حسن اسحق
اخيرا اختار المؤتمر العام لحزب المؤتمر الرئيس عمر البشير مرشحا له للانتخابات القادمة في ابريل،وهلل وكبر الكاذبون واصفين التجربة بالديمقراطية التي مارسوها بدءا من القواعد الي ان وصلت الي مرحلة التسمم الاخير في بري الاسبوع الماضي،وهي تجربة جديرة النظرة الثاقبة،لانها ملفقة،ويجب ان يحتذي بها الاخرون،لانها جديرة بالذكر،وهكذا يدعون الجدارة في اختيار رجل المرحلة،والرجل الوحيد المتفق عليه من كل السودانيين معارضة وحكومة،لذا وقع عليه الاختيار،وانتهز علماء الواتساب،هيئة علماء السودان (المسلمين) الفرصة،لتدس السم في الدسم،فهي مارست نفس الاعيبها القديمة،تسكت الهيئة عندما ترتكب الحكومة الخروقات،وتتجاهل ممارستها البشعة،وتظهر في المحطات الاخيرة لتهنئ دافعي مرتباتهم ومخصصاتهم،وهي باركت نتائج المؤتمر العام في اختيار المرشح ذا الغالبية المتفق عليها من الجميع،ومن هي المعارضة التي تتفق علي البشير مرشحا للفترة المقبلة؟ الا اذا كان المقصود بهم احزاب التوالي صنيعة النظام نفسه،ووضع مزيد من البودرة علي الديمقراطية التي يتفاخر بها كذبا ..
وبعد ظهور الوجه الشاحب للتنظيم في مؤتمره العام،بدأ قادته مصابين بافراط الديمقراطية ،ودعوا الجميع ان يأخذ بهذه التجربة الغريبة الاطوار،وسبقهم من تحدث عن نموذج الاسلام السوداني المختلف عن اسلام الاخرين في المنطقة
،وحتي البشير المجمع عليه علي حسب احاديثهم الاعلامية،برز خنجر الطعن علي الديمقراطية من داخل مؤتمرهم في منع وحجز الصحفيين ،وعرقلة عملهم الصحفي، لا لشئ حتي لا يعكسوا الاراء التي تختلف حول الرئيس نفسه، ويكون الاعلام الوحيد لهم تحت امرتهم، وكل الاصوات المعارضة، قمعت كما قمع الصحفيين في ارض المعارض ببري، معقل الديمقراطية في صولاتها الاسلامية ، وتعثر حصانها في بداية الحراك العملي. وعلي السودانيين ان لا ينخدعوا بهيئة علماء السودان التي تسعي لاعطاء انطباع روحي وديني للحزب ، وتغيب النقد والمناقشة ، ومن كان لهم الامل في الوثبة المتحولة بفعل النوايا المدسوسة الي عثرة جديدة ،تضاف الي عثرات حقوق الانسان في السودان والحريات والديمقراطية المولودة في اول شهر للانقلاب علي الحوار الوطني ..
وحتي المعارضون لترشيح البشير للانتخابات الرئاسية القادمة صوتهم لم يسمع جيدا، ومن جهروا، ولمحوا به ترتيب الاوراق الجديدة في مرحلة ما بعد الاختيار والتمكين الخماسي(5) سنة قادمة،سيدركون ان الصيحة في وادي الذئاب والصقور للفرد الاعزل، هي خطوة تمهيدية لافتراسه، وكل من تغيب في مجلس الشوري الاخير، وابدي برأي ،وله حلم التغيير( البشيري) عليهم ان يتحسسوا مقاعدهم ،لانها باتت علي المحك. ولن يحدث اي نوع من التغيير علي مستوي ممارسة السياسة السودانية في عهد المؤتمر الوطني، ولن يغير من نهجه من القمعي تجاه المعارضين سلميا او ثوريا،وسيكثر في الايام القادمة ائمة الغش من علي المنابر،للوقوف وراء امير المؤمنين،حامي عرين الاسلام من الخونة والمارقين،وغيرها من المسميات المسترجلة،وان يلتفت المؤمن الي احاديث الضلال الضارة بوحدة وقوة تراب المسلمين،لان اعداءه كثر، وهم الاعداء للحرية والديمقراطية وحقوق الانسان والعدالة الاجتماعية، وهم الاعداء لوقف الحروب والتشريد والقصف بالطائرات في هيبان وام دورين، وهم اعداء الوطن،قبل ان يكونوا حماة للدين، فهذا الدين لم يكن الا ذلك الحائط الذي دفن فيه الاطفال ،وسقط علي النساء قبل الرجال،وتراب الوطن لا يحمي بعقلية القناص الذي يهوي القتل…
الاجماع علي فرد واحد في وجود ديمقراطية وممارسة حقيقية شئ يجافي الواقع، وماقصدته الحركة الاسلامية، هي ان القوة الضاربة هي تصنع الديمقراطية، وانهم لن يسمحوا لاي مجموعة ان تحدث انشقاق في صفوفها،وهذا حرق مبطن للعبة السياسية،واعضاء المؤتمر الوطني الحالمين بالتغيير اصابتهم غشاوة الوثبة،وامنوا بها، وظنوا انها طوق نجاة للازمة السياسية التي صنعوها بايديهم،وخوف (الكيزان) من ان تحلق رؤوسهم عاليا،ومن يبحث عن مصلحته الذاتية عليه ان يضع علي اذنيه الرمال،و(الكوز بشرب جمل).اذا لا اصلاح سياسي منتظر في هذا الوقت،كل الطبخة المعدة الان للانتخابات،وحسم التمرد،ومزيدا من تقييد الحريات الاعلامية،وهذا يتبعه ارهاب اعلامي مضاد في مناطق النزاع الدائرة فيها الحرب الان،واي محاولة للكشف يليها سوط تقويض النظام الدستوري،والتقليل من هيبة الدولة،وهو كرت احمر اقصائي،واما الفوضي علي شاشة المشهد اليومي،هي درس بليغ ان النموذج اليمني شرق البحر الاحمر،سيرسو علي شاطئه الغربي ..
ومن يتابع في هذا المؤتمر العام ،ان مجلس الشوري الذي اختار البشير مرشحا له،غاب عنه كثيرون،وحسب القراءات السياسية للواقع الجاري الان،ان خطاب الوثبة في بداية العام الجاري،ما كان الا ثوبا مرحليا ارتداه نظام البشير تحت مسميات الحوار والقضايا الوطنية والهوية والاقتصاد للوصول به الي محطة النكوص الاخيرة والعودة الي نفس الطريق القديم الذي ترك مؤقتا لضرورات المرحلة،وظهر هذا النفس المتعالي في خطاب قاعة الصداقة قبل فترة انه لن يسمح للبلاد ان تتحول الي يمن اخري،ويقصد بذلك الحوثيين الشيعة الذي دخلوا العاصمة صنعاء بعد اعتصامات وتظاهرات قادوها في العاصمة صنعاء حتي استولوا عليها.والقارئ لخارطة الحراك السوداني ان الاوضاع الراهنة وبراهينها علي الارض،هي صنعاء جديدة،وماحادثة القطار في مدينة الضعين،عندما اوقفته مليشيات قبلية،وفتشته،وضرب افراد من القوات النظامية،وحادثة مقتل عناصر اخرين من قوات نظامية في مدينة نيالا بجنوب دارفور علي ايدي مليشيات وهروبهم،هذا تصور واقعي ملموس ومعاش،لكن نكهته سودانية خالصة،فالفوضي المقصودة ليست في العاصمة الخرطوم،هي فوضي ولائية حتما ستتدحرج هذه الكرات تباعا الي تصل الابواب العاصمية،وحتي البرهان بصنعاء اليمنية هو احساس مبطن ان سلطة الاستقرار في المدن،هو اشبه بحديث فارغ المعني،ماهي الفوضي؟ وهي سؤال مشروع يحتاج الي اجابة موضوعية،اذا كانت القوات النظامية تفشل في حماية قطار متجه الي مدينة ما،وتوقفه مجموعات قبلية وتفتشه،بعد ان علمت انه يحمل ذخيرة او سلاحا الي قبيلة اخري تتنازع معها في نفس المنطقة،اليست هذه فوضي،اذا كانت قوة نظامية ترضخ تحت التهديد والضغط لهذه الجماعات،علي الرغم انها المخول لها الحماية والحراسة،وتأتي جماعة مهما ان علا شأنها ان تمزق بسمعتها (الواطة ) اليست هذه هي الفوضي؟،ومن المستفيد عندما تتحول المدن الي جزر من الحريق،ويحمل السلاح،مثل الطلاب الذين يحملون حقائبهم علي ظهورهم ،تأكد عند رؤية السلاح علي مرأي من الجمهور في المدن،هي بداية السوس الذي يبث فوضاه علي جسد الاستقرار،وهل يجني حمل السلاح هيبة الدولة شئ،انها صنعاء في رداءها السوداني.
[email protected]