثلاثة ملايين شخص في جنوب السودان يحتاجون بشكل عاجل إلى مساعدات غذائية، وينذر التحذير الأممي الجديد بتفاقم الأوضاع الإنسانية مع تحذيرات من مسؤولين محليين بفشل الموسم الزراعي .
ومن جهته الملحق الانساني بسفارة دولة الجنوب بالخرطوم كابي جرما ابراهام تحدث عن الاوضاع الانسانية للجنوبيين بالسودان وقال لـ( عاين) إن هناك (40 ) الف مواطن من دولة الجنوب بالحدود السودانية من (كيلو 10) حتى منطقة ( ام كويك)، ومنهم (18) الف نازحي بالخرطوم منذ فترة الحرب الاهلية بين الشمال والجنوب ، واعترف بصعوبة إجراء إحصاء للجنوبين الذي دخلوا الخرطوم أثناء الحرب لأنهم اندمجوا مع المجتمع وفي معسكرات النازحين حيث توجد اعداد منهم في منطقة (ود البشير) ، وقال (هم يعانون من ازمة انسانية خاصة المواطنون القادمون من ولاية أعالي النيل من دولة الجنوب ) ، مشيراً الى ان مفوضية شؤون اللاجئين رفضت تقديم المساعدة للجنوبين في السودان باعتبار ان تفويضها لا يمنح الجنوبيين حق تقديم المساعدات الانسانية عبرها بعد تصريحات البشير التي قال فيها (ان الجنوبيين في السودان مواطنين سودانيين وليسوا لاجئين ) .
وطالب جراهام المجتمع الدولي بضرورة تقديم الغذاء للجنوبين سواءً كانوا لاجئين أو غيره، وقال ان هناك محاولات للتنسيق بين سفارته والمنظمات المحلية وولاية النيل الابيض للنظر في الوضع الانساني ، مشيراً الى اختيار ولاية النيل الابيض لترحيلهم من هذه المناطق التي تشح فيها مياه الشرب الصالحة ، واعترف بان الكميات للغذاء والدواء ليست كافية ، وقال ان هناك انعدام للاغطية في ظل الخريف الذي اصبح على الأبواب ، وتنبأ بوضع انساني اسوأ ومعاناة كبيرة إذا لم تتدخل المنظمات الانسانية لتقديم المساعدات للجنوبين، الى معاناتهم في الخرطوم بسبب عدم وجود ماوى خاصة الذين لم يروا السودان الا في فترة الحرب الحالية ، وقال ( بالرغم من المعلومات الواردة بشان حالات الموت في المعسكرات لكن ليست هناك احصائيات حتى الان ، وأشار الى تزايد حالات النزوح يوميا بالسودان .
وقال مفوض العون الانساني سليمان عبد الرحمن سليمان لـ (عاين) ان معاملة اللاجئين الجنوبيين كلاجئين بحسب توجيهات البشير ، واضاف ( نعم القانون الدولي يقول انهم لاجئين ولكن هذا يتوقف على موافقة الدولة المضيفة والجنوبيون صحيح انهم انفصلوا عن السودان وكان الانفصال سياسياً ) ، وقال ( المعاملة التي ابداها السودان تأتي ضمن تنفيذ اتفاق الحريات الاربع التي تم توقيعها العام الماضي وسيتم منح الجنوبيون الذين عبروا الى داخل السودان حق العمل وحرية التحرك )، مشيراً الى ان العلاقات بين البلدين لها خصوصية تاريخية ومصاهرة وحدود مفتوحة ، وقال ( معظم مواطني جنوب السودان لديهم اهل في السودان وعلاقة مصاهرة وما زال هناك اكثر ما بين 160 الى 200 الف مواطن جنوبي في السودان قبل اندلاع الحرب هناك ومنهم من وفق اوضاعه بعد الانفصال ) ، مشيراً الى ان المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة وبرنامج الغذاء العالمي يقدمان مساعدات للجنوبيين داخل حدود السودان ، وقال ( هذه الظروف استثنائية بل هناك اعداد من الجنوبيين الذين عبروا الى السودان عادوا الى دولتهم )
وحول معاملة جنوب السودان السودانيين الفارين من منطقتي جبال النوبة والنيل الازرق وتعريفهم كلاجئين قال سليمان ان القرار في يد الرئيس سلفا كير وان ذلك من حق الدولة المضيفة فهي التي تقرر كيفية معاملة اللاجئين اليها ، واضاف ( لذلك فان الجهات الدولية الموجودة في جنوب السودان تقع عليها المسؤولية في حمايتهم وتقديم المساعدات الانسانية لهم وايواءهم بعيداً عن الحدود المشتركة بحو 50 كلم )
ورغم ان ولاية الخرطوم قررت ابعاد اكثر من (100) الف جنوبي من العاصمة الى خارجها في تناقض واضح بما قرره الرئيس السوداني عمر البشير بمعاملة الجنوبيين كسودانيين ، والابعاد لاسباب قالت ولاية الخرطوم ان سكان العاصمة اشتكوا من وجودهم داخل الاحياء بطريقة عشوائية ، فان قضية معاملة الجنوبيين كمواطنين اصبحت مجرد اعلان سياسي سرعان ما تراجعت الحكومة السودانية عنه بطرق مختلفة ، من بينها تجميد اتفاق التعاون بين البلدين الى حين انتهاء ازمة دولة جنوب السودان .