أحزاب الوهن والخنوع والخذلان , سبب بلاء ومعاناة البلاد منذ ولادتها وتكوينها , خاصة الثلاث الكلاسيكية الأمة والاتحادي والشيوعي , ورابعهم كلبهم المتدثر بالدين الإسلامي الحنيف وكل ما يفعله ويمارسه أتباعه ابعد من الإسلام , بل هو تماما عكس الإسلام وتعاليمه ونهجه, هم سبب بلاء ومحن البلاد لأنهم ما فعلوا شيء أفاد السودان منذ الاستقلال إلي يومنا هذا , وامضوا أيام الديمقراطيات الثلاث التي مرت علي الشعب السوداني في مهاترات وكيديات , هذا يناكف هذا وذاك يكاوي هذا وهؤلاء يطردون هذا من البرلمان , وهذا يسلم السلطة للعسكر نكاية في الآخرين , والبلاد تتقهقر إلي الوراء حتي صرنا في صدر قوائم أكثر البلاد فسادا وتخلفا , وفي ذيل أفريقيا التي فاتتنا دولها حني التي بالأمس كانت من لحمنا ودمنا قبل ان يفصلها هؤلاء الافشل والاسوا حكومة علي مر الزمان , وما عاش من يفصلنا كما كان يردد الذين فصلوه عندما كانوا طلابا في المدارس وليتهم ما درسوا ولاتعلموا.
وما اطال بقاء هذا النظام الباطش الا ضعف وهوان هذه الأحزاب التي خنعت وخضعت واستكانت منذ اللحظة الاولي لانها ببساطة خافت وجبُنت وارتعدت رعبا بعد مقتل نقيب الاطباء د علي فضل واخرين في 21ابريل 1990بتهمة تدبير اضراب الاطباء في نوفمبر 1989 , تلي ذلك مذبحة الثمانية وعشرين ضابطا في نفس الشهر يوم 24ابريل 1990 وفي رمضان بتهمة تدبير انقلاب ضد الجبهة وهم الذين جاؤوا بانقلاب , فصارت هذه الاحزاب كامنة في جحورها تخشي بيوت الاشباح التي نجح النظام الباطش في الترويج لرهبته وكانه فيلم مرعب فكان له ما اراد وانكمشت احزاب المعارضة هذه وتركت المعارضة بل وتسابقت لتتوالي مع الحزب الحاكم لتلعق فتات الموائد بعد أن اعمل فيها الحزب الحاكم سياسة “جوع كلبك يتبعك” بقسوة ومكر حتي إن زعيم حزب الامة لم يجد لخيوله ما تقتات نتيجة هذه السياسة الفتاكة. وبسبب سياسة جوع كلبك يتبعك وسياسة فرق تسد انشق الكثير من هذه الاحزاب وانقسمت علي نفسها بعضها اكثر من مرة حتي صارت احزابا اميبية من تعدد انقسامها .
وكلما سنحت فرصة لإنهاء حكم أسوا نظام مر علي السودان , كلما سنحت فرصة افشلها حزب هذا السيد او ذاك , اما قولا بتصريح مخذل , او فعلا بمشاركة في حكومات تفنن النظام في تسميتها , حكومة وفاق وطني مرة وحكومة اجماع وطني مرة اخري , حتي صار وزراء وولاة حزبي السيدين اكثر من رصفائهم من الحزب الحاكم!
والان, وبعد ان بلغ السيل الزبي وطفح الكيل وضاق الخنق برقبة المواطن المقهور بعد الزيادات القاصمة الاخيرة فخرج الجميع منتفضا ومعلنا نهاية صبره ونزل الشارع مستقبلا وابلا من الرصاص لم يطلقه حتي جيش كتشنر علي الانصار في كرري , وسقط اكثر من مائتي قتيل او يزيد , الان بدل ان يسكت زعيم الانصار اطلق تصريحات تخذيلية ومثبطة للهمم عينه اليمني علي ما يصله من اكراميات من النظام وعينه اليسري علي وظائف ابنائه وبناته في دواوين الحكومة . ولكنه استدرك فداحتها لاحقا بعد ان اوعز اليه بعض مستشاريه بان هذه المرة لن تسلم الجرة وان الحكومة ساقطة لامحالة فعدل عن تصريحاته واتبعها بتصريحات متوازنة ولكنها هلامية وضبابية.
