البشير يتعهد تشكيل «حكومة منسجمة» ذات قاعدة عريضة بعد فوزه في الانتخابات
الخرطوم – النور أحمد النور
تعهّد الرئيس السوداني عمر البشير تشكيل حكومة «منسجمة» ذات قاعدة عريضة من القوى السياسية حال فوزه في الانتخابات الرئاسية المقررة بعد شهر. وجدد تمسّكه بعدم تأجيل الانتخابات وإجرائها في كل انحاء البلاد، ملتزماً إجراء معالجات في المناطق التي لم تجرَ فيها العملية في دارفور، وعدم انتظار تحقيق السلام في الإقليم.
وأكّد البشير في حديث بثه تلفزيون النيل الأزرق، أمس، أنّه لن يكون سعيداً إذا انقسم السودان إلى دولتين خلال استفتاء الجنوبيين على تقرير مصيرهم، وجَدّد التزامه بخيار الجنوبيين، مؤكداً انّه يَسعى إلى الوحدة. وتابع: «الوحدة مع الحرب أفضل منها الانفصال مع السلام».
واعتبر التزام حزب المؤتمر الوطني الذي يتزعمه بتنفيذ اتفاق السلام هو أكبر حافز للوحدة، فضلاً عن مشروعات بقيمة خمسمئة مليون دولار، نَفّذتها حكومته في الجنوب. واعترف بتأخره في الوصول الى المُواطن الجنوبي، لكنّه أشار إلى أن الانتخابات أتَاحت الفرصة للوصول إلى المواطنين في الإقليم. وزاد: «نحن بحاجة إلى جهد كي نصل إلى المواطن الجنوبي قبل التصويت في الاستفتاء، وان نحدّثه عن الخيارات المختلفة، والفوائد التي يمكن أن يجنيها من الوحدة».
وأكد البشير أنّ أزمة دارفور أقدم من حكمه، وأن بدايتها الجديدة كانت بصراعٍ قبلي، حوّلته التدخلات الخارجية ودعم «الحركة الشعبية لتحرير السودان» التي تحكم الجنوب الى قضية ضد الدولة. وجدد اتهام اسرائيل بتأجيج الصراع في دارفور من خلال دعم الفصائل المسلحة بالسلاح والمال، وقال إن اسرائيل تعمل حتى الآن لدفع مشكلة دارفور «حتى تصل إلى مرحلة مشكلة الجنوب»، مشيراً إلى أنها تعمل لفصل الإقليم من السودان، مشيراً إلى زيارة رئيس «حركة تحرير السودان» عبدالواحد محمد نور وقادة آخرين سراً إلى تل أبيب.
ورفض البشير الحديث عن تأجيل الانتخابات إلى حين الوصول إلى سلامٍ في دارفور، ووصف من يطالبون بذلك بـ «الهاربين» من الاستحقاق الانتخابي، وأشار إلى أن الانتخابات السابقة في السودان أجريت في الجنوب على رغم عدم التوصل إلى سلامٍ. وقال: «لماذا لم يطالب أحد بإرجائها في الجنوب الى حين السلام؟»، ورأى أنه يمكن أن تجرى انتخابات تكميلية لاحقاً في دارفور إذا ما تم التوصل الى سلامٍ شاملٍ.
إلى ذلك، طالب مرشح «الحركة الشعبية» للرئاسة ياسر عرمان الجنوبيين بعدم اتهام كل الشماليين بجريمة الاعتداء على نصيبهم من عائدات النفط والاستحواذ عليها، وقال إن من يستحوذ على أموال النفط وحق الجنوب فيها افراد قلة «والشماليون أنفسهم قبل الجنوبيين يريدون تغييرهم». ورأى عرمان، في تدشن حملته في بانتيو عاصمة ولاية الوحدة في جنوب البلاد، استحالة إحداث تغيير أو استقرار إلا بتغيير النظام الحاكم في الخرطوم. واعتبر أن حركته هي الحزب الوحيد الذي يمكن ان يضمن للجنوب حق تقرير المصير، وطالب جماهير الولاية بالاحتفاظ بعلاقات جيدة مع المناطق الشمالية المجاورة لهم في حالتي استمرار وحدة البلاد او انفصال الجنوب، رافضاً الترويج للكلام عن أن الجنوب لا يمكن ان يحكم نفسه. ودعا إلى أن يطبّق نموذج الجنوب في الحكم اللامركزي في ولايات السودان الأخرى.
لكن وزير الخارجية السابق رئيس «الحركة الشعبية – التغيير الديموقراطي» لام أكول، المرشح لرئاسة حكومة الجنوب، اتهم رفاقه السابقين في «الحركة الشعبية» بالفساد والإفساد، وقال إن 90 في المئة من أموال النفط ذهبت إلى جيوب من سمّاهم «تماسيح الجنوب»، في اشارة إلى قيادات حكومة الجنوب.
وأضاف أكول أن رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت يواصل الهروب من تولي مسؤولياته، وظل غائباً عن اداء دوره كنائب للرئيس لمصلحة النائب الآخر علي عثمان طه، ساخراً من اتهامه بأنه يتعامل مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم.
من جهة أخرى، اعتبر مراقبو الاتحاد الأوروبي أن في وسعهم كشف احتمال حصول عمليات تزوير في الانتخابات السودانية التي ستجرى في نيسان (ابريل) المقبل. وقالت رئيسة مراقبي الاتحاد الأوروبي البلجيكية فيرونيك دو كيسير: «من الواضح أننا لا نستطيع تفقّد كل قلم اقتراع على حدة. سنتفقد نماذج منها وسنستخلص النتائج من تقارير مراقبينا ومن الاتجاهات في مختلف المناطق ومن المعطيات». وأضافت في مؤتمر صحافي عقدته في الخرطوم أمس: «نثق بخلاصاتنا (المستقبلية) من وجهة نظر إحصائية». وأكدت استقلالية البعثة التامة عن مؤسسات الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء.