محجوب محمد صالح
عقد مركز الايام للدراسات ورشة عمل تواصلت يومي الاربعاء والخميس الفائتين ناقش المؤتمرون خلالها التحديات المتوقع ان تواجه السلطة المدنية خلال الفترة الانتقالية – وقد قدم عدد من الباحثين اوراق العمل الرئيسية خلال الورشة التي شملت مداخلة رئيسية عن المراحل الانتقالية والمفاهيم والنماذج والتجارب قدمها البروفيسور عطا البطحاني وورقة قدمها كاتب هذه السطور عن تجارب الانتقال في السودان كما قدمت الاستاذة ابتسام سنهوري ورقة عن الرؤية القانونية والدستورية للمرحلة الانتقالية الراهنة واكمل الصورة الدكتور جمعة كندة بورقة عن الرؤية السياسية للفترة الانتقالية الحالية وفي اليوم الثاني انقسم المشاركون الي خمس مجموعات ناقشت كل مجموعة واحدا من المحاور الاساسية التي تحتاج لمعالجات خلال الفترة الانتقالية وجاءت المحاور علي النحو التالي:
*السلام والمصالحة الوطنية وابراءالجراح.
*الازمة الاقتصادية في السودان.
*النقابات والانتقال الديمقراطي.
*الاصلاح الحزبي وبناء التحالفات.
*اصلاح قطاع الاعلام.
ويتضح من هذا السرد المختصر لما دار في هذه الورشة الهامة انها سلطت الاضواء علي التحديات والقضايا المحورية التي يجب ان تتعامل معها الفترة الانتقالية الحالية والصعوبات التي تحيط بها خاصة وهي تقبل علي مهمتها وهي ترث خزينة دولة مفلسة وهياكل حكم مشكوك في ولائها وفي قدرتها علي الاداء.
ان الفترة الانتقالية بطبيعتها مثقلة بالمشاكل والانتفاضات الثورية ترث عادة جهاز دولة منتهي الصلاحية ويعاني من ازمة اقتصادية خانقة وفي نفس الوقت يتوقع المجتمع ان تصنع حكومته المعجزات وان تنخرط في تنفيذ مطالبه وتوفر له العيش الكريم الذي من اجله ثار على النظام البائد – لابد ان يبدأ النظام الجديد نشاطه بحملة تعبئة وتوعية حتى يدرك الثوار ان زمان المعجزات قد ولى وانهم مطالبون بالانخراط فوراً في الانتاج وفي مواصلة نضالهم بصورة تجعل منهم ركيزة للنهضة واساساً لاعادة البناء وان تتواصل تضحياتهم التي مهروها بدماء الشهداء لتتحول الى حملة قومية لمضاعفة الانتاج في كافة المجالات اذ لابد من ان نصنع (الثروة) اولاً قبل ان نقتسمها وقدرنا ان نتبنى حملة اعادة البناء من الصفر وان نجند نفسنا لها تجنيداً كاملا مهما اقتضى الامر من تضحيات وتقشف فالاقطار يبنيها بنوها بجهودهم المخلصة ولا يبنيها سواهم – وفي نفس الوقت لابد ان نمارس الحيطة والحذر حتى لا نفتح ثغرات يتسلل من خلالها قوى الثورة المضادة التي لازالت تتربص بهذا الانجاز العظيم الذي خلص السودان من نظام اهدر موارد البلاد وسطا على ثروتها وافسد فسادا خطيراً في ادارة شئونها ولا يزال المستفيدون من كل ذلك الدمار تعاودهم الرغبة في العودة الى ذلك الوضع الذي حقق لهم المكاسب على حساب جموع الشعب.
وبينما نحن نتجادل كان اعداء الثورة يخططون لاشنع كارثة دموية طالت طلاب المدالرس الثانوية بمدينة الابيض لينطلق الرصاص على مواكبهم السلمية في جريمة نكراء اهتز لها ضمير العالم وكشفت عن عجز السلطة الحاكمة عن التصدي للانشطة المعادية بل وعجزها عن توفير ادني درجات الحماية للمواطنين العزل – ولم يعد ثمة مجال لمزيد من التلكؤ والمطاولات في المفاوضات وما عادت هشاشة الاوضاع تسمح باستمرار الفراغ الدستوري الراهن ولو لدقيقة واحدة فليحسم الامر اليوم قبل الغد وتتشكل السلطة المدنية فوراً والا فاننا موعودون بالمزيد من تدهور الالوضاع.