الانتخابات القادمةفي السودان وقراءةفي ملف السودان السياسي


حتما  سيفوز  المؤتمر الوطني  بمقعد الرئاسة  وأغلبية  مقاعد  حكام  الولايات وكذلك  ما يقارب  64  في  المائة من المقاعد البرلمانية
وليس كما  تنبأ  زعيم  المؤتمر  الشعبي بعدم حصول  البشير  علي 50 في  المائة
فتح  باب  الترشيح  لمقعد  الرئاسة وحكام  الولايات  والنواب  البرلمانيين  ويبدو  أن  الأحزاب  السياسية السودانية المعارضة كما  يطلق  عليها  لم تحسم أمرها  باختيار  مرشح  بل  في  الواقع  الجميع  متخوف  من خوض  هذه  التجربة  الخاسرة من الوهلة الأولي  حيث أن  الأجواء  السياسية  والضعف  ألتحالفي  يقول  ذلك بالإضافة إلي  عدم  الثقة  في  إمكانية التنافس .
بالنسبة  لمرشحي  الرئاسة  السؤال  المطروح  هنا  هل  التقدم للتر شح  يعتمد علي  الكفاءة الشخصية أم  المقدرة  والكفاءة والتمكين  الحزبي  هي الأهم؟ هنا  مربط الفرس. إذ أن المتقدم لأي  من  المواقع يجب  أن يكون بجانب الكفاءة أو  القبول أو  الإمكانية  له  أهلية ودعم حزبي لان  المعرفة  الشخصية وحدها  لا تكفي للمتقدم في  كل  المواقع لان  الخلفية  السياسية هي  الأهم  عموما  وأهم من الناحية العامة ولكن الشخصية  التي  لها  قبول تأتي في  المرتبة الأولي ومن  ثم التركيبة الوطنية والتفاني  في  خدمة  المواطن من  اجل  استمرارية  وبقاء  وتماسك  الوطن من  خلال  إيفاء  الحقوق الاجتماعية والشعبية  وخدمة  البنية  النحتية للمجتمع  لينهض  به  الوطن من أهم  البرامج  لكل  متقدم  للتر شح لي  من المواقع  المعلنة. فالبرنامج بجانب  الإمكانيات  الحزبية وقبول  الآخر هي  جاذب  انتخابي للمرشح ودعوة  للمواطن  للتصويت  لمن  يري  فيه  أمل  ومستقبل المنطقة  أولا ومن ثم  الولاية ثانيا و يأتي  الوطن في  المرتبة الثالثة ويا  الناخب لان  الوطن دعمه  لا يقاس  من  القمم  وإنما  يرتكز علي  دعم  القواعد
وعليه إن الناظر إلي  خارطة  الأحزاب  والجماعات  السياسية في  السودان كما  تسمي  نفسها  المعارضة يمكن  قراءة النتائج من واقع  الحال الحزبية  إذ  نجد رغم  كل  شيء وكل  الخلافات الحاصلة  علي  الساحة  السياسية حاليا بين جميع  الأطياف السياسية   إذا  وضعناها  في  كفة والمؤتمر  الوطني  في  الكفة  الأخرى نجد أن  الكفة  الراجحة  هي  كفة  المؤتمر  الوطني  بكل  المقاييس ومرشحيه هم  الأكثر  حظا بكل  صراحة لان ذلك  يرجع إلي  واقع  الحال  الذي  يقول  ذلك منطقيا ولست  أنا  الذي  يقول  ذلك كنتاج  طبيعي  لوجود  الإمكانيات بالإضافة  إلي  الواقع السياسي  والاجتماعي والسيادي ناهيك  عن الامكانات  الفردية للمرشحين في  مناطقهم والدعم  الجماعي  وكثافة  الوجود  علي  ارض  الواقع يقول  ذلك ولست  شخصي  الضعيف هذا  ليس  انحيازا لأحد أو تضامنا  مع  احد ولكن علي   واقع  وحسابات فعلية  والواقع يتجسد  في  الأتي:-
أولا:-  منافسات  رئاسة  الجمهورية
المتقدم عن حزب  المؤتمر  الحاكم  عمر  البشير  وهو  الأوفر  حظا  من غيره  من  الناحية  الحزبية  والنسبية  السياسية ومن  واقع  الخارطة  الديمغرافية  والسياسية  والجغرافية  ومن  منطق انتشار  المؤتمر  الوطني  اجتماعيا  وسكانيا وإداريا وسياسيا  وأيدلوجيا  ناهيك  عن المتبقي  من حيث  الامكانات  والدعم  الآلي  والمادي  المفتوح  والمتاح  لمنتسبيه  ومرشحيه.