اما السيد الاخر فقد انسل خارجا الي عاصمة الضباب ليضفي مزيدا من الضبابية لموقفه من المظاهرات وليبقي علي وزرائه في الحكومة.
وجميع هذه الاحزاب التي أسمت نفسها احزاب قوى الإجماع الوطني او تحالف الاحزاب السودانية المعارضة , ظلت تترقب الموقف من وراء جدرها خائفة مرتعبة من النظام كدأبها , غير مقتنعة بان الشارع يمكن ان يزيل نظاما باطشا كهذا خاصة وقد الت محاولات سابقة الي الفشل وقت كانت البلاد العربية من حولنا تموج ثورة تلو الثورة ويتساقط طغاتها طاغية بعد الاخر , حتي صرنا موضع تهكم وسخرية من هؤلاء ناسين اومتناسين اننا اول من انتقض ضد الطغيان في اكتوبر 1964.ولكن هذا لايهم , الكلب ينبح والجمل ماشي.
وكعادتها دائما , خرجت هذه الاحزاب بعد ان ظهرت بوادر انتصار الثورة وارتجف النظام وارتعد وظهر الارتباك واضحا في تصريحات كبرائه والهلع في وجوههم بما فيهم رئيسهم , وقتها فقط خرج علينا زعماء هذا الاحزاب يتسارعون ليجتمعوا ويعلنوا انه لابد للنظام ان يذهب !! يريدون سرقة الثورة , تماما كالضباع , تقف متفرجة حتي تصطاد الاسود والنمور الفريسة ثم ينقضوا عليها ليسرقوها او ينتزعوها .
ولكن بعد ان هدا الشارع قليلا الان امام الية القتل الفتاكة بالعزل من الثوار المتظاهرين , سكتت هذه الاحزاب وكاد الرعب من فشل الثورة يقتلها لانها تعلم علم اليقين ماذا ينتظرها ان فشلت الثورة, وبدل ان يدفعوا بجماهيرهم (ان بقي لهم جمهور!؟) الي الشارع وهم المنظمون يعرفون كيف يسيرون المظاهرات , بدل ذلك احجموا وانزووا آملين في خروج الثوار الذين بلا تنظيم وبلا قيادات الي الشارع ليقدموا مزيدا من الدماء ومزيدا من الشهداء!! حتي اذا دارت عجلة الثورة مرة اخري وسقط النظام , اطل علينا هذه الاحزاب وتلقفتها باردة , بلا دماء منها ولاشهداء!! تماما كما فعلت احزاب تونس ومصر حين قفزت الي الساحة بعد نجاح الثورة وسرقتها وتدافعوا الي الانتخابات وفاز من فاز وسقط من سقط ولا اثر للشباب الذين اشعلوا الثورات هذه واطاحوا بالدكتاتوريين وانظمتهم , فقد سرقت الاحزاب ثوراتهم , وانهم لفاعلون بثورتنا هذه والعياذ بالله.
فرجاءا ايتها الاحزاب , انزلوا جمهوركم الي الشارع قبل احتضار هذه الثورة وانقذوها , ولتكن لكم كراسي الحكم تعبثوا بها كيفما شئتم , فهو خير لنا مما نحن فيه. اقله تنقذون انفسكم مما هو في انتظاركم ان فشلت هذه الفرصة الاخيرة لانقاذ البلاد والعباد من هذا النظام الباطش , فالعار ومزبلة التاريخ من خلفكم وبيوت الاشباح من امامكم , والمجد والعزة بين ايديكم قبل فوات الاوان ,والخيار لكم.
محمد علي طه الشايقي
[email protected]