اذا فشلت المعارضة في اسقاط النظام بالمظاهرات (زي باقي الناس!) فليجربوا العصيان المدني الشامل
المعارضة السودانية بدون الحركة الشعبية لتحرير السودان كالعقرب الذي نزعوا عنه شوكته – ليس منه خوف وسمه الذي بداخله لا يضر الا جسمه. وبالرغم من تعاهدهم – خاصة الحزبين الكبيرين العريقين – بعد انتفاضة ابريل الذي اطاح بنظام مايو علي العصيان المدني التلقائي بمجرد حدوث انقلاب عسكري , الا ان اتفاقهم وتعاهدهم ذالك لم يحدث عند وقوع المحذور واستيلاء الجبهة الاسلامية علي الحكم في الثلاثين من يونيو قبل اكثر من عشرين عاما , ذلك لانهم .اي المعارضة , تحسبهم جميعا وقلوبهم شتي . فكل منهم يظن ان الانقلابيين من بين صفوفهم خاصة البعثيين والاتحاديين الديمقراطيين ومن ورائهم حكومة مصر . فكان ان احجم هؤلاء واولئك عن تنفيذ العصيان المدني التلقائي في خيانة للعهد والميثاق ولكن حاق المكر السيئ باهله وانجلي الموقف عن انقلاب علي راسه الاسلاميون فلبا وقالبا في تمويه ابرع من تمويه الحرباء وبكذبة افدح من كذب مسيلمة (انت الي القصر وانا الي السجن) في تطبيق مبدا الغاية تبرر الوسيلة ما كان يحلم بتطبيقه علي هذا النهج الاحترافي حتي ميكافيللي نفسه.
والان , وبعد انسحاب الحركة الشعبية لتحرير السودان انسحابا فعليا من المعارضة لاختلاف المطامح وتفرق السبل حيث بات الجنوبيون يريدون دولة تخصهم وحدهم بعيدا عن نفاق اهل الشمال وبطشهم وظلمهم رغم ادعائهم الانتساب الي الاسلام والمسلمين ولكن افعالهم دائما ما تاتي عكس ذلك , فالكذب والرياء والمراء واكل اموال الناس بالباطل والقتل وارتكاب الفواحش من ابرز سمات الشماليين وللاسف الشديد. هذا غير العنصرية البغيضة السبب الرئيس لدفع الجنوبيين دفعا نحو الانفصال , لم لا وهم يقراون ويسمعون وسبصرون خال راس النظام وهو ينفث مفردات العنصرية كريهة ونتنة كل صباح ومساء تحت سمع وبصر ومباركة ابن اخته وربما بايعاز وتحريض منه ومن حزبه , والا لما استمرت صحيفته في غيها رغم ” الانتباهة ” الي خطورة منهجه من كل ذي عقل يسير.
نقول , الان وبعد غياب الحركة الشعبية من الساحة احتارت المعارضة الشمالية الضعيفة والمتفككة ماذا تفعل لاسقاط نظام الاسلاميين , او هكذا يسمون انفسهم, عدوهم اللدود والتاريخي , فعولوا علي حركات دارفور والشرق المسلحة علي القيام بذلك دون تقديم اية مساعدة لهم بل ووقفوا موقف المتفرج والجبان حين اوشك جيش العدالة والمساواة الاطاحة بالنظام وقد كان قاب قوسين او ادني من ذلك.
وبعد اندلاع الثورة التونسية والمصرية ونجاحهما في دك عرين اكبر طغاة الدول العربية المعاصرة وايداعهما مزبلة التاريخ , دبت شيئ من الشجاعة في قلوب الحزبين الكبيرين ومعهم اليساريين فحاولوا الزج بعناصرهم الطلاب في محاولات هزيلة للخروج الي الشارع واسقاط النظام ولكن ومع غياب الطلاب الدارفوريين احتجاجا علي عدم مناصرتهم عندما كانوا يخرجون احتجاجا علي مجازر النظام في دارفور , ومع غياب طلاب الجنوب , فشلت هذه المظاهرات ووؤدت في مهدها وسط شماتة وسخرية الانقاذيين الذين باتوا منذ ذلك الوقت يتحدون المعارضة بالخروج ويستفزونهم بالفاظ ما ينبغي ان تصدر من من به ذرة مسؤولية , الفاظا من شاكلة ( الرجال طلعوا في يونيو 1989!! ) او من نوع : ( سنسحقهم اذا طلعوا!).
ومع هذا التفكك والخنوع من جهة المعارضة , يخرج علينا زعيم حزب الامة في كل مرة يكاد شمل المعارضة ان تجتمع وتتحد بمبادرة من مبادراته التي صارت مثل بيض الضفدع من حيث العدد والتتالي فصارت المبادرة تتبع الاخري حتي التصقت مبادراته وتجمعت كما بيض الضفدع. وكل هذه المبادرات تم تجاهلها من قِبل المؤتمر الوطني حتي اتضح اخيرا بان زعيم الحزب العريق ما كان ليفعل ذلك ويخرج مبادراته هذه مبادرة تلو الاخري الا لانه قبض ثمنها وثمن تخذيل المعارضة مليارات من الجنيهات من مال هذا الشعب المسكين تبدده هذه الحكومة لشراء الذمم ورشوة المعارضين وشق صفوف الاحزاب الاخري ,عريقها وحديثها, تطبيقا لمبدا فرق تسد.
ثم ماذا بعد ايتها المعارضة المقلوب علي امرها؟ لا كفاح مسلح انت قادرة عليه بعد انتزاع الشوكة المتمثلة في جيش الحركة الشعبية التي ذهبت مترقية الي “جيش دولة “بانفصال الجنوب. ولا مظاهرات تنفع في ظل هؤلاء المتعطشين لدمائكم واعراض نسائكم ان خرجتم وخرجن معكم! لم يتبق لكم الا الذي عاهدتم انفسكم علي تنفيذه وتقاعستم عنه لسوء تقديركم وتشتت كيانكم فقد كنتم دوما “كلحم الراس” تجمعا نشازا لا رابط بينكم الا حب السلطة وحلم الوصول اليها بلا تضحيات تنتظرون الاخرين ليضحوا ويستلموها ثم تسرقونها منهم , لم يتبق لكم الا العصيان المدني الكامل والشامل ولا خيار لكم غيره ولا بديل لكم عنه. حتي هذه يمكن ان لا تنجحوا وتفلحوا فيه لان هؤلاء الشرذمة القابضين علي السلطة ماتركوا احتمالا من احتمالات وسائل اخذ السلطة منهم الا واعدوا له ترياقا مضادا , فكان ترياقهم للعصيان المدني ان فصلوا كوادركم للصالح العام لحظة سرقتهم للسلطة وشردوا كل من لا ينتمي اليهم واتوا بكوادرهم حتي الفاشلين والساقطين منهم وملاوا بهم المرافق الحكومية والخاصة ولم يسلم من ذلك حتي قطاع الشحاذين وبائعات الهوي .
فتنادوا يا هؤلاء لعصيان مدني واضراب عام عسي ولعل ان تفلحوا في ما فشلتم فيه من تظاهرات هزيلة ,وبدل انتظار مهدي منتظر غير المهدي الذي بين ظهرانيكم والذي لا هم له الا بيع المبادرات الي من نجحوا في تجويعه فتبعهم , وقد جوعوا “السيد” الاخر من قبله فاذعن لهم لقاء استرداد جناين جف ماؤها و ذبلت زهورها ومحق ثمارها.
محمد علي طه الشايقي( ود الشايقي)
[email protected]