عماد عبد الهادي-الخرطوم
بات قانون الاستفتاء الخاص بتقرير مصير جنوب السودان عنوانا لخلافات جديدة بين شريكي الحكم المؤتمر الوطني والحركة الشعبية, وسط توقعات بأن تتوالى الخلافات باتجاه الأسوأ.
وبرأي محللين يبدو أن استعداد الطرفين لقبول مقترحات بعضهما حول ذلك القانون غير وارد على الأقل في الوقت الراهن.
ويختلف شريكا الحكم حول مشاركة الجنوبيين بالولايات الشمالية، والمهاجرين في الدول الأخرى، وأهلية المواطن الذي يحق له التصويت في الاستفتاء، وهل هو مقيم بالجنوب دائما أم لا.
كما أن الطرفين يختلفان حول نسبة القبول بنتائج الاستفتاء حيث ترى الحركة الشعبية أن يكون الانفصال بأغلبية بسيطة وينطبق ذلك على الوحدة، بينما يرى المؤتمر الوطني أن يتم الانفصال بموافقة أكثر من ثلثي المواطنين الجنوبيين.
ويختلف الطرفان حول تعيين أعضاء مفوضية الاستفتاء ورئاستها وتحديد مقرها وعدد أعضائها وأماكن التسجيل والتصويت للجنوبيين الذين يحق لهم المشاركة في الاستفتاء.
خطوات متعثرة
وبينما تتعثر الخطوات لجهة الاتفاق حول رؤى المؤتمر الوطني التي تدعم الوحدة ورؤى الحركة الشعبية التي تبدو الأقرب إلى الانفصال، يصبح لجوء اللجان المشتركة لمؤسسة الرئاسة الرئيس عمر البشير ونائبيه سلفاكير ميارديت وعلي عثمان طه هو الحل الأخير لتلك الخلافات.
غير أن المحللين السياسيين يرون أن ليس هناك ما يمنع الطرفين من التوافق على صيغة يحتكمان إليها دون الحاجة إلى خلافات تبعث بكل عوامل الانفصال إلى حيز الوجود. وأشاروا إلى ما سموه بتدهور عوامل الثقة بين الطرفين مما يقودهما إلى عدم الاعتراف بعضهما بآراء بعض.
وزير الشؤون القانونية بحكومة الجنوب مايكل مكوي انتقد إصرار المؤتمر الوطني على موقفه. وقال للجزيرة نت إن الطرفين ما يزالان يواصلان النقاش حول الأمر دون التوصل إلى اتفاق يمكن إعلانه على الأقل في الوقت الراهن.
أما المؤتمر الوطني فدعا بدوره القوى السياسية الأخرى إلى تأييد موقفه في التمسك بالنسب التي يرى أنها هامة لقبول نتائج الاستفتاء، معتبرا أن ذلك هو الموقف الأمثل.
الوحدة
وقال مسؤول التعبئة السياسية بالحزب إبراهيم غندور في تصريحات صحفية إن تعديل الدستور يتم بأغلبية 75%، “فكيف يكون التعامل مع وحدة السودان بأغلبية بسيطة كما تدعو الحركة الشعبية”.
وأكد أن الخلافات ما تزال قائمة بين شريكي الحكم خاصة فيما يتعلق بالأغلبية وتعريف الناخب، مشيرا إلى أن التصويت حول الاستفتاء يجب أن يشمل كل الجنوبيين، “وهذا هو موقف المؤتمر الوطني الواضح”، حسب قوله.
أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين حسن الساعوري فاعتبر أن ما يجري بين الطرفين هو خلاف أكثر من كونه اختلافات أو تباين آراء، مشيرا إلى أن أحد الطرفين ربما يسعى لمنع الاستفتاء والانتخابات معا.
ولم يستبعد في حديثه للجزيرة نت أن يكون عدم التوصل لاتفاق من مصلحة الطرفين, “فالحركة لم تقدم شيئا في الجنوب حتى الآن، بجانب ما يعانيه الجنوب من حروب قبلية لم تكن موجودة من قبل، أما المؤتمر الوطني فهو غير مستعجل على قيام الاستفتاء من الأساس”.
اتفاق دولي
وأشار إلى ما يبدو وكأنه اتفاق بين شركاء الإيغاد والمجتمع الإقليمي والدولي على عدم قيام الانتخابات في السودان في ظل ظروفه الحالية. وقال “إذا كانت الأمم المتحدة وشركاء الإيغاد غير متحمسين لقيام الانتخابات فبالضرورة يكونون غير متحمسين للاستفتاء”.
من جهته اعتبر المحلل السياسي محمد علي سعيد أن عنصر عدم الثقة بين شريكي الحكم يمثل السبب المشترك الكامن وراء اختلافات الشريكين حول مجمل القضايا المطروحة.
وقال للجزيرة نت إن غياب الثقة ظل يؤثر على الاتفاق حول قانون الاستفتاء، مشيرا إلى أن إهمال اتفاقية السلام لهذا الأمر وترك كيفيته لاتفاق الطرفين ربما أدى لنتائج سلبية.
وتوقع أن يكون موقف الحركة الشعبية نابعا من رغبتها الأكيدة في الانفصال, حيث تسعى لحسم الأمر عبر الجنوبيين الموجودين في الجنوب دون بقية الجنوبيين المنتشرين في بقية الولايات.
المصدر: الجزيرة