وإذا  اقترضنا ضمنا  انه تقدم  حتى  الآن  ثلاث  مرشحين  لرئاسة  الجمهور والرابع أعلن  اسمه  من قائمة المؤتمر  الشعبي  وهو حسب تصريحات  الترابي  عزم  حزبه ترشيح  عبد الله دينق  نيال – و الأستاذ الجامعي  الذي  ما  زال حزبه  قيد  التأسيس  دون قاعدة شعبية  عريضة وغير  معروف  لطبقة  عريضة من  الشعب  السوداني  ومجهول  الهوية  السياسية فنسبة  فوزه  بواقع  1  في  المائة. أما مرشح  الحركة الشعبية  سلفا  كير  إذا  اقترضنا  تواجده علي  الساحة  السياسية  بنسبة الشراكة  بامكانه  الحصول  علي 21 في  المائة. ومرشح  الشعبي 14 في  المائة أما  عمر  البشير  مرشح  الحزب الحاكم(المؤتمر  الوطني) فيمكنه جني 64  في  المائة  من المجموع  العام  للناخبين  كنسبة  أعلي بينما  نسبته  الدنيا  تتراوح  بين 48  و54  في  المائة  فهذه  ستؤهله  علي  الحصول  علي  مقعد  الرئاسية بدون  التحالفات  والتبادل  الدوائري والمناطق  المقفولة بالإضافة  إلي  عدد مقدر  من  العامة.
لذا يكون منصب  الرئاسة  محسوما  بنسبة  60 في  المائة  تقريبا لصالح  مرشح  المؤتمر الوطني لان مرشح  الجنوب  والحركة  الشعبية  الشريك  الأكبر  سياسيا سلفا كير نسبته الحزبية والسياسية من واقع  الخارطة  السياسية والجغرافية للحركة الشعبية وتحالفاتها سوف  لن تتجاوز  ال 28  إلي 30  في  المائة. بل  الحقيقة  المرة سياسيا  والتي  لم يضعها  أحد  في  الحسبان  ولم يتنبه  لها  الجميع  هو أن فوز سلفا  كير  بموقع  الرئاسة  سيكون  فيه  إشكالية  دستورية بل  سيشكل  كارثة  حقيقية  للحركة  الشعبية  التي  تسعي  من  خلال  اتفاق  نيفاشا  أن  تحصل  علي  دولة  في  الجنوب  من  خلال  بند تقرير  المصير  التي  تصر  عليه  لأنه  في  حال  فوز  سلفا  كير  بموقع  الرئاسة  سوف  يواجه  عقبة  استفتاء  تقرير  المصير  لان  فوزه  يعني  الوحدة  الضمنية  ولا  داعي  لاستفتاء  تقرير  المصير  لانتفاء  المواطنة من  الدرجة  الثانية  التي  يتغنى  بها  مناصري  الانفصال  وتقرير  المصير  من  كل  الأطياف بغض  النظر  عن  الهوية  السياسية  أو  العرقية أو  الجغرافية لان  موضوع الاستفتاء  حول  تقرير  مصير  الجنوب هو أساس  التنافس  والتنافر  السياسي  بين  الشريكين في  الحكم  الآن بالإضافة إلي  موضوع  دمقرطة ووحدة البلاد  كلاميا والقرع  علي  طبل  الانفصال  فعليا .  لأنه  من  الناحية  المصيرية والأيدلوجية  والمستقبل  السياسي  للحركة  فان  فوز  سلفا  كير بموقع  الرئاسة سوف  ينسف  موضوع  الانفصال. فمن  الصعوبة  علي  رئيس  فاز منتخبا  ديمقراطيا  في  وطن متعدد  الأطياف  والأعراق يمكنه  أن يتنحى  من  الدولة  ألام ليفسخها  ويقسمها  عرقيا. لذا  ستكون  هناك  إشكالية دستورية حقيقية  أمام  الحزب  الذي  يمثله  وهي  الحركة  الشعبية  وكذلك  خيبة  أمل  واضحة  أمام ناخبيه  من  الأطياف  