بقلم : أحمد قارديا خميس
[email protected]
لابد لمن تابع اول المعارك بين قوات الجبهة الثورية ومليشيات المؤتمر الوطني في بداية عام 2014م، في مناطق جبال النوبة بولاية جنوب كردفان بملاحظة أمر عظيم الاهمية .هو سرعة انهيار مليشيات النظام , والطريقة التي اعتمدها في الفرار من أرض المعركة , واتسمت بقدر مباغت من الفوضي , وسادها ذعر جلي يشبه في مظاهره ما يحدث عند وقوع زالزال او حدث لا سبيل الي مقاومته . ما ان بدأ الهجوم حتي ترك المليشيات اسلحتهم ومواقعهم ولاذوا بالفرار , دون أن يظهروا أدني قدر من الرغبة في القتال او تبدر منهم أية بادرة تؤكد تصميمهم علي التمسك بمواقعهم وصد المهاجمين (قوات الجبهة الثورية السودانية) , الأمر الذي فاجأ هؤلاء وجعلهم يتقدمون في مواقع مليشيات النظام دون مقاومة تذكر , ويغنمون كثيرا من الاسلحة والذخائر وسط حيرة وخوف اهالي المنطقة الذين مروا في لحظة خوف من قصف الجوي المستمر من نظام الابادة الجماعية , ثم ارتاحت نفوسهم بعد تدمير المليشيات , وعندما عوملوا بانسانية من قبل قوات الثوار .
هذه المفاجأت هي التي تفسر سقوط عدد كبير من المواقع الاستراتيجية في ايدي المهاجمين ( الجبهة الثورية). لكن فرار المليشيات من معظم المناطق التي لم تتعرض لاي هجوم , ومواصلة الثوار التقدم وخصوصا ان خسائرهم كانت محدودة جدا ودون اي توقع , رغم ان مليشيات النظام كانوا يمارسون قصفا يوميا بالمدفعية وجوا بالطائرات في مواقع قوات الجبهة والقري.
وكانت قد سبقت هذا الانهيار الجماعي لمعنويات مليشيات النظام مظاهر تؤكد ما بلغته من تهافت , سواء في ابوزبد او شرق جبل مرة او ابو كرشولا … في العام المنصرِم , حيث قاتل عشرات الآلاف من المليشيات مدعومين بمرتزقة ارهابية من مالي ومدججين باحدث الاسلحة والطيارات الحربية من ايران ضد مئات قليلة من قوات الجبهة الثورية السودانية مزودين باسلحة بسيطة .
وفي الايام القليل الماضية قد جمع المؤتمرالوطني من قواته والجنجويد والدفاع الشعبي والمرتزقة وزودها بثلاثمائة عربة بالاسلحة المختلفة وقرابة عشرون دبابة وايضا بالطائرات العمودية والانتوف وجهها الي جبال النوبة , واختفوا بالقصف المدفعي والجوي علي القري , ثم احتفلوا بكذب بانهم احتلوا كاودا, ولكن وقعت مفاجأة من العيار الثقيل وهي سقوط هذا المتحرك بالامس في طروجي وجاوة 4/1/2014. هنا فر الضباط قبل صغار الجند , واستلام عشرات من المدافع والعربات وتدمير كثير من الاليات الحربية .فكان سقوط هذا المتحرك لحظة اضافية كشفت المدي الذي بلغه انهيار معنويات مليشيات السلطة وحجم الضرر الذي أصابه كانت نتجية تحويله الي مسلحين يقودهم ضباط الامن ويتحكم بقراراتهم الجنجويد والدفاع الشعبي ينضوون فيما يسمي بــ (الامن الوطني ) الذي ليس جيشا, ولم يعد بحسن غير الهرب, وليس وطنيا او من الوطن في شئ .
ثمة ما يشير في هذه الحالات جميعا الي ظاهرة طال انتظارها هي انهيار معنويات الجيش الذي طالما قيل أنه متماسك وخاضع لعملية ضبط وربط محكمة تحصنه ضد التفكك . نحن اليوم أمام جيش بدأت وحداته الكبيرة والمتماسكة تتفكك , لذلك شرع يتخلي عن مواقعه واسلحته ويقلع عن القتال بل ويستسلم بأعداد كبيرة دون قتال او بعض القليل منه …هل هذه بداية نهاية نظام المؤتمر الوطني , الذي تفككه اليوم مقاومة الشعب وبسالة مقاتليه (قوات الجبهة الثورية), ويدفعه الي الفرار تصميم السودانيات والسودانيين علي مواصلة معركة الحرية رغم ما عرفته من معارك طاحنة وتسببت به من دمار طال كل بيت واسرة في الوطن المنكوب بنظامه القاتل ؟…هل نحن أمام التحول النوعي الذي طال انتظاره ؟… لنراقب ما يحدث فهو مهم وخطير الي أبعد الحدود ..سواء بما يحمله من مفاجأت أو نتائجه..!!!