الجبهة الوطنية العريضة … ومشروع الدولة المدنية
2—–2
اعلم ان واقع السودان السياسى الحالى يستوجب الجرأة السياسية لخلق ادب سياسى يتمثل فى خلق جبهة وطنية عريضة يصطف حولها عموم الشعب السودانى المقهور لتغيير الواقع السياسى و تحطيم صنم الشمولية الذى رهن ارادة الشعب فى مشروعه الحضارى ..
لقد مر الشعب السودانى بكثير من التجارب و تكوين الجبهات و التحالفات لتغيير الأنظمة الشمولية , و الملاحظ ان كل تجربة تختلف عن غيرها بما تمتلكه من رصيد سالب و موجب , ما يهمنى فى هذا السياق تجربة تكوين التجمع الوطنى الديمقراطى و ما صاحبه من فشل ذريع فى اقتلاع نظام الأنقاذ والقذف به الى البحر , لذلك يجب النظر بعين الأعتبارالى تلك التجربة القريبة لأنها ما زالت تتوطن الذاكرة السياسية السودانية بحيث نستمسك بالموجب فيها و نتجاوز السالب منها …
رسالة الى المؤتمرين و هم يزرعون الأمل المنشود :– من مآسى الزمن السودانى الردئ افتقاره الى مشروع وطنى منذ خروج المستعمر يتجاوز بنا حالة العجز و الأفلاس السياسى … و لعل ذلك العجز يجعلنا نطالب المؤتمر بتبنى مشروع وطنى يلهب الوجدان و يعبر عن الحلم السودانى المشترك …..
و انتم فى مؤتمركم التأسيسى يقينى انكم تحملون كل قضايا الوطن و ستقتلونها بحثا وتمحيصا و ستحاولون كلما فى وسعكم لايجاد الحلول الناجعة لها , و كأحد المهمومون بقضايا الوطن افرد هذه المساهمة على استحياء علها تجد بعض اذانكم و اسماعكم و انظاركم و انتم تكونون الجبهة الوطنية العريضة ..ما اريده الآتى :–
1—جبهة وطنية عريضة ترتفع بأدب الخطاب العام و الخطاب السياسى و الأجتماعى ,بعيدا عن العرقية المقيتة و العصبية النتنة , خطاب ادعو فيه كل القوى المشاركة بكل توجهاتها الى ضبط النفس و الألتزام بمكارم الأخلاق و ادب الحوار , ما اريده مؤتمرا نجرى فيه حوارا ديمقراطيا جادا ليس لمجرد (طق الحنك) و اثبات المواقف فى مهرجان خطابى …بل نريده لعكس الوعى بقضايانا المصيرية والمشاركة السياسية و اتفاقنا على آليات لاجتثاث الذى احتكروا الوطن .
2—جبهة وطنية عريضة تضع ادب التحالفات السياسية كوسيلة للتغيير السياسى , كما فعلت الأحزاب العلمانية والأسلامية فى الأتحاد السوفيتى السابق لسحب البساط من تحت اقدام الأحزاب الشيوعية الحاكمة فأفلحت فى خلق واقع سياسى جديد قضى على احتكار الأحزاب الشيوعية لدست الحكم فى معظم دول الأتحاد السوفيتى المستقلة ..
3—جبهة وطنية عريضة نواكب بها العالم من حولنا فى ترسيخ قيم الديمقراطية و مشاركة سياسية حقيقية لكل الأطراف المنضوية تحت مظلة الجبهة العريضة بعيدا عن الأهواء والأنفعال لنضع أول مدماك فى بناء الدولة المدنية (دولة الحقوق و الواجبات) التى نكسر بها احتكار المؤتمر الوطنى للوطن و السلطة ..
4— جبهة وطنية عريضة ذات نوايا خالصة و ارادة سياسية صادقة تعمل على ايجاد حلول عاجلة لكل قضايا الهامش السياسية و الأقتصادية و الأجتماعية , حتى لا تتضاءل مساحات الأنتماء القومى المشترك و بالتالى تنتفى دواعى الدعوة الى الأنفصال و حق تقرير المصير ….