الأخرى  والذين  هم وحدويون  وما  أكثرهم…ففي  حال  فوز سلفا  كير  برئاسة سودان موحد فكيف يمكنهم طرح  البند  المتبقي من  اتفاق  نيفاشا  ألا  وهو  طرح موضوع  تقرير  المصير  للاستفتاء  في  دولة موحدة  وكذلك  الإشكالية الدستورية  الأخرى وهي  هل  عمر  جميع  الاتفاقات  الموقعة  في  ملفات  سلام  السودان عمرها  الافتراضي  ينتهي  ببدء  الاقتراع للناخبين  أم أن  اجلها  مستمد  من  شرعية  الموقعين بتواجدهم  في  السلطة أو  فقدانهم  لها؟؟  هذا  هو  الإشكال  الدستوري  الحقيقي  الذي  لم  يتنبه  إليه  الجميع لأنه  عرفيا  عندما يتم  التحول  إلي  الديمقراطية  فإنها  تجب  ما  قبلها  لان  أي  صراع  سابق  تحسمه  أصوات  الناخبين  وأي  موقف  سياسي  ومعارضه  تجبها  أيضا  نتائج  الانتخابات  فالشرعية  الناتجة  عن  الانتخابات  الديمقراطية  هي  ستكون  سيدة الموقف  دستوريا بحيث  لا  يمكن  الدخول  في  أي  اتفاق  أو  تفاوض  مع  أية  جهة لان  الشعب  قال  كلمته  واختار  من  يمثله  ولا  جدوى  من بروز  أية جماعات  تقول  إنها  تمثل  فئة من  الناس  بعد  ذلك لأنه  لا مبرر  لوجود مظلمة بعد  القول  الفصل  للمواطن  الذي يتذرع  به  الجميع  دون  تفويض  منه ما دام الهدف  الديمقراطية والمساواة والمواطنة والاحتكام  للمواطن.
فلم  تقرير  المصير إذن  بعد  أن  يقرر  الشعب  مصيره  فيمن  يمثله  إذا  جاء  سلفا  كير  رئيسا؟؟؟ ما  الحجة  التي  ستسوقها  الحركة  الشعبية؟؟ إذن  يمكننا  أن نستنتج  أن  الجنوبيين  أو  الحركة  الشعبية نفسها  تريد  أن  يكون  رئيس  السودان جنوبيا؟؟؟ وهنا  مربط  الفرس  أيضا…وهل  من  الوطنية  لرجل انتخبه  الشعب وليست  فئة  بعينها وديمقراطيا  أن  يقول  للشعب  الذي انتخبه  إنني  انفصالي  وأريد  دولة أخري  غير  دولتكم  هذه  التي  أنا  رئيسها  ومنتخب  من  قبلكم؟؟؟ فانا  لا  أريد  الوطن  الواحد  الموحد  ولست  وحدويا  وأريد  دولتي  وحدي  لبني  جلدتي؟؟  ماذا  سيفهم  المجتمع  الدولي  وشعوب  العالم  الديمقراطي والمواطن  السوداني  من  الديمقراطية  ومفرداتها  التي  يتشدق  بها  الجميع  بما  فيهم  العالم  المتحضر ؟؟؟
لذا  أري  أن هناك  إشكال  آلي  في  حال  فوز  سلفا  كير  ولكن  هذا  غير  مرجح من  الناحية  الحزبية والتكتل  السياسي  والخوف  الذي  ينتاب  الجميع  والأسئلة  المطروحة  في  أفكار  الناخب..حيث  يقول  ماذا  يحدث  يا  تري  إذا  ما  جعلت  سلفا كير  يفوز؟؟  هل  سيبقي  السودان  علي  حاله  وهل  سيتركه  الآخرين؟؟؟  وأيضا  إذا  لم  أجعله  يفوز  بصوتي  هل  سترك  الوطن  أيضا  علي  حاله؟؟؟  في  الحقيقة  لا جواب  واضح  لهذه  التساؤلات  حتى  من  سلفا  كير  نفسه  أو  البشير  أيضا  إذا  ما  فاز  احديهما  أو كليهما  بثقة  كل  الناس  فالإجابة  واحدة؟؟؟  ما  مصير  هذا  الوطن  الكبير  الشامخ  في  كلا  الحالتين..؟؟  الوحدة  أم  التقسيم؟؟؟
