وزير الإعلام، الدكتور أحمد بلال عثمان قال أمام المجلس الوطني أمس الأول، إنَّ مشروع قانون الصحافة الجديد استبدل عقوبة السجن للصحفي بالإيقاف عن الكتابة لمدة محددة!
ولا أعلم هل ذكرها أحمد بلال في سياق الإنجازات والبشريات، أم الانتكاسات والتراجع!
سؤال يجب أن يوجه لأي صحفي وصحفية، أيهما تفضل أن تسجن أنت، أم قلمك؟ لا أصدق
أن أجد إجابة واحدة تؤيد كسر القلم مقابل الحرية الجسدية، صحيح الإبقاء على الصحفي بالسجن يعني عملياً توقفه عن الكتابة، فلائحة السجون لا تسمح بترف الكتابة لكن الأصح أنَّ بقاء الصحفي خارج أسوار السجن مع تكبيل قلمه، أشدُّ مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند.
مشروع قانون الصحافة الجديد سر عسكري خطير لا يعلم أحد عنه شيئاً، سألنا كل الجهات ذات الصلة وبحثنا عن مسودة القانون فلم نعثر عليها، وحتى الجهات التي تملك هذه المسودة رفضت صراحة أن تسمح بنشرها أو حتى وصولها إلى الصحف، رغم أنًّ مجلس الوزراء أرجأ إجازة القانون لمزيد من التشاور. ولا أعلم مع من سيتشاور؟ طالما القانون “سري للغاية” ومحروم الوسط الصحفي من الاطلاع عليه..
ولا يدهشني أن تكون الحكومة عازمة على مزيد من التكبيل والقيود على الصحافة والصحفيين، فهي تعلم أنَّها آخر خطوط الدفاع أمام المواطن وإذا سقطت الصحافة أصبح الشعب السوداني بلا لسان.. لكن الذي لا أجد له تفسيراً، على ذمة أية مبررات أخلاقية يظل نواب ووزراء حزب المؤتمر الشعبي في مقاعدهم فرحين؟ ألم يصدّعوا رؤوسنا بالحديث عن الحريات، وأنهم ما دخلوا الحوار الوطني ولا شاركوا في الحكم إلاَّ بعد الاستجابة لطلبهم بشأن الحريات؟
أين ما قالوه عن وصية زعيم الحزب الشعبي الدكتور حسن الترابي عن الحريات؟ هل كل ذلك انتهى بانتهاء مراسم أداء القسم في الوزارات والمقاعد النيابية والتشريعية ومنصب مساعد رئيس الجمهورية؟
على كل حال، المجتمع الصحفي الآن أمام المحك، السكوت على القانون الجديد يعني عملياً أنَّ الصحافة السودانية فقدت مشروعية الدفاع عن المواطن، ففاقد الشيء لا يعطيه، صحافة لا تدافع عن نفسها كيف تدافع عن شعبها..
يجب أن يتحرك المجتمع الصحفي بكل همة لإسقاط مشروع القانون الجديد للصحافة، فحتى لو أجازوه بالأغلبية الميكانيكية في البرلمان، يجب أن تعمل الصحافة على أن تكون كلمة “نعم” التي ينطق بها من يصوت لصالح القانون شهادة للتاريخ تسطر العار على صاحبها..
سادتنا في حزب المؤتمر الشعبي، ينالكم ثواب، أرجعوا الحريات الصحفية للوضع الذي كانت عليه قبل دخولكم الحكومة!!
التيار