قال فيكتور هوجو الشاعر والكاتب المسرحي الفرنسي (ليس هناك جيش أقوي من فكرة حان وقتها). وقال الأستاذ المناضل علي محمود حسنين رئيس الجبهة الوطنية العريضة (لقد دقت ساعة الانطلاق). وكلا الرجلان ينطلقان من فكرة مبدئية ونبيلة مرتكزها الإنسان وحقه في أن يعيش إنسانا عزيزا كريما في وطنه.
دقت ساعة الانطلاق داوية معلنة بداية النهاية لعهود طويلة من الإذلال والاستغلال والاضطهاد، وظلم الإنسان لأخيه الإنسان، ومبشرة بميلاد فجر واعد وجديد يفصل بين الحرية والقمع، بين الديكتاتورية والديمقراطية، بين الحرب والسلام، بين الشفافية المالية والفساد، بين أن يعيش الشعب السوداني كريما أبيا، وبين أن يعيش مضطهدا كسيرا، بين استغلال الدين لمنافع دنيوية وبين دولة كل الأديان والثقافات والأعراق.
ولدت فكرة الجبهة الوطنية العريضة بعد مخاض طويل من الفشل السياسي الذي لازم كل التجارب السابقة للتغيير والتي اختبرها الشعب السوداني طويلا بعد أن منحها الفرصة تلو الفرصة آملا في مستقبل واعد نحو الأفضل وكانت المحصلة النهائية بأن أصبحت الشعوب السودانية كلها رهينة لنظام ديكتاتوري قمعي فاسد في نفسه مفسدا لغيره، نظام جعل من القضايا المصيرية للمواطن والوطن أجندة خاصة به تخدم منتسبيه ومحازبيه والذين تلتقي مصالحهم معه في الداخل والخارج، نظام ارتكب الخيانة الوطنية في أقصي مراحلها دناءة وذلك عندما تآمر مع جيش أجنبي ليضرب بطائراته الحربية مواطنين سودانيين يدعي الانتماء إليهم ويحكم باسمهم.
جاءت فكرة الجبهة الوطنية العريضة حاملة معها آمال وتطلعات الشعوب السودانية بعد أن بلغت القلوب الحناجر ولم يعد في قوسها منزع من صبر بعد أن جف الضرع، ويبس الزرع، ومات الشجر، ولم يعد هناك حجر قائم علي حجر، وكف هدير المصانع وتم هجر المزارع، وبعد أن أصبح الفرح ملكية خاصة تحتكره فئة دون أخرى، وأصبح الحزن ملكية عامة تنوم طوكر متوسدة الجوع، وتسهر الطغمة الحاكمة من التخمة، تبكي دارفور ويلات الحروب وتضحك الفئة الحاكمة مليء شدقيها. وطن صار يتنفس برئة واحدة والطغمة الحاكمة تتكلم عن وحدة خادعة يمكنها أن تتنفس اصطناعيا.
استجابت الجبهة الوطنية العريضة لنداء وطن يقول للشرفاء من أبناءه أغيثوني بعد أن أصبح الفساد المالي لا يحتاج إلي دليل فعنوانه والشاهد عليه هي العمارات السوامق التي يملكها أشخاص قبل مجيء هذه السلطة لا يملكون شرواء نقير، عنوانه والدليل عليه الفارهات من السيارات في بلد كفت عن العواء كلابها من شدة آثار الجوع، في بلد لم يعد الغناء هو الغناء، ولم يعد الفرح هو الفرح، حتى الحزن علي ضحاياه أصبح جريمة يعاقب عليها قانون الغاب لأنه نوع من المعارضة.
جاء ميلاد الجبهة الوطنية العريضة مبشرا بميلاد سودان ديمقراطي حر لا تحكمه الرؤى الدينية أو الأيديولوجيات المستوردة التي تهدف لخدمة أغراض سياسية مجردة عن أي بعد أخلاقي ووطني، هي جبهة لا تعزل أحدا ولا تدعي أن حل قضايا ومشاكل الوطن بيدها، هي جبهة عريضة لا تحتكر الحكمة في القول الفصل في قضية مصيرية تهم كل الشعب السوداني، فهي إذن جبهة وطنية تمد يدها لكل الشعب السوداني بمختلف فئاته وسحناته وتنظيماته السياسية ومنظماته المدنية لتسهم في التغيير واقتلاع هذا النظام من جذوره ليبني الشعب السوداني علي أنقاضه وطنه ويقرر مصيره ويحدد كيف يحكم نفسه بنفسه دون تدخل أو وصاية من أحد.
فتحت الجهة الوطنية العريضة أبواب الأمل في التغيير علي مصرعيه لكل وطني غيور يؤمن بأن الخلاص الوطني يكمن في إسقاط هذا النظام المجرم بكل السبل الممكنة ومهما كان الثمن عاليا، ويؤمن بعدم الحوار معه حتى لا يشرعن وجوده، ويؤمن بأن الوطن يسع الجميع بمختلف ثقافاتهم وأعراقهم وإثنياتهم فهذه هي شروط الانضمام للجبهة الوطنية العريضة ومن من الشرفاء لا تنطبق عليه هذه الشروط؟.
ورجل يقول (لقد بلغت من العمر عتيا ولا أريد مجدا شخصيا لي فمكاني بين أحفادي ألاعبهم ويؤنسون وحدتي ولكنه صوت الوطن الجريح يناديني فلبيك يا سودان) جدير بقيادة هذه الجبهة الوطنية العريضة حتى تحقق أهدافها ويولد سودان جديد خال من الدماء والدموع.
الصادق حمدين ـ هولندا