وإذا  ما  خيرت  أنا  شخصيا  للإجابة  علي  هذه  التساؤلات  وإذا  كنت  في  الحزب  الحاكم –  المؤتمر  الوطني  سوف  أعمل  علي  أن  يفوز  من  سوف  أحافظ بفوزه علي  الوطن  الواحد  حتى  ولو  كان  خصمي  وأفضل  أن  أكون  نائبا  له  حفاظا  علي  وحدة الوطن وحتى  أضعه  في  امتحان  وطني  حقيقي  سوف  اعمد  واعمل  علي  أن  يفوز لأن  التحكم  في  الحقائب  السياسية  ليس  من  موقع  كرسي  الرئاسة وإنما  من  خلال  التمثيل  النسبي  و ليس  الكيفي  والدليل  علي  صحة نظرية ما  أقوله  هو  التغيير  الذي  حصل  في  روسيا  وإدارة  اللعبة  السياسية في  موسكو  حيث  عمل  فلادمير  بوتن علي  قلب  طاولة  اللعبة السياسية  فيها  واستبدل  موقعه  الرئاسي  دستوريا  بموقع  اقوي  وهو منصب  رئاسة  الوزراء  والذي  يعتبر  في اغلب  دول  العالم  المنصب  الأكثر  نفوذا  ودستوريا  كما  في  العراق  ولبنان  عربيا  وفي  كل  دول  الغرب  والدول  الآسيوية عالميا.
ومنهج  بوتن الحالي يجب  علي  المؤتمر  الوطني  إتباعه وتنفيذه  بحذافيره  لإدارة اللعبة  السياسية  علي  الأصول  وحسب  المتغيرات  العالمية وخاصة  منهج في  حاجة  له  في  المرحلة  الحرجة  القادمة من  عمر  السوداني  السياسي  الجديد المرتقب في  ظل  الديمقراطية  والتعددية  المرتقبة  واللازمة  لإدارة  الوطن  وللحفاظ  عليه  موحدا
وحقيقة نجدان الحركة الشعبية لا تريد فوز مرشحها حتى لا تضيع فرصة تنفيذ الفصل الأخير من اتفاق نيفاشا برقم التشدق بالديمقراطية والوحدة الجاذبة والتي يعمل  الكثيرين  علي  تخطيها  وتجاوزها  عمليا  ومن  خلال  الدستور والذي  يجب  أن  يكون  عمره  الافتراضي منهيا  ببداية  الاقتراع  وان  يستعد  القائمين  علي  صياغة  الدستور أو من يريدون دستورا  ديمقراطيا  أن  يشدوا  الرحال  للعمل  علي  إنتاج  دستور ديمقراطي  جديد..يعيد  صياغة  اللحمة  الوطنية  والبنية التحتية  للوطن  الديمقراطي  المتوقع  والذي  يسعى  الجميع  علي العمل  علي  ميلاده.
وللأسف  فان  الأحزاب  السياسية  الأخرى  في  كفة  المعارضة  سوف  لن  تتقدم  بمرشح  لأنها  لم  ولن  تتفق  علي  احد  لاختلاف  الأيدلوجيات  وما  تكنه  نفس  كل  يعقوب  فيها  للآخر  مهما  تقاربت  الآراء  ووقعت  وثائق  التحالفات  فيستمر  الحال  علي  ما  هو  عليه  بينها  مهما  اختلف  الحال  وطال  الزمن  أم قصر..فلن  تلتقي  في  رأي  ولن  تتفق  علي  رؤية  أو  منبر  موحد  فهذه  حقيقة ماثلة  أزليا…
واكرر ما قلته سابقا..ألا وهو:-
أتنبأ حصوله علي فترتين رئاسيتين إذا خاض الانتخابات
الأولي بسودان موحد..والثانية بدون الجنوب وميلاد دولة السودان الجديد
ولنا  قراءات  أخري
خضر عمر  إبراهيم كرري
باحث  وناشط  سياسي  وحقوقي
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *