الاستاذ فؤاد حكمت مستشار مجموعة الازمات الدولية

 

الدوحة لن تحقق سلام طالما انها تريد عقد صفقات ثنائية

دول الاقليم لديها مؤشرات لانزلاق السودان نحو الحرب فتدخلت بقوة

خلال الشهور الثلاث الماضية اصدرت مجموعة الازمات الدولية تقريرين مهمين عن السودان الاول عن دارفور والثاني عن الترتيبات السياسية وسيناريوهات اتفاقية السلام وفي كلا التقريرين كانت المجموعة قد اقترحت جملة مقترحات لتجنيب السودان الازنلاق في الحرب او الدخول في مواجهات معقدة ،خلال الفترة من الانتخابات وحتي بلوغ الاستفتاء تري مجموعة الازمات انها المرحلة المهمة والحرجة للجميع داعية المجتمع الدولي والمجتمع السياسي المحلي ودول الاقليم بالتفاعل مع قضايا السودان الملحة في الفترة حتي يناير 2011 ،وتري المجموعة ان المؤشرات المتاحة لها ترجح ان الجنوبيين سيختارون الانفصال في استفتاء 2011 مطالبة بضرورة التفكير في قضايا ما بعد الاستفتاء حتي لا يعود السودان الي مربع الحرب مرة اخري ،في هذا الحوار مع فؤاد حكمت المستشار الخاص للمجموعة في شئون السودان والاتحاد الافريقي قلبنا معه صفحات السيناريوهات المتوقعة وفقا لقراءات واسعة يطلع عليها الرجل فبحكم مسؤوليته عن هذا الملف في مجموعة الازمات الدولية لديه شبكة اتصالات واسعة من واشنطن الي اديس ومع الاطراف جميعها ،وقد كانت اجاباته علي اسئلة المستقبل تستوجب النظر اليها بمسؤولية لكونها قراءة تشير الي اوضاع خطيرة فالي الحوار

اجراه في نيروبي :عارف الصاوي

في قمة الايقاد الاخيرة حدثت تطورات في ملف اتفاقية السلام فالبعض اعتبرها عودة الملف الي الاقليم بعد ان كان موزعا في دوائر كثيرة كيف تقرأ هذه القمة ونتائجها؟

قمة الايقاد جاءت في مرحلة حرجة للغاية ومرحلة مهمة بكل المقاييس فهو جاء قبل اسابيع من الانتخابات العامة وقبل شهور من الاستفتاء علي تقرير المصير والغالب ان يختار فيه الجنوبيون الانفصال اكثر من اختيارهم الوحدة ،في الفترة الماضية المجتمع الدولي بالذات الراعين لاتفاقية السلام انشغلوا بالاحداث في دارفور وبخصوص اتفاقية السلام كانوا قد اكتفوا بالاليات الموجودة داخل الاتفاقية مثل اللجنة التنفيذية التي يتراسها  بالتناوب نائب رئيس الجمهورية ونائب رئيس حكومة الجنوب و  اللجنة السياسية العسكرية. وفي الفترة الاخيرة واجهت هذه الاليات مشكلة عدم الثقة بين الطرفين داخلها وتراكم عدم الثقة اصاب هذه الاليات بشلل تام واصبحوا غير قادرين علي التفاهم في تنفيذ ما تبقي من  الاتفاق الذي وقع في نيروبي يناير 2005 وفي الوقت الذي وصل فيه عدم التفاهم الي حد خطير و قطار الاتفاقية قد وصل الي محطته قبل النهائية وهي محطة حرجة ومهمة للغاية . في هذه المرحلة بدات الاطراف بالذات الحركة الشعبية تشعر ان المهم  الان هوالوصول الي  استفتاء تقرير المصير في يناير 2011 وتري الحركة ان الاستفتاء اكثر اهمية بالنسبة لها من الانتخابات وبالتالي فانها شعرت ان الاليات الموجودة والتفاعل السياسي بين الاطراف غير كافي لبلوغ محطة الاستفتاء بامان وعليه لجات الحركة الي دول الايقاد باعتبارها دول جوار ايضا وتعتبر دول صديقة وهي الدول التي رعت اتفاقية السلام للتدخل بقوة وبصورة مباشرة  لتطبيق ما تبقي من اجندة في الاتفاق ومع ان اجتماع الايقاد جاء قبل خمس دقائق من منتصف الليل  لكن هذه الخمس دقائق محرجة للغاية وبالنظر الي توصيات القمة اقول انها يمكن ان تساعد الاطراف لتنفيذ ما تبقي من الاتفاقية اذا خلصت النوايا وبالتحديد من جانب المؤتمر الوطني

