يبدو أن الأزمة بين متخاصمي الحركة الإسلامية السودانية، المؤتمر الوطني الحاكم والمؤتمر الشعبي المعارض، لن تجد أيادي تقودها إلي النهاية والتصالح، حيث يبدو الفريقان وكأنهما قد اتفقا على فتح أبواب الخلاف كلما حاولت فئات داخلهما إغلاقها.
ففي الوقت الذي نجح فيه قياديون من الطرفين تلطيف الأجواء بينهما بالدرجة التي اتجها فيها نحو بحث خلافهما لمعالجته أو التعايش، وضع منع زعيم المؤتمر الشعبي الشيخ حسن الترابي من السفر خارج البلاد للعلاج تلك الجهود في اختبار حقيقي غير معروف النتائج خاصة إذا ما تدهورت صحة الترابي، حسب رأي محللين سياسيين.
وفيما ترى الحكومة ممثلة في المؤتمر الوطني أن سفر الترابي خارج البلاد ليس للعلاج وإنما لأشياء أخري لها علاقة بالأزمة السودانية، طالب عدد من قادة المؤتمر الشعبي المنظمات الحقوقية بالتدخل العاجل للضغط على الحكومة بغية السماح للترابي بالسفر من أجل العلاج خارج البلاد.
لكن تمسك الحكومة بموقفها دفع محللين سياسيين إلى الاعتقاد باتجاه الفريقين لإنتاج خلاف جديد ربما يفتح الطريق لقوى خارجية للتدخل ووضع مرض الترابي وعلاجه ضمن كثير من أجنداتها المختلفة.
تمسك بحق
غير أن نائب الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي عبد الله حسن أحمد، رغم طرح الأمر أثناء اجتماع قادة الحزب بالمقررة الأممية الخاصة لحقوق الإنسان بالسودان سيما سمر نفى استنجاد حزبه بالمجتمع الدولي أو المنظمات الحقوقية للضغط على الحكومة للسماح بسفر الترابي الذي عده حقا دستوريا.
وقال للجزيرة نت “لن نسعى لإدخال طرف دولي في خلافاتنا مع المؤتمر الوطني رغم تعنته المتواصل في التعامل مع قضايا المؤتمر الشعبي والمعارضة عموما”.
من جهته رأى المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر أنه رغم حاجة الترابي إلي العلاج خارج البلاد فإنه (الترابي) يضع كل البيض في سلة معارضة الحكومة وبالتالي فإن حظره عن السفر يظل أمرا إستراتيجيا للحزب الحاكم.
ولم يستبعد أن يكون السفر للعلاج مسألة ثانوية للترابي نفسه، “لأنه أعلن أن سيلتقي خلال تلك الرحلة بالمعارضين للحكومة في الخارج”.
إطار شخصي
وقال خاطر للجزيرة نت “يبدو أن المؤتمر الوطني ينظر إلى خروج الترابي من البلاد في إطاره الشخصي الذي يخشاه، ولأن ذلك لا يخرج من دائرة تصفية الحسابات بين الفريقين”.
وتوقع أن يتحول الأمر إلي معترك بين الطرفين في الأيام القادمة إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه الآن “لكنه قطعا لن يصل إلى مرحلة التضحية بصحة الشيخ وإمكانية معالجته”.
أما المحلل السياسي محمد علي سعيد فلم يستبعد تخوف بعض المسؤولين الحكوميين مما يمكن أن يثيره الترابي ضد الحكومة عبر أجهزة الإعلام العالمية، مشيرا إلى أن المجتمع الدولي قد علم بمرض الترابي ومن ثم ربما يترقب ماذا تفعل الحكومة حيال هذه المشكلة.
وتوقع علي في حديث للجزيرة نت أن تتدخل بعض منظمات حقوق الإنسان لمطالبة الحكومة بالسماح له بالسفر للخارج قائلا “إن من سوء حظ الحكومة أن هذا الإجراء قد تم في وجود المقررة الخاصة لحقوق الإنسان في السودان”.
ولم يستبعد أن تدرج المسؤولة الأممية هذا الأمر في تقريرها الذي ستقدمه لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف.