زعيم قبيلة المسيرية: نحمل البرلمان و«المؤتمر الوطني» مسؤولية إجازة القانون
أقر البرلمان السوداني أمس قانون الاستفتاء المقرر أن يجري عام 2011 في منطقة أبيي الغنية بالنفط، الذي سيحدد خلاله سكان هذا الإقليم ما إذا كانوا يفضلون الانضمام إلى الجنوب أم البقاء ضمن الشمال، وأثار هذا البند غضب نواب قبيلة المسيرية ذات الأصول العربية وهم بدو رحل مقربون من نظام الخرطوم كانوا يريدون أن ينص القانون بشكل صريح على حق قبيلتهم في التصويت، وحملت القبيلة البرلمان بما في ذلك «المؤتمر الوطني» مسؤولية عواقب ما سيحدث وتركت الباب مفتوحا أمام كل الاحتمالات، في وقت عبرت قبيلة الدينكا (نقوك) عن رضاها بإجازة القانون واعتبرته جزءا من تنفيذ اتفاقية السلام. وسيجري الاستفتاء في التاسع من يناير (كانون الثاني) 2011 في أبيي وهو إقليم غني بالنفط يقع على الحدود بين الشمال والجنوب. وأعطى البند 24 من القانون حق التصويت لقبيلة الدينكا التي يعتبر المنتمون إليها من أنصار المتمردين الجنوبيين السابقين، على أن يترك للجنة الانتخابية في أبيي لاحقا اتخاذ قرار بشأن ما إذا كان يحق للسودانيين الآخرين المقيمين في الإقليم التصويت أم لا، وسيجري هذا الاستفتاء بموجب اتفاق السلام الشامل الذي وقع عام 2005 وأنهى 21 عاما من الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب، ومن المقرر أن يجري في نفس العام استفتاء حول تقرير مصير جنوب السودان. وقد تم إقرار القانون حول الاستفتاء أمس بعد اتفاق بين الشماليين والجنوبيين على بنوده. وقال زعيم قبيلة المسيرية عضو البرلمان ووزير الدفاع الأسبق الفريق مهدي بابو نمر لـ«الشرق الأوسط» إن أعضاء البرلمان من قبيلته انسحبوا من الجلسة لرفض إدخال تعديلات اقترحوها في بعض المواد للسماح للقبيلة بممارسة حقها في التصويت في استفتاء المنطقة، وأضاف أن رئيس البرلمان أحمد إبراهيم رفض إعطاءه الفرصة في الحديث رغم اتفاقه معه قبل بدء الجلسة، وتابع: «هذا أسوأ قانون يمر في تاريخ البرلمانات السودانية منذ الاستقلال وهم لم يعطوا المسيرية أي اعتبار»، وقال: «هذا قانون أعرج ولن يمضي إلى المستقبل والدينكا رفضوا إجراء التعديلات بحقنا في التصويت»، وأضاف: «حزب المؤتمر الوطني المنبطح شارك في ذلك ووافق وغادرنا القاعة حتى لا نشارك في مؤامرة ضد أهلنا». وحمل نمر البرلمان بما فيه «المؤتمر الوطني» مسؤولية ما سماه «مآلات ما سيحدث»، غير أنه رفض الحديث عن وجود أي اتجاه للتصعيد العسكري في المنطقة، وقال: «أنا رجل عسكري ولا يمكنك سحب قدمي ولن أتحدث حول ذلك في الهواء الطلق»، وأضاف: «من المبكر أن نتحدث عن تصعيد عسكري أو خلافه ولن أقول بلساني إننا نتجه لعمل عسكري لن تجدها مني»، مشيرا إلى أنه تحدث إلى الرئيس عمر البشير منذ 2003 بإفساح المجال لشيوخ قبيلتي المسيرية والدينكا لحل المشكلة، وقال: «كان يمكن أن يجلس شيوخ القبيلتين تحت شجرة وفي شهر واحد كان يمكن حل المشكلة»، وتابع: «لكنهم لم يسمعوا رأينا»، وأبدى استعداد قبيلة المسيرية للجلوس مع دينكا رغم إجازة القانون، لكنه قال إن المسيرية رفضت قرار هيئة التحكيم الدولية التي صدرت في يوليو (تموز) الماضي والتي حددت منطقة أبيي، وأضاف: «لقد عقدنا مؤتمرا كبيرا في المجلد رفضنا رفضا قاطعا قرار المحكمة لأنه أعطى أرض المسيرية إلى الدينكا». من جانبه اعتبر عضو البرلمان من «الحركة الشعبية» تشارلز أبيي لـ«الشرق الأوسط» إجازة قانون الاستفتاء جزءا من تنفيذ اتفاقية السلام الشامل وبروتوكول أبيي ومن حق أبناء أبيي ممارسة حقهم للتعبير عن رأيهم إن كانوا يريدون البقاء في الشمال أو الذهاب إلى جنوب السودان، وقال: «ليس من المفترض أن تحدث مشكلة بين المسيرية والدينكا لأن الاتفاقية واضحة، وقد أعطت حق ممارسة تقرير المصير للدينكا ولأي سوداني مقيم في المنطقة بشكل دائم»، وأضاف: «هيئة التحكيم الدولية في لاهاي أعطتنا هذا الحق والمسيرية فوضوا المؤتمر الوطني للمثول بالإنابة عنهم»، مشيرا إلى أن قبيلة المسيرية لديها الحق الطبيعي في ممارسة الرعي في أبيي، وقال: «هم في الصيف يعبرون إلى أبيي وحتى إلى داخل الجنوب حتى قبل توقيع اتفاقية السلام». وكانت منطقة أبيي قد شهدت توترا طوال فترة تنفيذ اتفاقية السلام أبرزها المعارك التي دارت في مايو (أيار) من العام الماضي وأدت إلى مقتل المئات ونزوح أكثر من 50 ألفا، واتفق شريكا الحكم «المؤتمر الوطني» و«الحركة الشعبية» على اللجوء إلى التحكيم الدولي في لاهاي (هولندا) لترسيم حدود المنطقة وتحديدها، وأصدرت المحكمة قرارها في يوليو (تموز) الماضي وأعطت الدينكا جزءا كبيرا من منطقة أبيي.
الشرق الاوسط