*اثناء قمة الايقاد الاخيرة ظهر قلق اقليمي من انهيار الاوضاع في السودان وهذا القلق نابع من تاثرهم بمسارات الامور في السودان وعبرت عن هذا القلق كينيا ورهنته باجراء استفتاء امن لجنوب السودان ،هل تري دواعي لهذا القلق ؟

ليس هناك شك ان الوضع في السودان خطير وهش سياسيا وامنيا وهو وضع موجود في اقليم اصلا هش فهناك مشكلات بين اثيوبيا وارتريا في الحدود بينهما وعلي جبهة الصومال من استقطابات حادة هناك كما ان كينيا نفسها لديها مشكلة قد تظهر مع انتخابات 2012 المقبلة اضافة الي مشكلة الكنغو واوغندا مع جيش الرب التي لم تحل حتي الان ،بالتالي اذا لم تستطيع اتفاقية السلام ان تقود السودان الي بر الامان بعد الاستفتاء وانزلق السودان الي موجة عنف وحرب اخري فمن المؤكد انها ستكون حرب اشرس واعنف من الحرب الاولي وسيدخل الاقليم الي مرحلة حرجة ومؤكد سيتاثر بدائرة العنف وسيطاله الاستقطاب ايا كان نوعه وفعلا الاشارات التي وصلت الي دول الاقليم من عدم تطبيق اتفاقية السلام وعدم حل قضية دارفور  ساعدت تفهم الطلب الذي تقدمت به الحركة الشعبية لقمة طارئة للايقاد تتدخل فيها بصورة قوية لصالح السلام في السودان وفي الاقليم بالتاكيد

*ما هي هذه المؤشرات التي تتحدث عنها ؟

هناك قضيتين اصلا في عملية مراقبة تطبيق اتفاقية السلام ودول الاقليم تنظر الي القضيتين باعتبارهما النقطتين الاساسيات في الوقت المتبقي اولا الارضية المناسبة للوصول الي استفتاء امن لتقرير مصير الجنوب وثانيا توفر الارادة السياسية الوطنية والاقليمية والدولية  لقبول بنتيجة الاستفتاء وعلي ضؤ هاتين النقطتين يتشكل وضع السودان ما بعد الاستفتاء والترتيبات المرتبطة بهذا الوضع .حتي الان هناك بنود اخري رئيسية ومهمة مثل قضية ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب و ترسيم حدود ابيي وانشاء المفوضيات لاستفتاء ابيي والجنوب والترتيبات الامنية لوضعية الجيشين بالذات في مناطق التماس ،وعليه فان هذه المشاكل لابد ان تحل في الفترة المقبلة واذا لم تحل او حلت بطريقة غير مقبولة  ستكون هناك مشكلة في الوصول الي  الاستفتاء كبيرة جدا او عدم قبول نتيجته  وعليه فاذا لم يتفق الطرفان علي ترتيبات قيام الاستفتاء في مواعيده  واسس التعامل السياسي بين الشمال والجنوب ما بعد الاستفتاء  فان ذلك سيؤدي الي الحرب وبالتالي فان المنطقة كلها ستتاثر وكل افريقيا ستتاثر .

