من المؤسف اصبحت السيول والامطار و الفيضانات والدمار رموز تاريخية نستحضر بها ذكرياتنا، بل كادت ان تكون تقويم نعمل به في حياتنا اليومية.
وكأننا نتفاجأ بقدوم الخريف كل عام برغم علمنا المسبق بأنه لا يخلو من كارثة، في حال الزيادة دمار وخراب وفي حال الشح مجاعة وجفاف وتصحر .
من اهم الاسباب التي قام من اجلها السد العالي في مصر هي حماية الدولة المصرية من فيضانات النيل الذي كان يغمر الاراضي ويهدد مضاجع السكان في كل عام في حالتيه الفيضان والشح، فبقيامه شهدت مصر إستقراراً في كل مناحي الحياة، فاصبح المجتمع الزراعي منتج بإنتظام والمجتمعات المدنية مستقرة وإنعكس هذا في هيكل الدولة وبنيتها وإستقرارها الإستراتيجي.
شاهدت برنامج علي تلفزيون السودان قبل شهر في لقاء مع المسؤول عن برنامج تعويضات المتضررين من امطار وسيول العام الماضي، ومن المؤسف لم يتم تعويض الناس حتي دخول الكارثة الحالية والناس في العراء والاموال التي صرفت كانت خيالية بلا نتيجة علي الارض.
عدم إستقرار المجتمعات هو عامل من العوامل التي تضرب الامن القومي لأي دولة مهما كانت قوتها، فبه تتعطل عجلة الإنتاج وتتوقف الدراسة وتنتشر الامراض والاوبئة وتدمر المحاصيل وتجرف الاراضي وتهدم المساكن والقرى والمدن وتنهار البنية التحتية التي نفتقدها اصلاً في السودان.
يجب وضع دراسات جادة تخدم مصلحة الامن القومي السوداني وإمكانية قيام مزيد من السدود علي الاراضي السودانية، لنضع حداً لمأساة الشعب السوداني المتكررة.
وعندما نتحدث عن المشاريع القومية يجب ان يحاسب كل من يثبت انه تواطأ لأجل مصلحة خاصة، وذلك ينطبق علي قيام السدود شمال الخرطوم اي بعد إلتقاء النيلين فقيام اي سد في هذه المنطقة لا يخدم المصلحة القومية للسودان بأي حال، فمن العبط بمكان ان احبس المياه في اعلي نقطة.
بناء السدود في شمال الخرطوم هو مشروع فساد ومحسوبية لا يخدم السودان بأي حال وعلي حكومة العلوج ان تقدم فائدة واحدة لأي سد تم إنشائه او هو تحت التشيد او مقترح إنشائه، فجميعها عديمة الجدوى الإستراتيجية لأن الهدف الاول لبناء السدود هو خلق إستقرار للمجتمعات من الفيضانات والجفاف بحد سواء.
السودان بلد كبير وبه إمكانات ضخمة يمكن إقامة سد علي اي خور او نهر او اي مجري مائي حتي نتمكن من حماية الشعب السوداني من خطر الفيضانات المدمرة والجفاف المتكرر كل عام، من العار ان يغرق اهل السودان كل عام وعاصمة البلاد تتغير ملامحها بسبب السيول والامطار ونعيش في الالفية الثالثة.
من المعيب ان تترك البلاد هكذا بأيدي رعناء همها الإعلام حتي في المشاريع التي من المفترض ان تؤمن حياة الشعب السوداني.
في بداية تسعينيات القرن الماضي روج نظام الكهنة تجار الدين العلوج لترعة كنانة والرهد، ومن السخرية انهم كانوا يأتوا بالافواج من كل انحاء البلاد ليشهدوا حفر هذه الترعة بالمعاول اليدوية، ووقفت علي هذه الحفرة وهي تقع شمال مدينة الدمازين فكنت اسئأل نفسي ساخراً .. (الناس ديل جادين ولا نحن ما فاهمين حاجة)..؟؟
وتم إصدار دمغات لصالح كنانة والرهد وتعلية خزان الرصيرص و..و.. والحفرة لم تبارح مكانها حيث التكبيرات والتهليلات التي تخرج من افواه قذرة نجسة تفعل كل المنكرات بإسم الله والدين.
بناء السودان لا يمكن ان يكون إلا بسقوط نظام الإبادة الجماعية ومحاكمة كل المجرمين في حق الوطن، وعلي كل ابناء السودان المخلصين المساهمة في ذلك وقبل وضع اي برنامج سياسي يجب ان تدار المشاريع الإستراتيجية للدولة السودانية بهيئات متخصصة لا ترتبط بأي نظام سياسي وعليها العمل من اجل حماية الامن القومي وإستقرار الشعب ومجتمعاته بكل قطاعاتها.
حال السودان في ظل نظام مجرم الحرب البشير يذكرني بإدارة الصحاف للمعركة الإعلامية وهو يختبئ علي بعد امتار من علوج الامركان وهم في شوارع بغداد كما كان يحلو له، فهو الوحيد الذي كان يري المشهد غير الجميع، فعلوجنا لا ينظرون للدمار الذي لحق بالسودان في عهدهم فهم ينظرون إلي انفسهم وحاشيتهم ويقيسون علي ذلك، وفي احسن الاحوال يتهمون الشعب السوداني بالجحود حيث دخل الفرد يبلغ 1800 دولار امريكي، واصبح الهوت دوغ الاكلة الشعبية المفضلة لأهل السودان علي ايديهم.
لعن الله علوج الاخوان في السودان وكل مكان.
خليل محمد سليمان
[email protected]