الانتهازية الثورية من أبوجا إلى طرابلس !!!
بقلم :حسن إبراهيم فضل
[email protected]
محاولات مارثونية بذلت في طرابلس وغيرها من أجل توحيد فصائل ومليشيات حركة التحرير في دارفور ,التي كانت تحمل السلاح( الآن تحمل الكي بورد ), من أجل الوصول لعرضية مشتركة أو موقف سياسي موحد , أو الاندماج في جسم واحد سيقود دفة الحوار والقتال معاً من أجل تحقيق أهداف الثورة التي انطلقت من اجل حقوق مشروعة وجوهرية في دارفور. كما نادي بذلك السيد العقيد القذافي في لقائه مع قادة حركة العدل والمساواة وفصائل دارفور المنشطرة على نفسها.
غير أن هذه المحاولات , وما رافقتها من ضغوط محلية وإقليمية ودولية قد أثر بشكل واضح وملموس من خلال انعدام الرؤية المشتركة بل حتى بلورة فكرة للنقاش حوله.
هناك جهات إقليمية ودولية تريد إقصاء بعض الحركات الفاعلة في الساحة والموجودة فعلا في الميدان وبكامل قيادتها العسكرية والسياسية وإعادة إنعاش فصائل هي ماتت وشبعت موتا وسكت عنها عويل ونحيب القاصي والداني ولم يعد لها أي اثر إلا من خلال الانترنت.
فالفصائل التي حملت حملا , تحت راية الترغيب والترهيب , إلى طرابلس ها هي قد افرنقعت وتفرقت أيد سبأ , بعد أقل من أربعة وعشرين ساعة , وأعلن بعض أعضائها عن إكراه وضغوط مورست ضدهم لتوقيع هذا الميثاق ,الذي كان أولى دواعي فشله , من يتولى رئاسة هذه المجموعة التي توحدت جسداً في غياب تام لأفئدتها.
والانتهازية الثورية التي بدت بوضوح من خلال أبوجا وما تبعها من أحداث , هاهي اليوم تعود وبذات الزخم.
في جولة أبوجا التي حدث الفصال البين بين السيد عبد الواحد نور وكبير مفاوضيه البروفيسور عبد الرحمن موسى له الرحمة وتبعه بعد ذلك انتهازيين آخرين هم الآن في السلطة وهم لم يوقعوا حتى تاريخه على ما سمي بملاحق أبوجا ,ولم يطأ قدم أحد منهم أرض أديس مكان شرعنه الملحقين بأبوجا , الذي يوجب على من يلتحق بأبوجا ومقرراته الذهاب إلى اديس أببا مقر الاتحاد الأفريقي ليقدم قسم الولاء لمسودة السيد زوليك وشركائه .
واليوم المحتضرين في غرفة الإنعاش في طرابلس يستنجدون بأحد أكثر من انتقد الثورة والثوار في دارفور ليقود دفة وحدة لم تتحقق شروطها ولا عناصرها بعد , ولن تحدث.
الدكتور التجاني سيسي , الذي يرابط الآن بطرابلس ممنياً نفسه بحجة إلى قصر غوردون , لينضم إلى كومبارس المطلوب للجنائية , يمثل الوجه الآخر للانتهازية الثورية فيما يلي الحراك في طرابلس .
ومن المعيب جداً , ومن أقصى درجات الانتهازية , أن يقود دفة الثورة من هو أكثر كفراً بالقضية ومشروعه الراسخ , وكيف بشخص لا يؤمن بالقضية أساساً و لا يعلم من الميدان شيئاً , بل و أكاد أجزم أن الرجل لا يفرق بين الرصاص وحبات التمر إلا من خلال المذاق , ومن العقلانية أن يوكل الأمر إلى أهله .
ولعل ما يؤكد فشل هذه المحاولات التي اجتمع فيها عناصر عدة من مقومات الفشل الذريع و منها التغلغل والاختراق الأمني الواسع داخل هذه المليشيات , من خلال ضباط الأمن الذين يشغلون فيه بعض الوظائف القيادية فيها.