*البعض يري ان هذا القلق تصوره منظمات  دولية لها اجندتها فقط وان الاتفاقية تسير بصورة جيدة والاليات تعمل بصورة فعالة ؟

ابدا القلق موجود اصلا ،وبدات تحسه كل الاطراف داخل وخارج السودان فالقوي السياسية بما في ذلك المؤتمر الوطني بداوا يشعروا ان السودان في مرحلة خطيرة جدا وان هذا القلق يتمثل في قيام الانتخابات في بئية لا تحوي العناصر المهمة لانتخابات حرة ونزيهة وبالتالي فلن تؤدي الي الاستقرار باي حال من الاحوال والجميع يعرف ان الهدف من  الانتخابات في اتفاقية السلام هو لتحقيق التحول الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة وعلي اساس هذا التحول ستكون هناك مشروعية حقيقية لوحدة جاذبة وبالتالي واضح االان ان الهدف من الانتخابات تحول من تحقيق الوحدة الطوعية الي اعادة الشرعية لمن هم في السلطة سواء كانوا في الشمال او الجنوب وان القوي السياسية الاخري التي كانت تنتظر الانتخابات لتجد فرصتها  اصبحت تري عملية اقصائها واضحة جدا علي هذا الاساس اذا فشلت الانتخابات الان او تعرضت الي عملية تخريبية ستعرض معها الاستفتاء الي خطر والجميع يعلم ان الجنوبيين يعتبرون ان الاستفتاء خط احمر ولن يقبلوا باي خلل في ترتيباته .هذه المؤشرات مفهومة لكل المجموعات التي تتفاعل مع السودان الان بما فيها الاتحاد الافريقي ولجنة ثامبو امبيكي والايقاد ومنظمات مثل منظمة الازمات الدولية التي تحدثت في اخر تقرير لها الي احتمال انهيار السودان اذا لم يكن هناك حل سياسي تتوافق عليه القوي السياسية .وارسال  الايقاد  وزيري خارجية كينيا و اثيوبيا الي السودان لاقناع الحكومة بالحاح للمشاركة في القمة الطارئة، بحكم ان اثيوبيا هي رئيسة الايقاد لهذه الدورة وكينيا هي رئيسة اللجنة الفرعية التي اشرفت علي اتفاقية السلام  وذلك  للوصول الي اتفاق في النقاط الاساسية المتبقية  وواضح جدا ان التركيز كان  علي توفير ضمانات  الوصول الي استفتاء تقرير المصير بسلام بالتالي فان الاشارات واضحة لكل الاطراف المحلية والاقليمية .

*واضح خلال الفترة الماضية ان المجتمع الدولي اكتفي بالاليات الموجودة داخل اتفاقية السلام والتي يمثلها الشريكان ،الان بعد قمة الايقاد هل تري ضرورة الي ايجاد اليات خارج اليات الاتفاقية ام انه يمكن العمل من خلال اليات الشريكين ؟

هذا سؤال مهم ،وكما ذكرت لك ان اليات اتفاقية السلام كان يمكن ان تعمل بفاعلية اذا توفرت الارادة السياسية وكانت هناك ثقة بين الطرفين لكن واضح ان الارادة غير موجود كما ان الثقة في الحضيض بين الطرفين وهذا يتطلب تدخل المجتمع الدولي بطريق فعال .

*هل تعني الغاء الاليات الموجودة اصلا التي لم تعد فعالة ؟

ابدا انا لا اطالب بالغاء الاليات الموجودة ولكن يجب البحث في طريق توافقي بين الاليات الموجودة وتفعيل اليات اخري ولو لاحظنا ان الايقاد اقترحت اليات لا تعمل بمعزل عن الاليات الموجودة وانما بالتنسيق معها وبطريقة لصيقة لتفعيلها ولمراقبتها هي نفسها لاداء دورها المناط بها ،بالتالي في تقديري ان قمة الايقاد كانت موضوعية اذ اقترحت مساعدة الاطراف في مسائل بعينها كترسيم الحدود بين الشمال والجنوب  ولجنة خبراء فنية تساعد الاطراف في موضوع الاستفتاء وذات هذه اللجنة تعمل مع الاطراف لمواضيع ما بعد الاستفتاء لو كان  قرار الجنوبيين هو الانفصال ،واعتقد ان هذه نقطة مهمة ،وبالتالي فانني اري في هذه المرحلة المهمة ان الايقاد مع الاتحاد الافريقي والمبعوثين الخاصين والاتحاد الاوربي يجب ان تعمل  تحت مظلة واحدة وبمنهج واحد للنظر في القضايا الاساسية التي يجب علي الطرفين ان يفكرا فيها ويعملا عليها في الفترة المقبلة  وذلك لخلق الارضية المناسبة لتصل الاتفاقية الي مرحلة الاستفتاء .وان الظروف في  الفترة ما بين الانتخابات الي الاستفتاء هي التي ستخلق الارضية الحاسمة  لمدي مقبولية نتيجة الاستفتاء .فلذلك طلبت الايقاد من الطرفين لتطبيق ما تبقي من البنود العالقة في ظرف شهرين ينتهي في مايو المقبل .

