ابوبكر القاضى : قراءة فى ميثاق د عبدالله النعيم لتوافق (وطنى) جديد
الجمهوريون ثروة قومية وغيابهم عن الساحة اضر بحركة الفكر ووحدة الوطن
اصاب د النعيم حين استبعد من مشروعه الجدليات المتعلقة ببشخص الاستاذ محمود
مثل (صلاة الاصالة) والمسيح المحمدى
مشروع (الدعوة الاسلامية الجديدة– (الجمهورى ) قاصر — لا يرقى لمشوع السودان الجديد
بتواضعه المعهود — وامانته العلمية المشهودة — قدم د عبد الله احمد النعيم الاكاديمى المميز والناشط العالمى فى مجال حقوق الانسان — والتلميذ النجيب الوفى لاستاذ الشهيد محمود محمد طه قدم مشروعه الذى بعنوان (ميثاق ما بعد الطوفان: دعوة لتوافق وطنى — يتكون المشروع من 7 اهداف — وبرنامج عمل يتكون من 5 نقاط — ومنهج عمل يتكون من 3 نقاط — وقد تم نشر مشروع الميثاق فى المواقع السودانية على الشبكة العنكبوتية — ولانعاش الذاكرة سوف اتناول هنا الاهداف من (3 الى 5) من المشروع لانها هى النقاط الجدلية فى الميثاق — والتى تقرا:
:اقتباس
3. يتواصل الجهد لتحقيق الحرية الفردية المطلقة من خلال العدالة الاجتماعية الشاملة بالممارسة الفورية وليس بانتظار توافر الشروط المثلى في المستقبل فالممارسة بين الخطأ والصواب والتصحيح هي منهج التغيير المطلوب في الفرد والجماعة.
4. المواطنة المتساوية بدون أدنى تمييز على أساس الدين او الجنس أو العنصر أو الثقافة هي الاطار الوحيد الذي يحكم علائق الأفراد بالدولة وجميع مؤسساتها وأعمالها.
5. لا يجوز للدولة التدخل في ممارسة المواطن من رجل أو امرأة لحريته أو حريتها الفردية إلا على أساس سيادة حكم القانون الدستوري الذي يوفق بين الحرية الفردية والعدالة الاجتماعية. وبالتحديد تلتزم الدولة بالحياد التام تجاه الدين أو المعتقد بحيث لا تدعم أو تعارض أي دين أو مذهب عقائدي. فليس للدولة اي علاقة بمعتقدات المواطنين بأي صورة أو على اي مستوى. فحرية الإعتقاد والتعبير هي جوهر الحكم الدستوري الذي تقوم عليه مشروعية الدولة نفسها.
انتهى الاقتباس
الجمهوريون ثروة قومية وغيابهم عن الساحة اضر بحركة الفكر ووحدة الوطن
ان جاز ان يكون للفكر وطن — وان تكون فكرة ما معزولة تماما عن اى مؤثرات خارجية — فنستطيع ان نقول ان الفكرة الجمهورية هى فكرة (سودانية) ليست مستوردة — (فالفكر الخوانى جاءنا من مصر — وكذا الفكر الناصرى والشيوعى) (وجاءنا البعث من العراق وسوريا) — وعلى الرغم من ان الفكرة الجمهورية التى اصلها الشهيد محمود فى كتب الفكرة الاساسية (الرسالة الثانية من الاسلام — طريق محمد — رسالة الصلاة — تطوير شريعة الاحوال الشخصية — الخ) كانت فكرة جدلية كما سنوضح لاحقا بحول الله — الا ان الشارع السودانى (احترمها) وان لم يتقبلها — ويعود ذلك الى (غرابتها) كما يعترف بذلك الشهيد محمود نفسه — الا انه يرى ان غرابتها مدعاة لصحتها اكثر من كونها مدعاة لعدم صحتها بدليل الحديث الصحيح الذى يقول (بدا الاسلام غريبا — وسيعود غريبا –الخ الحديث) كما يعود احترم الشعب السودانى للفكرة الجمورية الى قوة منطقها حول اوضاع المراة — والقضايا مثل (حقوق غير المسلمين– اهل الذمة — والديمقراطية والاشتراكية) وتاصيل كل هذه القضايا من الدين — من منظور الرسالة الثانية من الاسلام — ولعل اهم مصدر لاحترام الفكرة الجمهرية نجده فى سمت وسوك (الجمهورى