الإتفاقيات الدوليّة وحقُوق الطِفل
مَابَال هَؤلاءِ الأطْفال وهؤلاءِ الأطْفال فِى السّودان
الْبَعض يمُوتُ تُخْمَةً وأخرون يَمُوتُونَ جُوعاً وَحسْرة
حمّاد وادى سند الكرتى
المحامِى والباحث القانونى
[email protected]
مَا بال هؤلاءِ الأطْفال يَمرحُون , فرحُون , يلهُوون وهُم لايبالُون , مُلئتْ بُطونِهمْ طَعاماً جيداً مفيدا لأجسامهم التى أنْتفخت شحْماً ولَحْما , لا يعرفُون الخُوف والظمأْ , مُتمتعُون بالحياة, الحياة الكريمة مِن تعليم وصحّة ونُمو عقلِى وجسدِى وإجتماعِى , فِى جو يسوده الحنان والأمن المادِى والمعنُوى . فلماذا إذاً يخافُون أو يتولولُون أو يصرخُون وهُم فِى أحضان أمهاتهم وأبواتهمْ مُطمئنون , فِلماذ يخافُون وليس هُناك أزيز طائرات تُحلق فوق رؤسهم وتهدم منازلهم ومدارسهم , لِماذا يخافُون وهم يستمعُون لِلموسيقى الهادئة عبر جهازى التلفاز والراديو, لماذا يخافون وهم لايسمعون زمجرة الدبابات أو طقطقتْ الرصاصات , شتانا ما بين هؤلاء وهؤلاء , هؤلاء قوم يتعلمُون فى أرقى المدارس فى الداخل والخارج , بعد أن سرق أبواتهم المال العام , تراهم وقد أصابهم التخمة من كل مكان حتى إمتدوا طولاً وعرضاً , لمْ تشكواْ معداتهم من الجوع قط , فإذا ما شعروا بِه فالثلاجات مليئة بجمع أنواع الأطعمة والفواكه , وما تشتهى أنفسهم وهم فى هذه الدنيا وبأموال السُحت والحراما ينعمون. لماذا يخافون وهم لايعرفون لُغة الحرب , أو معنى الجنجويد , أو الإغتصابْ.
سكنُوا القصور الشاهِقة , ركبُوا العربات الفارِهة وأخرون لايجدون ثمن ركوب العربة التى تجرها الحمير والبِقال والجِمال.
من أين جاء أولئك الطلاّب, الذين يدرسُون فِى الهند وماليزيا , وأمريكا وكندا…ألخ بالأموال الضخمة , تلكُم أموال شعب مقهُور , تمّ حرمانه منها , نعم تمّ حرمان السواد الأعظم من أطفال السُّودان , لكِى تنعم الأقليّة بأموال الشعب فِى ظل موت الكثيرون , بأمراض لها صلة وثيقة بالجُوع.
مابال هؤلاء الأطفال فِى إقليم دارفُور , وجنُوب كُردفان , ما بالهم لايتمتعون بالحقُوق الأساسيّة للطفل , وذلك بِسبب أصلهم القومى والجهوى والعرقِى , لماذا لايتمتعون ككل الأطفال بالحياة الكريمة والأمن , ولماذا تمُنح لهم ككل أطفال السّودان , فرص النمو الجسمى والعقلى والخلقى والروحى والإجتماعى الطبيعى , لكى ينموا فى جو من الحرية والأمان , لماذا هم هكذا دائما يقهرون , ولأزيز الطائرات وزمجرة الدبابات وطقطقت الرصاصات , هم مجبرون على سماعها كل يوم؟ لماذا هكذا يشردون , ومن التعليم والأمان والطعام يحرمون ؟
لماذا يحرمون من فوائد الضمان الإجتماعى , لماذا هم فى كل الأحوال , سواء كانوا فى الحضر او المدن , فى السلام او الحرب , لماذا لا يتمتعون بشخصياتهم القانونية , ككل الأطفال فى السودان , لماذا يهانون , يذلون , ويستعبدون؟
فأنظروا الى أطفال , جبال النوبة , كيف تمّ تشريدهم وهم فى نعومة أظافرهم , كيف تمّ حرمان أبناء دارفور من التعليم لعقود , حتّى أصبحنا امام اجيال فاقدون للتربية والعلوم.
إنّ الطفل هو الطفل , بصر النظر عن الجوانب التميزية المتعلقة بالجهة , اللون , الأصل القومى, يجب أن تمنح كل حقوقه الممنوحة له بموجب القانون الدولى , ونعنى هنا الحقوق الأساسية , حتى بلوغ الحد الأقصى من طاقاتهم وقدراتهم العقلية والجسمانية , إنّ إتفاقية الطفل الموقعة والتى دخلت حيز النفاذ فى العام 1990 م , والملزمة لجميع أطراف الأسرة الدولية , إعترفت بالحقوق الأساسية للطفل كطفل , والمتمثلة فى حق كل طفل فى الياة والبقاء والنومو فى جو من الأمان والحرية , بصرف النظر عن الجوانب التميزية , كما نجد أن القانون الدولى الإنسانى , منح حماية خاصّة للأطفال أثناء النزاعات المسلحة , حيث يجب أن يكون الأطفال فى منأى عن العنف , وأن لايجبروا على العمل فى الجانب العسكرى , كما يجب حماية الأطفال من الإستغلال الجنسى , حيث تعرض الكثير من الفتيات فى قارتنا الإفريقية لعمليات إغتصاب وتشوية جنسى , ودارفور , أوغندا (جيش الرب للمقامة ), الكنغوا أقرب مثال لإنتهاكات حقوق الأطفال أثناء النزاعات المسلحة .
حمّاد وادى سند الكرتى
المحامِى والباحث القانونى
[email protected]