*هل تعني بحديثك هذا دعوة الي المجتمع الدولي للتركيز فقط في موضوع الاستفتاء؟

نعم موضوع الاستفتاء في تقديري هو الموضوع المهم لكن اذا لم تخاطب هذه الاطراف موضوع الانتخابات  والتحول الديمقراطي مع انه تبقي فقط ثلاثة اسابيع   فان ذلك سيخلق مشاكل للاستفتاء .ومع انه للاسف جميع هذه الاطراف تتجاهل موضوع الانتخاباات

*كيف ستخاطب موضوع الانتخابات ما هي الرؤية او الفكرة ؟

من قراءاتي للوضع السياسي في السودان ليس هناك وفاق وطني علي  اجندة متفق عليها من القوي السياسية حول ماهية استقرار السودان  ” انتخابات مقبولة،اتفاق حد ادني في القضايا الاساسية بما في ذلك النظام السياسي في السودان ” وهذا الوضع   يتجاهل المطب والمازق السياسي الكبير . وواضح ان جميع القوي السياسية متمسكة باجندتها الخاصة فالمؤتمر الوطني يريد هذه الانتخابات  ليفوز فيها باي صورة وباي ثمن ومعني ذلك فانه بالتاكيد يكون هناك اقصاء للاخرين لان الفوز باي ثمن يعني ذلك ،كان ذلك واضح جدا في عملية  التعداد السكاني وفي تحديد الدوائر الجغرافية  وفي تسجيل الناخبين وفي الظرف الحالي من فترة التسجيل الي قيام الانتخابات واضح ان هناك معوقات في الحملات الانتخابية تحملها احتجاجات القوي السياسية باستمرار الي مفوضية الانتخاباتوالاغتيالات للمرشحين والتزوير في بطاقات التسجيل والشكوي من عدم استقلالية مفوضية الانتخابات الخ، بالتالي فان الارضية التي ستجري فيها الانتخابات حتي الان فيها كثير من الثقوب وكثير من العيوب الخطيرة  ومعظم القوي السياسية بما في ذلك الحركة الشعبية والحركات المسلحة في دارفور لا تري ان هذه الارضية ستقود الي انتخابات حرة ونزيهة تحقق الغرض الاساسي منها وتقتل الفرصة الاخيرة لخيار الوحدة . ولننظر الي الجنوب فهو كان محتجا علي التعداد السكاني وهذه المشكلة حلت حل سياسي باضافة 40 مقعد للجنوب و4 مقاعد الي جنوب كردفان “مع تاجيل الانتخابات “وكذلك الحال في ابيي ،هذا يشير الي الربكة العامة في موضوع الانتخابات لان هذا الحل اتخذ في مؤسسة الرئاسة وفرض علي الجميع  وبالتالي هو ليس حل شامل ومؤسس وانما مرتجل يشير الي ارتجال العملية برمتها ـاضف الي مثل هذا الارتباك هو ان قضية دارفور لم تحل حتي الان وهناك كثير من المحتجين علي عزلهم من الانتخابات بالذات سكان المعسكرات والحركات المسلحة الموقعة علي اتفاقية ابوجا او تلك التي تعتزم التوقيع في الدوحة وهنا السؤال هل هناك اتجاه الي عزل دارفور او اشراكها جزئيا فقط في الانتخابات ؟علي كل حال ما توصل اليه الطرفان في موضوع الجنوب بزيادة المقاعد لا يمثل حل لقضية دارفور لاسباب كثيرة ومعقدة .

*ما موقف المجتمع الدولي من كل هذا؟

واضح ان المجتمع الدولي في “دايلمة ” حقيقية يعلم بالتحديد كل المخاطر المحدقة بالسودان ولكن ليس له ارادة توافق علي منهج وحل موحد يمكن ان يلتف حوله ليشكل كروت ضغط علي كل الاطراف .فهو يعلم  اذا اراد تاجيل الانتخابات  الي مابعد الاستفتاء فان المؤتمر الوطني سيطالب بتاجيل الاستفتاء ايضا وفي هذه الحالة  الجنوب رافض بشدة تغيير مواعيد الاستفتاء،واذا قبل الاطراف بتاجيل الانتخابات الي مابعد الاستفتاء مع بقاء الاستفتاء في مواعيده سوف تطالب القوي السياسية بوضع سياسي جديد يرفضه المؤتمر الوطني قبل الحركة بحجة تقويض الاتفاقية  لذلك يري جزء كبير من المجتمع الدولي قيام الانتخابات بكل علاتها حتي يضمن الوصول الي الاستفتاء ويمكن ان يفسر هذا بان الاستقرار في هذه الحالة  هو حفظ الامن كاولوية فوق اعتبارات الوحدة او التحول الديمقراطي الخ ولذلك اصبحت قضية دارفور قضية ثانوية ،وهذه خطورة علي مستقبل السودان

*وهل القضية يجب ان تكون مرتبطة اي الانتخابات والاستفتاء؟

القضية مرتبطة ذلك ان الحركة ترفض تاجيل الاستفتاء والمؤتمر الوطني يرفض اي ترتيبات دستورية تنتقص من نسبة تشكيل السلطة الحالية وفي نفس الوقت القوي السياسية تطالب بتكشيل ححكومة قومية تشرف علي الاستفتاء وتعد للانتخابات بعد الاستفتاء هذه المواقف مترابطة ومتناقضة بصورة اعجزت المجتمع الدولي عن ايجاد معادلة توفيقية بينها والان اذا قامت الانتخابات بموافقة الجنوب وباقصاء دارفور فان الحكومة المنتخبة لن تكون ممثلة لجميع مناطق السودان. وهي حكومة ستاتي في وقت مهم فهي التي ستجيز نتيجة الاستفتاء وهي التي ستعيد ترتيبات الفترة الانتقالية وهي التي ستعمل علي وضع دستور السودان الدائم والترتيبات السياسية الدائمة بالتالي فان عدم مشاركة اي جهة او اقليم  فيها لا يجعلها مؤهلة للدور الذي ستقوم به لامن الناحية السياسية ولا من الناحية الدستورية وطبعا اذا قام الاستفتاء واختار الجنوب الانفصال وهو الامر المرجح  ،فان الدستور الحالي سينتهي العمل به في يوليو 2011 وبالتالي فان مهمة الحكومة المنتخبة هي ان تضع الاطار الدستوري العام لحكم  السودان بصورة دائمة  وبالتالي لا يمكن ان يكون ذلك بدون مشاركة فعالة لاكبر اقليم فيما تبقي من السودان –بعد انفصال الجنوب-وبالعلم بان الاقليم فيه نزاع مسلح ليس لمشكلة داخلية وانما لنزاعه مع المركز في اسلوب الحكم والنظام السياسي ، فقيام الانتخابات بهذه الصورة وفي مثل هذه الظروف  هو تاجيل الصراع الكبير .. للمستقبل القريب .

*اذا افترضنا ان الدوحة احرزت تقدما مع الفصائل الاساسية كيف سيتم تضمينها في الترتيبات الجارية  ما هي المقترحات المطروحة الان ؟

اذا افترضنا ان الحكومة توصلت الي اتفاق سلام في الدوحة بينها وبين واحد او اثنين من الفصائل المسلحة  فان هذا لن يقود الي سلام شامل في دارفور  باعتبار ان مطلوبات سلام دارفور واضحة وطريقة حلها ياتي بمشاركة جميع شرائح المجتمع الدارفوري واي منهج ثنائ فيه اقصاء للاخرين سوف يعقد المشكلة اكثر وذلك بخلق مبررات عمل مسلح لشرائح اخري لم تكن منخرطة في النزاع لحفظ حقوقها او رفض الترتيبات الجديدة .هذه الاتفاقيات اذا لم تكن شاملة بل اختصرت علي توزيع المناصب الدستورية والمنافع الاقتصادية سوف يكبر الصراع في دارفور بين ابنائه وبين الحركات الموقعة وغير الموقعة واي قوي صاعدة اخري نتيجة هذا الوضع وبين كل هذه المكونات والحكومة . بالتالي فان المنهج خاطئ يعقد المشكلة اكثر اما اذا افترضنا ان الانتخابات قامت بدون دارفور كلية فان ذلك هو الكارثة بعينها .

*هذا يعني انك تدعو الي تاجيل الانتخابات ام ماذا؟

مجموعة الازمات الدولية في تقريرها الاخير كانت قد دعت الي تاجيل الانتخابات الي نوفمبر ،القوي السياسية ايضا او جزء مقدر منها يطالب بالتاجيل لنوفمبر .

*ما الفكرة من تاجيل الانتخابات الي نوفمبر ؟بعدها يكون شهرين فقط للاستفتاء؟

هناك ثلاثة نقاط تمثل الفكرة الفكرة لتاجيل الانتخابات ،اولا يتم الاتفاق في هذه الفترة علي النقاط الخلافية في اتفاقية السلام كترسيم الحدود والخ وفي نفس الوقت يتم خلق الارضية المناسبة لقيام الاستفتاء ويتم الاتفاق في هذه المرحلة بين كل القوي السياسية علي الترتيبات السياسية والاقتصادية والامنية لما بعد الاستفتاء .ثانيا يتم مراجعة  ترتيبات الانتخابات بما فيها التعداد السكاني والدوائر الجغرافية  والسجل الانتخابي اضافة الي القوانين المختلف حولها .ثالثا واخيرا يتم حل قضية دارفور ليس فقط بالوصول الي اتفاقات مع الفصائل وانما تضمين المجتمع الاهلي في الحلول لان هناك مجتمعات في الاقليم الفصائل المسلحة لا تمثلها ولا الحكومة تمثلها وكانت تعتبر ان الانتخابات فرصة لخلق تمثيلها الخاص مثل القبائل العربية عليه فان الحل لابد ان يكون شاملا وليس جزئيا لمشكلة دارفور ، بالتالي اذا نظرنا الي هذه القضايا الثلاث نجد اننا نحتاج الي فترة زمن اضافي قبل الاستفتاء حتي يتم الاتفاق علي ركائز استقراراساسية ،الان لا توجد .

*لكن الان تبقت ثلاثة اسابيع ويتوجه الناخبون الي صناديق الاقتراع هل هذه الدعوة عملية وموضوعية في هذا الوقت؟

نعم انها موضوعية واقول بما ان فرصة التاجيل تبدو  صعبة الا ان الاحتمالات كلها واردة حتي قبل ساعات من قيام الانتخابات

*هل لديك معلومات عن حملة دولية لتاجيل الانتخابات؟

لا ليس في العلن لكن نحن في منظمة الازمات الدولية مازلنا نقول بان تاجيل الانتخابات في هذه الظروف الخطيرة يمكن ان يعطي السودانيين فرصة للوصول للحد الادني لاستحقاق الاستقرار في السودان وعدم ترك ه للانزلاق الي مربع الحرب الاول  وهذا التاجيل ايضا يتيح الفرصة لوقف الحرب في دارفور لان الحرب لن تنتهي كما ادعي بعض القادة السودانيين

•          هذه الدعوة الي تاجيل الانتخابات كما قلت وردت في تقريركم  الاخير والاحزاب السياسية التي كانت تدعو ومازالت لتاجيل الانتخابات يبدو انها لن تقاطعها وحتي الحركة الشعبية قبلت بخوضها علي “علاتها”لكن البعض يتساءل اذا تم تاجيل الانتخابات ستفقد الحكومة شرعيتها سواء في الجنوب او الشمال وحتي الاستفتاء من المفترض ان تجيزه الحكومة المنتخبة كيف ستجري هذه الترتيبات في ثلاثة اسابيع الا تعتقد ان ذلك نوع من الخيال فقط؟

