اساطير الاولين المصرية ؟
ثروت قاسم
نواصل في هذه المقالة ، والتي تليها ، استعراض بعض الخلفيات والاسباب التي قادت لمنع الرئيس السيسي اخاه السيد الامام من دخول مصر مساء السبت 30 يونيو 2018 . لم يصدق البعض حدوث الحدث ، وقالوا بعفوية :
مصر جنت وإلا شنو ؟
اتستبدل مصر الذي هو ادنى بالذي هو خير ؟
وفي مدابرة للآية 61 في سورة البقرة ، تحسر البعض بانهم سوف لن يهبطون مصر مستقبلاً لان ليس لهم فيها ما سألوا … ففيها الظلم والعسف والاستبداد .
نختزل تعليقاتنا على الحدث وتداعياته في النقاط التالية :
اولاً :
+ اساطير الاولين ؟
هناك بعض الاساطير بخصوص تعامل المصريين مع المعارضين لحكوماتهم من الاجانب غير المصريين ، بما في ذلك السودانيين ، التي من كثرة ما رددها اهل النظر صارت حقائق في الوعي الجمعي ، نذكر بعض البعض منها ادناه :
واحد :
+ مصر بلد يدخلها الجميع بسلام امنين .
هذه الاسطورة ليسن صحيحة ، فمصر لا يدخلها الا من يحمل فيزا رسمية صادرة من سفارة مصرية . ترحل مصر اي لاجئ من اي بلد لبلده ، اذا وصل اليها بدون فيزا رسمية . حتى سوريا التي كانت جزءاً اصيلاً من مصر ، يتم ترحيل اي لاجئ سوري يصل الاراضي المصرية بدون فيزا رسمية . وتخيل سهولة او صعوبة الحصول على الفيزا المصرية متروك لخيال اللبيب ؟
لم يسمح للسيد الامام بدخول مصر رغم انه يحمل فيزا رسمية . تم المنع في اطار صفقة امنجية بين الرئيس السيسي والرئيس البشير .
اتنين :
+ لم ترحل مصر اي معارض اجنبي لبلده .
هذه الاسطورة ليست صحيحة ، فقد رحلت مصر آلاف المعارضين المتواجدين في مصر باقامات رسمية ، وسلمتهم لدولهم الاستبدادية ذات القضاء غير المستقل . مثالاً وليس حصراً ، سلم الرئيس مبارك للقدافي في ديسمبر 1993 وزير الخارجية الأسبق، المعارض الليبي منصور الكيخيا، بينما كان يحضر مؤتمراً للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في القاهرة ، وتمت تصفيته بمجرد وصوله طرابلس . حسب تعليمات السيسي ، يصوب شرطة الحدود مع اسرائيل النار على اللاجئين السودانيين الفارين من مصر الى اسرائيل ويقتلوهم ، وعندما يصل الناجون لاسرائيل لا تقتلهم اسرائيل ، بل تستضيفهم في معسكرات لجؤ . في حالة اللاجئين السودانيين الفارين من مصر الى اسرائيل ، تجد القتل :
Shoot to Kill
وليس الترحيل للسودان ، وليس الاستضافة في معسكرات لجؤ ، لانه لا وجود لهكذا معسكرات في مصر .
تلاتة :
+ تكرم مصر وفادة طالبي اللجؤ المتواجدين في مصر بصورة رسمية .
هذه الاسطورة ليست صحيحة ، بل العكس هو الصحيح . مثالاً وليس حصراً ، نذكر بوقائع مجزرة اللاجئين السودانيين في مساء الخميس 29 ديسمبر 2005 في منطقة ميدان مصطفى محمود بالمهندسين في القاهرة ، التي قدم السيد الامام وقتها مذكرة احتجاج حولها للسلطات المصرية . كما لا تسمح مصر للامم المتحدة باقامة معسكرات لجؤ داخل الاراضي المصرية . اذا لم يكن مع اللاجئ ما يكفيه من مال ، فمصيره المعاملة بالجزمة المصرية .
اربعة :
+ الفريق صلاح قوش هو مخطط ومنفذ عملية منع دخول السيد الامام للقاهرة .
هذه الاسطورة ليست صحيحة ، وليكلم الحاضر الغائب ان الفريق صلاح قوش ورئيس الوزراء بكري حسن صالح وجميع الوزراء ورئيس واعضاء المجلس الوطني وجميع القضاة ومعظم الاعلاميين … هؤلاء وهؤلاء كلهم جميعهم بيادق على سطح طاولة شطرنج الرئيس البشير . كل واحد منهم يقول سمعنا واطعنا ، ولا مجال للتصرف الفردي ، والا كان المصير كمصير بروف غندور ، الله يطراه بالخير .
خمسة :
+ هذه الاسطورة المختزلة ادناه صحيحة حسب رسائل الواتساب :
سوف يسمح الرئيس السيسي للسيد الامام بدخول مصر ، بمجرد ان يتأكد ان الرئيس البشير قد سلمه كل وجميع الاخوان المصريين المستجيرين به والمتواجدين حالياً في السودان ، حسب قائمة سلمها مندوب الرئيس السيسي لمندوب الرئيس البشير في القاهرة في يونيو 2018 .
هل يقبل السيد الامام بالرجوع لمصر ، حتى مصحوباً باعتذار من موظف مصري في السفارة المصرية في لندن ؟
اسال هاملت ، او العنبة الرامية فوق بيتنا .
وكما يحدثك البطل علي عبد اللطيف والبطل عبدالفضيل الماظ ، المتغطي بالمصريين … عرييييييان .
ثانياً :
+ ثلاث ايام تاريخية ؟
نحدثك ادناه عن ثلاث ايام تاريخية :
واحد :
+ في يوم الجمعة 30 يونيو 1989، حدث نهب مسلح غادر للديمقراطية الثالثة ، كانت من نتائجه 29 سنة بعد الحدث ، تقسيم السودان الى قسمين ، وفقدان مثلث حلايب ومنطقة الفشقة ، وحرب اهلية في دارفور والمنطقتين ، وسادس افسد وافشل دولة في العالم ، ورئيس دولة هارب من العدالة الدولية . خجل نظام البشير من الاحتفال بالذكرى ال 29 لنهبهم المسلح للديمقراطية ، لان ليس لهم ما يفتخرون به غير قبض الريح والكوارث والمآسي بالكوم .
اتنين :
+ في مساء السبت 30 يونيو 2018 ، رددنا مع السيد الامام الآية 41 في سورة النحل :
وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ۖ وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ .
ظلم الطاغوت المصري والسوداني الشعب السوداني في شخص السيد الامام ظلم الحسن والحسين الاسطوري . ما هكذا تتم معاملة عزيز قوم ، وإلا بل الآخرون رؤوسهم في انتظار الحلاق المصري . وبسبب السودانيات السودانية وعلى راسها التسامح الاسطوري ، لا تجد ردة فعل سالبة ، حتى من بعض الانصار المتزمتين ، ضد المصريين المتواجدين في السودان ، لما حاق بامامهم من إذلال .
تلاتة :
+ في يوم الاحد 30 يونيو 2013 ، حدث نهب مسلح غادر للديمقراطية الوليدة في مصر ، كانت من نتائجه 5 سنوات بعد الحدث ، بناء الرئيس السيسي 13 سجناً جديداً للشرفاء من ابناء وطنه ، وجعل غزة منطقة غير صالحة للحياة بعد تمليح الرئيس السيسي لمياهها الجوفية ، ومنع السيد الامام لاول مرة من دخول مصر ، من بين نتائج سلبية اخرى يشتكي منها حتى المصريون . بل صارت مصر الدولة الوحيدة في العالم التي تمنع ايقونة اسلامية وعربية وافريقية ، ومفكرا حائزاً على الجوائز الدولية ، وداعية للسلام والحرية واحترام حقوق الانسان ، من دخول اراضيها ، الامر الذي يؤكد المستنقع النتن الذي وقعت فيه بلاد ام كلثوم والعقاد وشوقي واسماعيل يس . تحفظ المثقفون المصريون الذين يعملون في ادارة السيسي على خطيئة منع السيد الامام من دخول مصر ، المجازفة التي ربما كلفتهم وظائفهم .
لم يحتفل الرئيس السيسي بالذكرى الخامسة لإنقلابه العسكرى ، لانه كاخاه الرئيس البشير ليس عنده ما يحتفل به غير العرق والدموع والدم .
ثالثاً :
+ اعرف السبب ليزول العجب ؟
السبب الرئيسي وراء محنة مساء السبت 30 يونيو 2018 في مطار القاهرة ان الرئيس البشير لا يجد من يراجعه في قراراته الفطيرة التي تضر بشخصه وبشعبه قبل ان تضر بشخص السيد الامام … وكذلك الرئيس السيسي ، حسب ما سوف نفصل في المقالة القادمة ، باذنه تعالى .
نواصل …