والجمهورية) ودعوتهم للناس بالتى هى احسن — بالادب والمنطق — وقد ساهم الجهوريون فى نقد الطائفية — والاخوان المسلمين — وفى نقد الشيوعيين — نقدا علميا وليس غوغائيا — وقد ساهم الجمهوريون فى تطوير فكرة الحوار ومبدا الحوار وترسيخ تجربة (اركان النقاش) وقد ساهم الجمهوريون فى تطوير فكر الاخوان المسلمين — وشكلوا تحديا حقيقيا للفهم السلفى فى الجامعة الاسلامية بالسودان والقضاء الشرعى — وواجه الجمهوريون الازهر فى شجاعة نادرة — باختصار شكل الجمهوريون حضورا حقيقا فى الشارع السودان — فى العاصمة — وفى (مدنى) وكوستى وبورتسودان وكسلا والقضارف وعطبرة والابيض ورفاعة والحصاحيصا وسنار وذلك منذ اكتوبر 1964 الى 18 يناير 1985 فالجمهوريون بهذا المعنى هم ثروة قومية تم تاهيلها فى الشارع السودانى — لا تقوم بالمال لانها اقيم من ذلك — وبهذه المناسبة اقترح اقامة مراكز ثقافية لرموز الجمهوريين فى مدن السودان — مثلا نقيم (مركز سعيد الطيب الشايب فى مدنى) ومركز بكرى الحاج عبداله الثقافى فى بورتسودان — وهكذا — وشاهدنا لقد قتل النميرى اعظم رجال السودان — الشهيد محمود محمد طة والشهداء عبد الخالق والشفيع وجوزيف غرنق وهؤلاء يشكلون ركائز هامة فى الفكر السودانى — وغياب هؤلاء هو الذى جعل الساحة خالية للجبهة القومية الاسلامية لتنفرد بالساحة — هى وشاكلتها من الاحزاب الطائفية التى تتاجر بالدين — ومكن غيابهم من تكريس الرؤيا الاحادية وغياب التنوع مما ادى الى تفتيت الوحدة الوطنية — وانفصال الجنوب واتهديد بانفصال دارفور
ان طرح ميثاق ما بعد الطوفان يعنى بالنسبة لى دعوة عامة للشعب السودانى — ودعوة خاصة لعودة الجمهوريين للساحة السودانية بمشروع وطنى مبرا من القضايا الجدلية المرتبطة بشخص الاستاذ محمود — والتى وقفت سدا منيعا وحاجزا نفسيا بين الشعب السودانى والفكرة الجمهورية (مثل قضية صلاة الاصالة (وملاقاة الله كفاحا بلا واسطة ) — وقضية المسيح — وهى مسائل سوف نتناولها لاحقا باذن الله فى هذا المقال
مشروع (الدعوة الاسلامية الجديدة)– (الجمهورى ) قاصر — لا يرقى لمشوع السودان الجديد
مشروع د عبداله النعيم هو (دعوة لتوافق (وطنى) جديد) — — فمرجعية استاذى د النعيم هى (المواطنة) وليس الاسلام او المسيحية او اى دين اخر كما ورد بالفقرة 3 من الميثاق المقترح — والدولة التى يدعو لها الميثاق هى دولة تلتزم بالحياد التام تجاه الدين والمعتقد فليس للدولة اي علاقة بمعتقدات المواطنين بأي صورة أو على اي مستوى. فحرية الإعتقاد والتعبير هي جوهر الحكم الدستوري الذي تقوم عليه مشروعية الدولة نفسها كما جاء حرفيا بالفقرة 5 من اهداف المشروع — فمشروع د النعيم يشتمل على تصحيح حقيقى للخطا الفادح الذى وقع فيه الشهيد محمود — ووقعنا فيه جميعا من خلفه — حين طرح مشروع (الدعوة الاسلامية الجديدة ) وقدم نفسه كمصلح (دينى) وقال النبوة ختمت — ولكن الرسالة لم تختم — وكتب كتاب الرسالة الثانية من الاسلام — ووصف رسول الرسالة الثانية بانه رجل اتاه الله الفهم عنه من القران واذن له فى الكلام — فى اشارة الى نفسه — وقال انه يرجو ان يكون الاصيل الواحد — باختصار قدم الشهيد نفسه للشعب السودانى باعتباره — رسول قرانى– اسلامى — دينى — لقد كان هم (الاستاذ) تجديد الدين –وتكريس تقليد محمد صلى الله عليه وسلم ) — وقال ( بتقليد محمد تتوحد الامة(اى الاسلامية ) ويتجدد دينها) باختصار لقد طرح الشهيد محمود (اسلام جديد) وليس (سودان جديد) وبذلك لم تكن الفكرة الجمهورية مؤهلة لان تكون مشروعا وطنيا يستقطب كل السودانيين بما فى ذلك (المسيحى) سواء فى الشمال او الجنوب — وذلك لان دخول المسيحى للمشروع الجمهورى يمر عبر (طريق محمد — صلى الله عليه وسلم) — وعليه : فان مشوع د النعيم (كمشروع وطنى) يتسامى على قصور المشروع الجمهورى الاسلامى الذى لا يختلف كثيرا فى هذه الجزئية عن المشروع الاسلامى لدى الاخوان المسلمين او انصار السنة وان كنا نتوهم اننا افضل منهم
اصاب د النعيم حين استبعد من مشروعه الجدليات المتعلقة ببشخص الاستاذ محمود
مثل (صلاة الاصالة) والمسيح المحمدى
بتاريخ 21 مارس 2011 كتب الاستاذ خالد الحاج مقالا مفصلا ردا على مشروع د عبد الله النعيم — وقد نعى الاستاذ خالد الحاج على المشروع المقترح نقيصتين هما : اسقاط (المنهاج — طريق محمد) من مشروع الاستاذ محمود — والثانى هو اسقاط مسالة (الوقت) اى موضوع المسيح المحمدى — ولعله من اللائق اقتباس هذه الجزئية بالحرف من مقال الاستاذ خالد الحاج
اقتباس:
عبدالله، في ميثاقه هذا، غيب أمرين أساسيين في دعوة الأستاذ محمود هما:
1. المنهاج ـ طريق محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا بالنسبة للأستاذ محمود هو كل الدعوة، وما الأمور الأخرى إلا تطبيق له في المجالات المختلفة.
2. غيب عبدالله من ميثاقه هذا، ما اصطلح على تسميته، في ثقافة الجمهوريين (بالوقت) يعني الوقت الذي يتم فيه بعث الاسلام وتطبيقه، عن طريق صاحب الوقت الذي يأذن له الله، في هذا التطبيق ـ وهو عند الأستاذ محمود، المسيح المحمدي المنتظر.. وسبب تغييب هذين الأمرين، واضح ونحن سنتعرض له.. وما يمكن أن نقوله هنا، في هذا الصدد، هو أن عبدالله، صاحب دعوة لفصل الدين عن الدولة، بحيث تكون الدولة علمانية، ويكون الدين، أمراً خاصاً، ليس له علاقة بالتشريع العام في الدولة.. فالجانب الديني لا يعنيه، هو يريد فقط أن يأخذ الجانب السياسي من الفكرة.. أما موضوع الوقت فهو يقول أنه ليس (وقتجياً)، ومجيء الوقت لا يغير شيئاً ـ سنورد النص ـ فهو في عجلة من أمره، ويريد التطبيق فوراً!!
انتهى الاقتباس من مقال الاستاذ خالد الحاج
تعقيبا على انتقادات الاستاذ خالد الحاج اعلاه افيد بالاتى:
1- المرجعية التى طرح على اساسها د النعيم مشروعه (هى المواطنة) وليس الاسلام — وهى مرجعية اشمل وانفع من مرجعية (الاسلام) — لان الموطنة تشمل كل السودانيين على اختلاف مللهم ومذاهبهم وثقافاتهم — بل ان المواطنة (تشمل طريق محمد صلى الله عليه وسلم) وتشمل ( طيرق عيسى عليه السلام) ولا تقف فقط عند الكتب السماوية وانما تشمل كريم المعتقدات السودانية — وهى كلها مناهج تربوية محترمة طبقا للمشروع الذى يدعو له الميثاق المقترح — وعليه فان الميثاق المقترح لم يغيب (طريق محمد) كما يقول الاستاذ خالد الحاج — وانما اعترف بكل المناهج — وهذا ما لا يريده الاستاذ خالد الحاج — فكتاب طريق محمد الذى يدعو له الاستاذ خالد الحاج غير متسامح مع الملل والطرق — فهو يقول — لم تعد الطرق الطرق ولا الملل الملل منذ اليوم — والرسول الذى ينتظره الاستاذ خالد الحاج اقصائى وغير متسامح — حسب الفهم الخاطئ للاستاذ خالد الحاج لهذه الاية : (هو الذى ارسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله—الخ الايه) — وحين ياتى (الوقت) الذى ينتظره الاستاذ خالد الحاج — فلن يكون فى الارض غير دين الجمهوريين الذى هو الاسلام — وتطبيق اصول القران — وهذا الفهم خطئ — فالرسول المعنى هو محمد بن عبد الله المكى الهاشمى صلى الله عليه وسلم — وقد ظهر الاسلام على يديه –وشاهدنا هو ان الميثاق المقترح لم يغيب (المنهاج) — وانما تعامل ايجابيا مع جميع المناهج على قدم المساواة — وترك شان (المنهاج — والتربية) للشعب– وللمجتمع
والحديث عن المنهاج (طريق محمد) سيقودنا للصلاة — والى الاصالة — والى الاصيل الواحد — وهذه المسائل هى نقاط الضعف فى الفكرة الجمهورية — بل هى المسائل القاتلة فيها — فقد قضينا اخر 16 سنة من حياة الاستاذ ندافع عن قضيتين خاسرتين هما : الدفاع عن (ثورة مايو) والدفاع عن (الاصالة)
2- النقطة الثانية التى ياخذها الاستاذ خالد الحاج على مشروع د النعيم هى تجاهل المشروع (لصاحب الوقت) المسيح المحمدى ! من هو صاحب الوقت؟ هل هو الاستاذ الشهيد محمود محمد طه الذى اعدمه النميرى ظلما يوم 18 يناير 1985 ونقله بطائره الى الصحراء ودفنه هناك بعد ان مات مظلوما ؟ هل يريد الاستاذ خالد الحاج ان يقول لنا ان الاستاذ لم يمت — وتوقفوا عن اى نشاط لحين (عودة) الاستاذ؟
ان فكرة ان الاستاذ محمود (اصيل) — وانه يصلى صلاه غير الصلاة ذات الحركات– الركوع والسجود والرفع منه — وانه الاصيل الوحد حسب عقيدتنا كجمهوريين — ومن جانبه كان يرجو ان يكون الاصيل الواحد– وكذلك فكرة ان الاستاذ هو فى (عقيدتنا الجمهورية) هو المسيح المنتظر ان يتجلى — وانه (محفوظ– بمعنى معصوم– وانه لا يموت) — ان هذه الافكار هى التى نفرت الناس عن الفكرة الجمهورية– وقد ثبت عمليا انها افكار غير صحيحة — لذلك كان من الطبيعى عدم تبنيها بواسطة المشروع
وتجدر الاشارة الى ان مشروع د النعيم لم يستبعد مفهموم الاستاذ خالد الحاج — بمعنى ان المشروع المطروح هو حيادى تجاه كافة الاديان والمذاهب ويعترف بها جميعا — بما فى ذلك الفكرة الجمهورية
وتجدر الاشارة ايضا الى ان المبادئ السبعة التى طرحها د النعيم فى ميثاقه المقترح ليست من ابتكار الاستاذ محمود و– انما صاغها الاستاذ محمود بنكهته الخاصة — فصارت الصياغة ملكية فكرية –للفكرة الجمهورية ولكن الفكرة نفسها ليست مملكة لها — فقد كان بامكان د النعيم صياغة ذات الافكار الواردة فى اهداف الميثاق بصياغته هو — او اقتباس صياغات تحمل ذات المعانى من المواثيق الدولية — وبذلك قد يجنب نفسه كثيرا من النقد الذى وجهه له الاستاذ خالد الحاج — الا ان الاستاذ النعيم بتواضعه المعهود اختار ان ان يثبت العرفان للاستاذ محمود وللفكرة الجمهورية — ورغم ذلك لم يسلم من ادعاء الرسالة وعنف اللسان — فالفكرة الجمهورية ملك لكل الجمهوريين — اعطوها زهرة شبابهم — بلا من — وهى حياتنا — وسوف نظل نحتفظ بكل قيمة ايجابية تعلمناها منها — وسوف ننتقدها — لانها ذاتنا — وكياننا — والاستاذ ملك لنا -نحن الجمهريين — وليس ملكا لاقاربه من اهالى ديم لطفى او الهجيليج — فالاستاذ اكبر من ذلك — ولن يرهبنا الاستاذ خالد الحاج او كائن من كان من نقد هذا الارث الجمهورى المملوك لنا — ونحن حين ننتقده انما نحييه ونقويه
ابوبكر القاضى
الدوحة