•          اقول لك ان كل الاحتمالات وارد في الثلاث اسابيع وهذه هي خطورة الوضع في السودان  ذلك ان ثلاثة اسابيع لا احد يستطيع ان يتنبأ او يجزم بتطورات الاوضاع ،من المحتمل جدا ان تنسحب القوي السياسية اذا حدثت اي تجاوزات في المرحلة الاولي او حتي اذا فهمت انها لن تفوز باي حال من الاحوال ،هناك ضغوطات علي الحركة الشعبية من المؤتمر الوطني ومن بعض القوي الاقليمية  لسحب مرشحها للرئاسة وكما اعلنت الحركة الشعبية ان ياسر عرمان قبل ان  يقوم باي دعاية سياسية معه 4 مليون ناخب واحتمال فوزه وارد بصورة كبيرة اذا جرت الانتخابات في جو سليم، السؤال هنا اذا فاز ياسر عرمان سيشكل مع رئيس حكومة الجنوب الحكومة المركزية اذا سيصير رئيس حكومة الجنوب هو النائب الاول له فهل سيسلم المؤتمر الوطني السلطة الي الحركة الشعبية او الي الحزب الفائز ،دعني اقول لك مثالا اذا فاز ياسر عرمان علي سبيل المثال هل نتوقع ان يسلمه المؤتمر الوطني السلطة وان يصبح القائد العام للجيش  خصوصا اذا انفصل الجنوب؟،هذه اسئلة خطيرة للغاية من تداعيات الاوضاع بعد الانتخابات مما يجعل البعض يشعر بان عدم فوز المؤتتمر الوطني هو بداية حلقة عنف اشرس من القوي السياسية ومن الشارع الذي يحتمل ان يحتج اذا فاز المؤتمر الوطني هذا من ناحية ومن ناحية اخري احتمال ان ينهار الاتفاق الاطاري ووقف اطلاق النار في دارفور وبالتالي الانتخابات ستكون مهددة عسكريا في دارفور وهذا ليس في مصلحة المؤتمر الوطني لاسباب عدة .

•         

•          هل تتوقع اي صعوبات في عملية انتقال السلطة الي الحزب الفائز اذا لم يكن المؤتمر الوطني؟

•          نعم بكل تاكيد المؤتمر الوطني سيقاوم تسليم السلطة الي غيره والكل يعرف ان هناك سيطرة علي جهاز الدولة بالكامل في الشمال ،اي بمعني تكاد تكون  اجهزة الدولة اجهزة حزب واحد بغض النظر عن نسبة تمثيل احزاب التوالي   حتي مفوضية الخدمة المدنية التي  نصت عليها الاتفاقية للنظر في تقسيم العادل لفرص العمل في  جهاز  الدولة والخدمة العامة لم تقم اساسا، ثم هذه الفكرة كانت موجودة في اتفاقية ابوجا لكن لم يحدث شئ  بالتالي فان السيطرة الكاملة للمؤتمر الوطني كما هي السيطرة للحركة الشعبية في الجنوب .فهل يتصور السوداني السوداني البسيط ان يتنازل الحزب الاكبر من السلطة التي تحافظ علي مصالحه الاقتصادية في المقام الاول؟

•          *البعض يقول هذا استباق للاحداث فربما المؤتمر الوطني يقبل بتسليم السلطة لمن يفوز؟

•          هناك مؤشرات كما ذكرت لك وهو فعلا يمثل تحدي للمؤتمر الوطني مثلا هل يمكن لقادة الجيش السوداني الشمالي القبول بتسليم ملفاته الحساسة والاستراتيجية للرئيس الجديد اذا خسر البشير وفي حالة استمرار اعلان انفصال الجنوب ؟  وكما قلت بان كل اجهزة الدولة اصبحت مسيسة بما في ذلك القيادات العليا لقوات الامن “الجيش،البوليس والمخابرات الخ  “في هذه الحالة اعود للقول بان كل الاحتمالات الواردة بما فيها التصفيات لمرشحين او تاجيل الانتخابات او العنف او تحرك الشارع السوداني ضد بعضه البعض .