فالسيد محجوب حسين المتمرس في تغيير جلده السياسي متى ما دعت الحاجة إلى ذلك , فالرجل خرج على السيد مني أركو بكذبة كبرى اسمها التحرير الكبرى وبعده بوحدة لم يرى ملامحها إلى الآن , ليتوج بزيجة أمنية بحتة ,على غرار(سنشد عضدك ببعولتك ) , ليصبح بذلك ساحة المنشطرين من هذه الفصائل ساحة للأمن السوداني ( أعني البشيري ) ,لو عطس أحدهم في كفي كنجي لشمته احد كلاب قوش وخلفه السيد عطاء في الخرطوم. فتقارير السيد محجوب ود حسين و السيدة سلمى حرم سعادة الضابط الهمام يبدأ به مدير جهاز الأمن السوداني يومه العملي , حتى قبل طابور الصباح و قائمة من قضوا في بيوت الأشباح والمعتقلات , أو من التحقوا حديثاً بهذه البيوت لوشاية أو لمعلومة استقي من تقارير بنت التجاني وزوجه .
فالسيد ود حسين عزل عن الفصيل الذي يتولى فيها منصب رفيع وناطق رسمي فيها نتيجة للأسباب انفة الذكر ولكن السيد عبد الله يحيى رئيسه لم يرد أن يشير إلى ذلك صراحة ووصف الأمر بخرق لدستور الحركة .
وفصيل آخر يصدر امرا بإقالة عدد من أعضائها ويوصف ذلك الإجراء باستكمال الهيئات للحركة.
فالعناصر والمعضلات التي تجعل من هذه الوحدة أمر بعيد المنال كثيرة ومتشعبة , منها ما هو محلي وإقليمي ودولي , فالنظام على المستوى المحلي يريد جمع هذه الأجسام الهشة ليوقع من أول جولة مهزلة أخرى على غرار أبوجا , ليتحاشى سقوف العدل والمساواة التي تعبر بشكل واسع عن آمال أهل دارفور وأشواقهم.
ودول الإقليم كل يتسابق ليظفر بشرف نجاح وساطته في إبرام سلام لا يهم مضمونه , وآخرين يريدون تصفية حسابات عربية عربية .
و بعض الدول قد أثار اهتمامها ما يروج له بعض المغرضين عن حركة العدل والمساواة , وتسعى إلى إقصائها من المشهد , وهم نسوا او تناسوا القوة الحقيقية الضاربة في الساحة , فكيف لعاقل أن يتصور إقصاء كيان راسخ ومتجذر ويعيش بين أهله يتقاسمهم الحلوة والمرة وفي تشاور مستمر معهم بأن يقصى وبأوهام لا وجود لها إلا في مخيلة هؤلاء المعتوهين.
فالنظام يريد التعجيل بوقف إطلاق النار, ليتيح الفرصة للذين لا وجود لهم في ساحة القتال الدخول معها في مفاوضات هدفه التوظيف وتصفية القضية بعد فشل في ترويض العدل والمساواة العصية على التنازل عن حقوق الشعب .فالعدل والمساواة لديها سقف وهدف واحد هو حل جذري وشامل يحقق مطالب الشعب السوداني وكله ومعالجة الأزمة بشكل لا يترك فرصة لجهات أخرى للتمرد , وهذا هو هدف كل غيور على هذا السودان.ولكن النظام يريد سلاماً على غرار أبوجا.
الرسالة التي نود أن يعيها الدكتور التجاني سيسي ورفاقه الجدد هي ان اللعبة مكشوفة , وان كان هناك ثمة نجاح أو أثر لكنت أنجزته في حزب الأمة الذي تنتمي إليه وما زلت , وهناك تؤمنون بالكفاح المدني , والثوار في دارفور يعتبرونه خيار من عدة خيارات , فقيادة هكذا كيان مطلوب أولا الإيمان بمبادئه . وأنت لم تؤمن بذلك بعد , بل ونجزم أن كافك طالع إلى ما فوق السموات السبع بالثورة وما يلي الأزمة السودانية في دارفور , فالأمم المتحدة أجدى وأنفع.
بقلم :حسن إبراهيم فضل
[email protected]