5—جبهة وطنية عريضة تعمل على كبح جماح قطار الأنفصال المنطلق جنوبا وغربا وشرقا , و تعيد النظر فى مشورة ( التلاعب بالألفاظ ) الشعبية بما يحقق طموحات تلك المناطق فى التنمية المتوازنة و المستدامة و المشاركة السياسية الفاعلة التى تؤكد التوزيع العادل للسلطة و الثروة , ولحدوث ذلك لابد من التمييز الأيجابى لتلك المناطق تجسييرا لهوة التفاوت التاريخى و السياسى و الأقتصادى و محوا للضيم و الظلم الذى شهدته على عهد الأستعمار و الحكومات الديمقراطية و الشمولية المتعاقبة ..
6—جبهة وطنية عريضة تعيد للقضاء السودانى ايامه التليده , و لرجال القضاء القاعد و الواقف هيبتهم و قوتهم فى التعاطى مع كل القضايا … بعيدا عن الأفتتان بالسلطة و رموزها ..
7—جبهة وطنية عريضة ترسم للجيش السودانى مسار الأحترافية حتى يضطلع بمهامه فى المحافظة على الوطن و حدوده من الأعداء و الغاصبين , لا جيشا ايدلوجيا يدبر الأنقلابات و ينفذها , و يحرس الأنظمة الشمولية و يأتمر بأمرها …
8—جبهة وطنية عريضة تعيد للشرطة و اجهزتها المختلفة الكفاءة المنشودة فى التعامل مع الجرائم الجنائية و الحوادث التى تهدد أمن المواطن و تضر مصالحه ..بدلا من استخدامها فى قمع الشعب ارضاءا للسلطان و نظامه ..
9—جبهة وطنية عريضة لأسقاط قانون الأمن الوطنى الذى لم يجف مداده بعد , لوقف انتهاكات حقوق الأنسان و تحاسب الذين اهدروا كرامة الأنسان السودانى و اذاقوه صنوف التعذيب و الترويع والهوان ….ما نريده قانون أمن يرسم للتنفيذيين ضرورة تغليب الأمن الجنائى على الأمن السياسى حتى نضع حدا للتهويل و التضخيم الذى تمشى به الآلة الأعلامية الحكومية فى المخاطر التى تهدد اركان النظام الشمولى الأنقاذى … فليس كل صرخة حق مؤامرة … و ليس كل مسح جوخ …مبادرة..
10 — جبهة وطنية عريضة تعترف بأن المعارضة المسلحة و السياسية حق شرعى لأزالة الأنظمة الشمولية التى تستلب الأوطان … و بذات القدر تعترف بأن المعارضة الديمقراطية ما هى الا الوجه الآخر للحكومة المنتخبة وفق عملية ديمقراطية غير معيبه تختلف معها فى الوسائل و تتوافق معها فى الغايات , و ان المعارضة عملا وطنيا و اجتهادا مسئولا لممارسة حق الأختلاف مع السلطة المنتخبة , لا نريد الأختلاف علامة من علامات ضعف الولاء للوطن و لا دليلا على العمالة الأجنبية …
11—جبهة وطنية عريضة تعمل على اعادة المفصولين و تعوضهم ماديا و معنويا عن سنوات الشقاء الأنقاذى , بل تعيد الهيبة لنقابات عمال السودان التى صارت مسخا مشوها طوال العقدين الماضيين و بعد ان عمد المؤتمر الوطنى و فى محاولاته تقليص نفوذ القوى السياسية الأخرى , للتدخل فى العملية التشريعية و بمساعدة الحركة الشعبية سن و تمرير القانون الجديد و الذى يعنى تكريس الحادية و تثبيت وجود المؤتمر الوطنى فى ساحة العمل النقابى …
12—جبهة وطنية عريضة تفتح الوطن على مصرعيه لعودة الذين هجروا قسرا الى المنافى البعيدة و الشتات ,عساهم يسهموا فى الأصلاح السياسي و الأقتصادى و الأجتماعى ….
و فى الختام اجزل التحايا ومجمل الشكر للأستاذ : على محمود حسنين المحامى و لكل المؤتمرين ممن تجشموا الصعاب لتصير الجبهة الوطنية العريضة واقعا سياسيا جديدا يقيل الوطن من وهدته و يكفى البلاد شرور بعض العباد …. آمين .
و دمتم
موسى عثمان عمر على (بابو)—-استراليا—برسبين
e.mail :[email protected]
ph :=61434024971