إفشال مسيرة الإثنين
الشعب السوداني بين فكّي الشريكين
خالد عثمان
[email protected]
نقل تلفزيون أمدرمان قبل قليل خبراً عاجل عن حل كل الخلافات بين الشريكين وعودة نواب الحركة الشعبية الي البرلمان غداً الاثنين، وهذا يعني إضعاف أو بالأحرى قتل مسيرة غد الاثين ، مع ان الذي توصلت اليه الحركة الشعبية هو دون سقف طموحات الشعب السوداني الذي أصبح جاهزاً للثورة، مما يكشف زيف شعارات السودان الجديد.
وتعًرف الثورة بانها تغيير جذري في السلطة أو الهياكل التنظيمية في فتر قصيرة من الزمن وتُعرف ايضا في الكتاب الأخضر للعقيد القذافي بانها إكتشاف الواقع الفاسد وتدميره والإتيان ببديل عادل. وعرف السودان في ناريخه المعاصر ثورة واحدة كبرى هي الثورة التي قام بها الامام محمد أحمد المهدي والتي عجل بانتصارها الضائقة الاقتصادية التي مر بها السودان في ذلك الوقت والاستغلال الذي تعرض له المواطنين بالاضافة الي الضرائب الباهضة والمعاملة السيئة من المستعمر والمرتزقة الذين كانوا يعملون من معه من كل الجنسيات الاوربية والشرق أوسطية ، وضاعت الثورة المهدية ومجاهدات الامام المهدي لاسباب كثيرة لامجال لذكرها الآن.
وانتفض الشعب السوداني مرتين في أكتوبر وفي أبريل ضد الحكم العسكري وتمكن بنجاح من ازالة الدكتاتورية ، ولازال المشاركين في أكتوبر بين ظهرانينيا ويخطط بعضهم للثورة الرابعة، حيث كان الشيخ حسن الترابي من قادة ثورة أكتوبر وساهم مساهمة فاعلة في إسقاط نظام مايو بعد ان أختلف معه في أواخر أيامه ، وكان مستشاره القانوني المحامي كمال عمر يستعد لتسليم عريضة أحزاب جوبا غداً الاثنين الي ريئس البرلمان السوداني، ويظل الترابي هو الرقم الصعب والمفصلي في تاريخ السودان الحديث حيث كانت مساهمات الحركة الاسلامية حاسمة جداً في انتفاضة ابريل، وسيظل الترابي بمؤتمره الشعبي هو أخطر واقوى معارض لنظام الانقاذ السلطوي ، ويظل الترابي هو الوحيد القادر على اسقاط البشير ديمقراطيا لتغلغل تنظيمه وسط الحركة الاسلاميه ولامتلاكه للمعلومة التي قد تساعد في إحداث شرخ مهم في تنظيم المؤتمر الوطني ، ويكفي ترشيح الترابي لإنقاص الاصوات الذاهبة الي البشير بمقدار كبير.
وانتبهت الانقاذ للوضع الخطير والمهزوز التي تمر به الآن ، لذلك قدمت تلك التنازلات حتى تمررمخططها الانتخابي وتفوت الفرصة على الشيخ حسن الترابي الذي قرر اسقاطها شعبيا ، وكان الترابي قد ادرك بخبرته وحسه السياسي بانه قد آن الأوان.
واثبتت التجربة وقد عايشنا كيف يصل الي الشعب الي درجة لايخشي فيها السلطان وكيف خرج الشعب السوداني في ابريل من دون احزاب ، حيث قادت النقابات المهنية تلك الانتفاضة المهيبة وتجاوب الشعب معها ووضع كل ثقته فيها، وجاءت الاحزاب وسرقت ذلك المجهود لتقدمه بدون مسوؤلية الي العسكر في أقل من اربع سنوات.
الشعب السودان قد أصبح الآن مهيئاً للثورة وان خذلته الحركة الشعبية كعدتها ، الشعب السودان قد وصل الي درجة القرف من نظام الانقاذ وما عادت تهمه الاتفاقيات التي تبرمها الحركة الشعبيه مع الؤتمر الوطني ، وكل مايحتاجه الشعب في هذه اللحظة هو قيادات جديدة تخرج من بين المظاهرات والمسيرات التي ستهز اركان النظام والتي سينضم اليها الآلاف من الشرفاء كل يوم.
الشعب السوداني بحاجة الي قيادات شابة ومبادرات جرئية قادرة على مقارعة الانقاذ التي سقطت هيبتها ، وسيصل الشعب السوداني الي أهدافه وسيحقق احلامه بدون السيدين وبدون متنفذي الاحزاب الذين ينتقلون من أحزابهم الي المؤتمر الوطني الذي ما أنفك يبيع ويشتري في الذمم.