•          * من شواهد كثيرة في كينيا او زيمبابوي او ايران واضح ان القوة المفرطة لا يتم تفكيكها بالانتخابات وهي دائما ما كانت سبب اي الانتخابات للعنف هل مازال المجتمع الدولي وتفكير الازمات محصورا في اتجاه الانتخابات للتعامل مع القوي المفرطة؟

•          في تقديري اذا حدث تعثر في الشهور المقبلة لتنفيذ الاتفاقية فان  نسب العنف ستزداد كخيار واحتمال الصراع في دارفور يتأزم وفي بعض المناطق التي كانت تتسم بهدؤ نسبي مثل جنوب كردفان والنيل الازرق وشرق السودان  واحتمال اقصي شمال السودان هذه الهوامش  والذين يعيشون علي هوامش اقتصاد المدن الكبيرة  مثل الخرطوم الي اخره هذه المجموعات من المرجح ان تدخل دائرة عنف لو انطلق وغالبا المؤتمر الوطني سيقابل هذه التحركات بالعنف وهو شئ سيزيد من الاصوات المنادية بحق تقريثر المصير للاطراف بما في ذلك دارفور   ومع ان هذه الاصوات المطالبة بتقرير المصير للولايات ضعيف الان لكن سيجد مشروعيته اذا استمرت الدولة في سياساتها الاقصائية وهو حق حصلت عليه الحركة الشعبية عندما اتبعت الدولة مشروع ديني اقصائ وستجد الاقاليم مبررات اخري من دواعي التهميش وعدم توازن التنمية في المستقبل وسيكون هذا سيناريو خطير في السودان. وفي تقديري ان هذا الطريق سيقود الي العنف في شمال السودان قبل بين ان يكون بين الشمال والجنوب وربما تبلور من هذا نوع من الاتحاد بين هذه الاطراف لشن حرب علي المركز في المستقبل

*رغم تفاؤلك بنتائج قمة الايقاد لكنها اشارة الي ان انقسام المجتمع الدولي في موضوع السودان مازال قائما هناك قوي مؤثرة هي ليست من ضمن شركاء الايقاد مثل الصين وروسيا فكيف يمكن تجاوزها في الية الايقاد؟

الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن حدث توافق فيما بينها علي اساس ان الوضع خطير في السودان ويتطلب  اليات وتدخل لمساعدة الاطراف وصولا الي الاستقرار ،هذه النقطة كانت مهمة جدا الي الصين باعتبار انها اكبر مستثمر في البترول وبالتاكيد رجوع السودان الي مربع الحرب مرة اخري حايفقدها الاستثمارات الخاصة بها بالنسبة الي الاتحاد الافريقي وهو لاعب جديد مهم لوقت طويل كان يري ان وحدة السودان فوق كل الاعتبارات  لكن يبدو انه في الاونة الاخيرة بدا يتفهم الوضع بموضوعية  بان اتفاقية السلام بنيت وصممت لتكون الوحدة جاذبة لكن هناك حقائق علي الارض ترجح ان خيار الانفصال هو اكبر من خيارة الوحدة  وبالتالي كون الاتحاد الافريقي اللجنة العليا برئاسة ثامبو امبيكي لايجاد اطار حل لقضية دارفور فتوصلت اللجنة ان مشكلة دارفور هي جزء من المشكلة  وكان لابد له من مخاطبة المشكلة الاكبر وهي اتفاقية السلام ،واعتقد ان الاتحاد الافريقي يعمل بتوافق مع الجامعة العربية ،ماهو مهم ان المجتمع الدولي شعر بضرورة ان تلعب دول الاقليم دورا فعالا في هذا الوقت ولا اعتقد ان دول مثل الصين وروسيا يمكن ان تقف امام المبادرة الاقليمية بل ستدعمها بكل تاكيد ،وحتي الان ليس هناك معارضة من هاتين الدولتين لما جاءت به الايقاد ومع ان القمة خرجت بتوصيات بسيطة لكنها مهمة للغاية  وما خرجت به به الايقاد سيزيد من فرص الاستقرار في السودان وهو شئ تنشده الصين حماية لمصالحها الاقتصادية ولن تقف ضده .

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *