إنَّا في السلطة باقون ولو كرهت سوزان رايس والبشير يتماثل للشفاء
” من حكايات ألف ليلة وليلة المعاصرة ”
الليلة الأولى :
قبل ستة أشهر أو يزيد قليلاً كانت الحالة النفسية للرئيس البشير قد وصلت إلى منعطفٍ خطير جداً , لست أدري ما الذي كان سيحدث لو أن استمرت تلك الأيام لشهرين أو ثلاثة لكن الله وحده يعلم بما كانت ستؤول إليه الأشياء , تلك الأيام وقبل أن يفصح أوكامبو عن قرار القبض على الرئيس كانت أيام عصيبة , على الجميع , فكلٌ قد مسته منها نفحة ولست أدري إن كانت العبارة دقيقة أم لا لأن النفحُ عادةً ما يكون من الطِيب ” كالورد ينفح بالشذى حتى أنوف السارقيه ” , في تلك الأيام كثرت أسفار قيادات المؤتمر الوطني شرقي الكرة الأرضية وغربيها , شمالها وجنوبها , طائراتٌ لوثت الأجواء الدولية بدخان عوادمها وأزعجت سكان العالم في مساكنهم بل حتى شردت الطيور من أوكارها , لم يتركوا مطاراً في العالم إلا كانت لهم فيه راية ولا متنزهٍ في الدنيا إلا أقاموا عليه تاية ليحكوا الحكاية ومر الشكايا وشر البلايا وسوء منقلب ركوب المطايا وقالوا للعالم : بئس الصديق بوش وشر القبلة واشنطن لكن كما يقال لكل بداية نهاية , وأدرك شهر زاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح ….
الليلة الثانية :
الصحافة المحلية والدولية ـ في تلك الأيام ـ كانت قد أثرت الساحة الأدبية بمقالات تفنن كاتبوها بعناوين مختلفة فقدموا لوحاتٍ سريالية بديعة لأحتار فيها دالي لو أن مشى بين الناس حياً , لكن مصدر إلهامها جميعاً قد كان واحداً بيد أنه معطاء , زاخرٌ بالعطاء فيومٌ يعرِضُ بالعصا وآخر بالحذاء , فلم تسلم من رهبته واشنطن ولا باريس , ولندن قد أصبحت في خطر وخشيت من وعيده جميع مخلوقات الله في الجو والبر والبحر , وزلزلت لارتعاده البنايات من رخام وفولاذٍ وحجر ومدر , ثم جلس صاحبنا وضرب أسداس في أخماس بعد أن لطم وجه أمريكا بالمداس وقال للسامعين الحج بكين بعد أن طلق الاثنين بالثلاثة وأقسم باليمين ودعا بالموت الزؤام لجد جد بوش اللعين وشيني البدين وساراكوزي العِنِّين , لكن سبحان مبدل الأحوال من حال إلى حال , أو كما قال أمل دنقل ” وطني لوشغلتُ بالخلد عنه نازعتني لمجلس الأمن نفسي ” , وأدرك شهر زاد الصباح فسافر دكتور غازي إلى واشنطن ..
الليلة الثالثة :
ولم تنته لغة الوعيد لدى كبيرهم عند حدود اللسان وسوء البيان و مُلحِ الزمان بل قال لزبانيته أقطعوا كل لسان واصلبوا أيٍ إنسان تخرص أو تربص استأسد أو تجاسر واصنعوا من أحشائه حساءً للغربان , وكل من سولت له نفسه بالقدح في عزتنا وهد صروح كرامتنا وخلخلة بنيان دولتنا اجعلوا من عظامه أقلام ومن عذابه أفلام لتبقى عبرة لمن تطاول على مدى الأيام وحدِثوا أمريكا أننا لا نخشى الموت الزؤام ومنذ الفطام ” نشرب إن وردنا الماء صفواً ويشرب غيرنا كدراً وطينا ” , وقولوا لبوش إننا نحن أولئك الذين قال عنهم النابغة الذبياني : ” قومٌ , بأسهم غير كاذب .. إذا ما غزوا بالجيش , حلق فوقهم .. عصائب طيرٍ تهتدي بعصائب ” , فتعالَ إلى تخوم أم درمان فسترى العجائب وسوء العواقب ! لكن هل يعلم الغيب إلا الله ؟ , ذهب بوش وذهبت المدللة رايس والتي قيل إن أسمها ” كونداليزا رايس ” كلمة إيطالية تعني : ” اللهو بعذوبة ” , وجاءت رايس الأخرى وما أدراك من هي ” امرأة بحجم اليوم وأمس وغداً , تنتمي إلى قبيل النساء الأمازونيات ” لتعلن عن لغة اللعب بخشونة فقالت لأوباما : دعني والبشير فإني قد توعدته بشرٍ مستطير ولئلا يستجير لتسمعن الصفير وصوت الشخير , فقال الأخير دعوني أستخير و أيضاً أستشير , وبعد شد وجذبٍ أرسل رسوله إلى أمريكا يسعى مبلغاً إياهم أن الصلح خير .. فأدرك شهر زاد الصباح وحولت الخرطوم القِبلةَ غرباً …
الليلة الأخيرة :
الحكاية أعزائي كلها لعب في لعب وكذب في كذب وسياسةٌ على طريقة الوخز بالإبر وقسَّمٌ لا يُبر , وكلام هباء وخطبٌ جوفاء ومعارك مثل معارك دون كيشوت ـ في رواية سرفانتس ـ عندما قاتل طواحين الهواء , وحينما أكتشف الجماعة أنَّ نظرية أوكامبو قد طارت في الفضاء وأصبحت هراء تناثرت أشلاء , قالوا للبشير تماثل للشفاء : إناَّ في السلطة باقون ولو كره المعارضون وإلى أمريكا مسافرون وعن التطبيع لباحثون .. فأدرك شهر زاد الصباح ورجعت سوزان تجرجر أذيال خيبتها …
حاج علي ـ Saturday, June 20, 2009
[email protected]