الترابي يدعو إلى «انتفاضة» شعبية للإطاحة بنظام البشير ويرفض الانقلابات
الدوحة – محمد المكي أحمد
أعلن الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي المعارض الدكتور حسن الترابي أن حزبه وبقية أحزاب المعارضة اتفقت على الإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير، مشدداً على أن الشعب لا بد من أن يقوم بالتغيير بانتفاضة شعبية، مشدداً رفضه الانقلابات.
في غضون ذلك، علمت «الحياة» من مصادر متطابقة أن اقتراحات الوساطة العربية الأفريقية الدولية التي قدمتها لحل القضايا الخلافية بين الحكومة السودانية و «حركة التحرير والعدالة» في شأن أزمة دارفور وقبلتها أمس الحركة تضمنت «إنشاء جهاز تنفيذي يرأسه نائب الرئيس ورئيس السلطة في إقليم دارفور»، إضافة الى تعيين عدد من الوزراء وإنشاء مفوضيات.
ووجه الترابي، الذي يزور الدوحة، انتقادات شديدة لنظام البشير، وشدد على أن حزبه وبقية أحزاب المعارضة اتفقت على الإطاحة بالنظام، وقال إن الهيئة القيادية لحزبه أيدت قرار الأمانة السياسية في الحزب في شأن إسقاط النظام، لكن الهيئة شددت على أنها لن تجنح لحمل السلاح وأكد أن الشعب لا بد من أن يقوم بالتغيير.
وشدد الترابي على» القومة» الشعبية (الانتفاضة الشعبية)، رافضاً الانقلابات العسكرية، مشيراً الى أن الانقلابات العسكرية انقلبت على أحزاب سودانية جاءت بها، وقال إن «القومة الشعبية» لن تكون في الخرطوم وحدها بل في السودان كله، ونريدها ثورة قومية، لافتاً الى دارفور وكردفان وشرق السودان.
وقال ان «الناس في السودان ابتأسوا الآن ولا طريق للتقدم إلا بتغيير النظام: إما بتغيير من نفسه (من النظام) أو من خلال إرادة الشعب».
وسألته «الحياة» هل تؤيد تغيير النظام في السودان من طريق انقلاب فقال: «السودانيون يكرهون الانقلابات العسكرية، والانقلابات انقلبت على كل الأحزاب التي جربت صلة ما بها فانقلبت عليها وأصبحت ضحية لها».
ورأى أن الوضع في السودان مهيأ الآن «للالتهاب»، مشيراً الى مسألة الانفصال المتوقعة في جنوب البلاد، والأزمة الاقتصادية ورفع الضرائب والمحاكم الاستثنائية والظلامات في توزيع المال العام وغياب حرية الصحافة وخيانة العهود»، لافتاً الى أن «الحكام يخونون دستوراً كتبوه لأنفسهم»، موضحاً أن «السعي الحكومي لتعديل الدستور لا يعنينا. فالطغاة يضعون دساتير لأنفسهم، بينما الدستور يستلزم إجماع الشعب».
وندد الترابي باستخدام «الحكام الطغاة الشعارات الإسلامية للتغرير بالعوام». وتساءل: «هل الطغيان والفساد وتمزيق البلد من الشريعة؟ وهل جلد فتاة لا تستحق شرعاً أن تجلد وعلى مرأى من الناس من الشريعة». وأضاف إن «جلد فتاة (قبل أيام) في السودان فضحتنا». وقال: «هذه ليست شريعة بل تشويه لصورة الإسلام في العالم»، لافتاً الى أن السلطات اعتقلت الفتاة عندما كانت موجودة مع صبية. والوجود في جماعة ليس مكروهاً».
واتهم الترابي النظام السوداني بسرقة إرادة الشعب كله من خلال تزوير الانتخابات، وأكد أن الشريعة تعني العدالة، وتوقع أن يصوت مسلمو جنوب السودان لاستقلال الجنوب لأنهم لو صوتوا للوحدة فهذا يعني أنهم عملاء للشمال، مشيراً الى «الهوية الاستقلالية لدى الجنوبيين».
وقال إن الجنوب سينفصل كما انه لا يتوقع أن تعلن الحكومة في الشمال حرباً على الجنوب بعد الانفصال، لكنه توقع حدوث فتن على الحدود الممتدة من خلال إرسال السلاح وإذكاء صراعات قبلية قديمة، ورأى أن الانفصال ربما دفع دارفور والشرق الى السعي للانفصال.
واتهم الترابي الحكومة السودانية بأنها انسحبت من منبر الدوحة، وأنها تريد معالجة أزمة دارفور بالقوة.
وفي أول تطور من نوعه، بعدما سحبت الحكومة السودانية وفدها التفاوضي حول أزمة دارفور من الدوحة قبل أيام، أعلن رئيس «حركة جيش التحرير والعدالة» الدكتور التجاني السيسي أمس أن الحركة «قبلت اقتراحات وحلولاً توفيقية اقترحتها الوساطة العربية الأفريقية الدولية برئاسة قطر في شأن قضايا خلافية برزت خلال المفاوضات مع الحكومة السودانية، وأن الحركة قدمت خطاباً للوساطة أول من أمس يتضمن الموافقة على مقترحاتها».
وأكدت مصادر واسعة الاطلاع لـ «الحياة» أن اقتراحات الوساطة التي قبلتها «التحرير والعدالة» تشمل إنشاء «محكمة خاصة تعمل وفقاً للقانون الجنائي الدولي» لمحاكمة جرائم الحرب، كما نصت الاقتراحات التوفيقية على تشكيل «مجلس تشريعي في إقليم دارفور» (برلمان إقليمي).
ويشكل هذا التطور الذي يكمن في قبول «التحرير والعدالة» اقتراحات الوساطة أحدث تحد يواجه الحكومة السودانية وحركات دارفورية أخرى، وعلم انه تم تعديل مبلغ مقترح لتعويض النازحين واللاجئين ليصبح 300 مليون دولار.
ورأت «حركة التحرير والعدالة» أن اقتراحات الحلول «تشكل أساساً يلبي الكثير من تطلعات أهل دارفور، خصوصاً أننا لم نتوقع أن نحصل في المفاوضات على مطالبنا مئة في المئة» وأن ما «تلقيناه من الوساطة يؤسس لحل دائم عادل وشامل لأهلنا في دارفور»، لافتاً الى أن الحركة أرفقت بعض الملاحظات في خطابها الى الوساطة.
ودعا السيسي الشعب السوداني، وأهل دارفور خصوصاً، الى دعم منبر الدوحة معلناً في الوقت نفسه انتهاء التفاوض في المنبر وأن الحركة تنتظر استلام وثيقة سلام شاملة من الوساطة للتوقيع عليها.
وشدد على أن اقتراحات الوساطة للقضايا الخلافية (مع الحكومة السودانية) غير قابلة للتغير(أي نهائية)، كما دعا حركة العدل والمساواة برئاسة الدكتور خليل ابراهيم وعبد الواحد نور رئيس أحد حركات «تحرير السودان» الانضمام الى منبر الدوحة للتوافق مع حركة التحرير والعدالة حول وثيقة سلام ستقدمها الوساطة.
وأفاد أن القضايا الخلافية التي عالجتها الوساطة تشمل الوضع الإداري في دارفور (الإقليم الواحد) و «نحن نادينا بالإقليم الواحد، واقتراح الوساطة في هذا الشأن يلبي الكثير من الجوانب التي طرحناها حول توحيد الإقليم»، مشيراً الى مطالبة الحركة بمنصب نائب رئيس الجمهورية.
وقال: «تم الفصل في هذا الموضوع بطريقة حل وسط وقبلنا ذلك لأنه يلبي مطالب أهل دارفور»، كما قدمت الوساطة مقترحاً وسطاً حول مبلغ تعويضات تطالب به الحركة للاجئين والنازحين، وقال إن الحركة طالبت بتخصيص أربعة بلايين دولار لإعادة إعمار دارفور وتنميتها وأنه تمت الموافقة على بليوني دولار.
وسألت «الحياة» السيسي عن موقف الحركة إذا قررت الحكومة السودانية رفض اقتراحات الوساطة فقال: «جئنا الى الدوحة للتفاوض للوصول الى اتفاق يضمد الجراح، وسنبقى هنا (في الدوحة) حتى تقدم الوساطة وثيقة السلام وإذا رفضت الحكومة لدينا خيارات أخرى».
وحذر «من أن ما دفع بإخواننا في جنوب السودان الى المطالبة بتقرير المصير هو التعنت المركزي (في الخرطوم) وعدم قبول بعض مطالب الجنوبيين».