ابوبكر القاضي : مجلة (إضافة /النادي السوداني-مسقط): إضافة حقيقية

في غروب نادي الكتاب في كاردف لفت نظري (رابط / إضافة) ، وبالتنقيب داخل الرابط قرات كلمة (إضافة ) بالبنط العريض ، وتحت هذه الكلمة البيان الاتي: (مجلة تعنى بالثقافة والفكر والإبداع يصدرها تجمع الكتاب والأدباء السودانيين بنادي الجالية السودانية/مسقط ، سلطنة عمان . العدد الاول-اغسطس ، سبتمبر ، أكتوبر ٢٠٢١ ، رئيس التحرير: يوسف الحبوب ، ومدير التحرير والمسؤول الفني : عماد البليك . وهيئة التحرير: د عبدالرؤوف بابكر السيد ، أكرم ابراهيم البكري ، د المنشتح ضرار ،دينا صلاح زروق .
نحن جيل تعلم الكثير من المجالات الفصلية مثل (العربي الكويتية ومجلة الدوحة القطرية ، والسياسة الدولية المصرية) لذلك لفت نظري ان مجلة (إضافة فصلية) . وقد توقفت عند مدلول كلمة (إضافة) لانها في حد ذاتها تعني (الابداع ) والإتيان بالجديد المفيد ، لانه طبقا لمقررات النقد والتوجيه الأدبي ، عند التعامل مع المعاني والتراث ، فانت امام ثلاث احتمالات : اما ان تاتي بمثل ما انتجه السابقون .. وفي هذه الحالة انت (مجرد مجتر/ لم تفعل شيئا ، واما ان يكون عملك أقل مما انتجه السابقون .. وهذا (مسخ ) ، واما ان (تضيف لما اتي به السابقون .. وهذا ابداع ) اذن (إضافة = ابداع ) .
وحين تقرا (إضافات العدد ) – اي المحتويات- تجد مادة متنوعة من (الثقافة والفكر والابداع) ، ) تجد (ملف العدد) الشهي وموضوعه: (الثقافة وتحديات الانتقال الديموقراطي) .. ، تناول الباحث الذي اعد الملف وهو الكاتب المرموق: أحمد ابراهيم ابوشوك ، تناول المثقف والسلطة ، واشكالية المواقف الأخلاقية في السودان. وقبل ان نتعمق في ملف العدد ناخذ (سندة – وهي الوقفة القصيرة للقطار ، وتستخدم ايضا مع الباصات السفرية .. يا سايق الفيت قم بي وخد سندة ) .. سندة مع د حيدر ابراهيم علي فهو الرائد في التاليف عن (علاقة المثقف بالسلطة) . والتحية لمركز الدراسات السودانية الذي انتج المئات من الكتب واثري الفكر والثقافة.
أستوقفني في هذا الملف قول الكاتب/الباحث ابوشوك : (هنالك ثلة من التعريفات المتداخلة مع بعضها والمتعارضة احيانا ، لان منها ما يعرف المثقف بانه الشخص المتخصص في ضروب الادب والفن، وآخر يطلق المصطلح علي المتعلمين والمهنيين الذين تختلف انشطتهم المهنية عن الأنشطة اليدوية الأخرى ، الا ان الفيلسوف الايطالى (انطونيو غرامشي (1891-1937) يرفض هذه التعريفات القائمة على اساس التصنيف الذهني واليدوي ، لانه يعتقد ان مفهوم المثقف اوسع من ذلك ، سعة تشمل كل إنسان يملك رؤية ثقافية معينة تجاه البيئة التي يعيش فيها ،لان الثقافة في عرفه ليست مهنة، ولا معيارا يقسم المثقفون على اساسه الى طبقات وظيفية.)
سرحت مع وصف غرامشي الذي يرفض تعريف المثقف علي أساس التصنيف الذهني واليدوي وغيره ، فتذكرت (المثقف النحرير ، هاشم كرار ) الذي يتمتع بمؤهلات المثقف صاحب الرؤية الثقافية لوطنه .. وزاد عليها بتحليه بالشجاعة وقوة المراس والمواجهة.. ومع كل ذلك فانه انسان مرح فكه طيب المعشر ، مجلسه (في المكتب او المنزل عامر ) .أشبع الإنقاذ قدحا ونقدا في الدوحة مهجره الاختياري ، ثم أجبرته ظروف الدنيا ان يذهب للسفارة السودانية بالدوحة لتجديد جوازه ، فتفاجأ بحسن الاستقبال من القنصل الشاب (آنذاك/ معاوية عثمان خالد) – الذي صار لاحقًا سفير السودان في امريكا والأمم المتحدة.. وقد كتب الأستاذ هاشم كرار عن هذه الأريحية التي نالها من القنصل ، في عموده ، وقد كان يهدف من ذلك الى تعميم هذه الأريحية على جميع المعارضين للنظام في ذلك الوقت.. وقد كان .
اتسم (المثقف النحرير هاشم كرار بالشجاعة والمبادرة ، فهو الصحفي (الشاب في حينه في منتصف سبعينات القرن الماضي ، والذي عاصر في موطنه مدينة ود مدني السني – جريمة حرق معرض الفكر الجمهوري .. فبادر بالحضور الي موقع الجريمة البشعة النكراء ، ووثق لها بالصورة وحررها بقلمه الحر ، ووصف الحدث المؤسف (بالاعتداء الآثم على حرية الفكر والإبداع) . واستخدم اغلظ الالفاظ في التنديد بهذا العمل الارهابي البربري.. فقد كان معرض الفكر الجمهوري (تحفة فنية) .. سبحان الله.. لعل أكثر من يتصور حجم الابداع الفني في تصميم وإخراج معرض الفكر الجمهوري الذي جرى حرقه هي الجالية السودانية بسلطنة عمان ، فقد قدر الله لاربعة من الفنانين الذين صمموا هذا المعرض ان يعيشوا في السلطنة ، وهم :(د. النور حمد/ أحمد الصديق/خلف الله عبود / العوض مصطفى) .
والحديث عن (المثقف السوداني الأصيل) هاشم كرار يطول ، ولكني ساختمه بالغزل في جمال الانسان السوداني (خلقا وخلقه ) ، وحين أقول السوداني أقصد السودان (من نملي الي حلفا) .. فالمثقف النحرير هاشم كرار الذي عاد مؤخرا من الدوحة للسودان (أصلع الرأس) قد هاجر للدوحة بعد انقلاب الإنقاذ بمنتهى الأناقة ، فهو خنفس الشعر من غير خنفسة ، ولو وضع (الخلال في شعره (علي طريقة صاحب الوقت (ترك ) واهلنا في شرق السودان ، لحسبته هدندوي ( عديييل ) ، عنده فلجة لم ار اجمل منها الا فلجة د رياك مشار .. فالأسنان البيضاء في الوجه الاسمر الابنوسي عند رياك مشار تظهر جمال الانسان السوداني وروعة ابتسامته وحسن استقباله للضيوف واكرامهم .
النادي السوداني بمسقط يرفع سقف التحدي :
:
والتحدي الذي اعنيه هو : (اذا سلمنا بان نظام الإنقاذ.. ببنيته الاستبدادية الاقصائية التمكينية) قد شرد جميع المفكرين والمبدعين السودانيين من خلال آلية (الصالح العام) .. وطرد مؤسسات الضغط.. فان هذه الذريعة قد سقطت بذهاب كبار الحرامية الي كوبر وعقبال (لاهاي يارب ) ، التحدي هو (كيف نعيد توطين الفكر و المفكرين السودانيين ؟ والإبداع والمبدعين !!
لقد قدم النادي السوداني بمسقط الاجابة : وهي ان تمارس حرية الفكر والابداع (حيث كنت ) .. من مكان اقامتك.. ما دمت تردد (انا افريقي انا سوداني) .. وتمارس السودانوية فكرا وعملا .. فان انتاجك سيكون مثل (سحابة هرون الرشيد .. سيصل ريعها للسودان والسودانيين اني كانوا.. وهكذا وصلتنا (مجلة إضافة) في كاردف /ويلز .
التحدي الاخر هو ان (مجلة إضافة الفصلية) ستلهم المبدعين داخل السودان ، كما ستلهم تجمعات السودانيين المهاجرين في الخليج ، او أوروبا واميركا واستراليا وكندا .. الخ .. لإنتاج اعمال ابداعية ليس بالضرورة مطابقة او على شاكلة (إضافة) ، فالإبداع ليس له قوالب جاهزة. شكرا لتجمع الكتاب بالنادي السوداني/مسقط .
ابوبكر القاضي
كاردف/ويلز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *