ما زال النظام يتجاهل مطالب قوي سياسية للحوار الوطني
الناشطون: الحوار مع الجنجويد أجدي من الحوار مع النظام
احمد قارديا خميس
اعتبر معارضون سودانيون وجهت اليهم السلطات السودانية الدعوة لحضور اجتماع اَلية الحوار(7+7) الذي دعا اليه الرئيس السوداني عمر احمد البشير, نهاية الأسبوع الجاري, أن ” السلطات السودانية تحاول جاهدة تبييض وجهها أمام ضغوط المجتمع السوداني والاقليمي والدولي”, بينما أعتبره اَخرون فخا ينصبه النظام للإيقاع بالمعارضين.
ومع تواصل العملية الأمنية التي تقوم بها السلطات في اقليم دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق, وتشديد الحصار والتضييق علي الأهالي, رأت أوساط المعارضة في الداخل أن النظام ما زال يتجاهل مطالبهم بتوفير” بيئة الحوار”. وقال مصدر معارض بارز في الخرطوم, إن دعوات وجهت الي عدد من المعارضين أي الأحزاب الذي قُبل بالحوار الوطني وكون الاَلية, إلا أن الأجواء العامة لأوساط القوي السياسية السودانية تشير الي عدم تلبية الدعوة للمشاركة في اللقاء المرتقب المزمع عقده يوم الخميس المقبل.
وبحسب المصدر فإن المعطيات الحالية تؤكد عدم مشاركة منظمات المجتمع المدني, وهم مجموعة مثقفين وناشطين أطلقوا حراكا شعبيا في هبة سبتمبر 2013, وأيضا تحالف قوي الاجماع الوطني المعارض, وهو تحالف تشكل عام 2009 ويضم معظم أحزاب اليسار من حزب الشيوعي السوداني وحزب المؤتمر السوداني وحزب البعث. وكذلك يبدو موقف حزب الأمة القومي وأحزاب معارضة تشكل مؤخرا, ومنها حركة الإصلاح الآن بقيادة غازي صلاح الدين. وهذه التجمعات والأحزاب تضم غالبية أطياف المعارضة السياسية, بحسب المصدر الذي أكد أنهم مجمعون علي عدم تلبية دعوة السلطة للحوار, وذلك” لاعتقادهم أن النظام يسابق فكرة الحوار بالحل الأمني الواسع”, وتجاهله مطالب المعارضة بتهيئة بيئة الحوار الوطني التي تتضمن أولا وقف الحل الأمني والإعلان عن بدء الحل السياسي الشامل.
وقال المصدر: ” إن المعارضة تري في عمليات القتل واجتياح القري والاعتقالات والعمليات العسكرية الواسعة التي نفذها النظام واستخدام التعذيب والتنكيل, القصد منه الحكم المسبق في موضوع الحوار”, بمعني اَخر أن الحوار الذي يدعو اليه النظام” يجب أن يتم بتهديد القوة وممارسة العنف, وهو أمر قالت المعارضة إنه مرفوض”.
وأشار المصدر المعارض الي أنه في أوقات سابقة تلقت المعارضة تأكيدات من السلطة بأنه سيتم إطلاق سراح المعتقلين والسجناء والموقوفين من الأحداث, ولكن الذي حصل هو العكس. فبالإضافة الي هؤلاء تم اعتقال عشرات الأشخاص بينها شخصيات سياسية يفترض أن يكونوا علي طاولة الحوار إذا كان هناك حوار وطني حقا, مثل ابراهيم الشيخ رئيس حزب المؤتمر السوداني وغيره, لهذا لا يستقيم الحوار إذا كان مثل هؤلاء في السجن.
ولفت المصدر المعارض الي أنه وفي السباق مع التوجه للقاء اَلية الحوار مع رئيس الجمهورية” تم اجتياح قري في دارفور من قبل المليشيات والقوي الأمنية وقصف جوي متواصل وسط حصار عسكري لجبال النوبة واجتياح مناطق أخري في النيل الازرق”. وأكد المصدر أن عملية الاجتياح والقتل والتهجير والدمار والتعذيب كان لها تأثير سلبي علي الوضع السوداني العام بحيث ألغي أي إيجابية يمكن أن تقابل نتائج الاَلية للحوار الوطني, إذ لا معني للحوار بعد قتل مئات اَلاف واعتقال المئات وتهجير وتشريد الملايين في السودان”.
ومن جهته وصف ناشط سوداني معارض من الخرطوم, دعوة النظام السوداني معارضين للحوار ب” المتاجرة بدماء الشهداء” الذين سقطوا في المواجهات الدامية مع الجيش السوداني والمليشيات الموالين للنظام. وقال: ” مستحيل أن أقبل الدعوة للحوار بينما تغيب أساسا البيئة المناسبة لمثل تلك الحوارات”, مشيرا الي تواصل أعمال القتل بحق المواطنين السودانيين.
وكان حزب الامة القومي ، وبعد الافراج عن زعيمها الصادق المهدي من الاعتقال قد دفع بعدة شروط لاستمرار الحوار الوطني مع الحزب الحاكم, وكشف عن مراجعة شاملة بشأنه ترتكز علي ثلاث مجالات علي رأسها أن يكون الحوار شاملا لكل القوي السياسية والمسلحة وأن يرتبط الحوار بعملية السلام, بجانب ارتباطه بقضايا الحريات واطلاق سراح المعتقلين السياسيين وازالة القوانين المقيدة للحريات وتهيئة المناخ لحوارمثمر.. وهذه الشروط هي التي وضعتها من قبل قوي التحالف الوطني المعارض لقبول الحوار.
ويقول الناشطون ان علي القوي السياسية المشاركة في الحوار الوطني ، لابد لها من مراعاة إن الجيش النظامي والجنجويد (السودانية والاجنبية) يواصلون القتل الوحشي بحقهم, وهو ما يعني أن الجيش ليست قوات مسلحة سودانية تابعة للدولة, وأضافوا: بالتالي فالأفضل لنا أن نحاور الجنجويد الذين يطلقون النار.. وفقا لأهوائهم..
وتابع الناشطون ورؤساء الأحزاب الوطنية في السودان: أما اذا كان النظام هو من يصدر الأوامر بإبادة جماعية فلا يوجد أي مبرر للتحاور مع النظام ويده ملطخة بدماء الأبرياء من الشباب والأطفال والنساء. واعتبر ناشط معارض بارز من الداخل, ان لقاء اَلية الحوار مع البشير ما هو إلا فخ نصب للمعارضة للإيقاع برموزها, وقال: ” عفوا, خدعة عمر لن تنطلي علينا”. وقال المعارض الذي تعرض للاعتقال من قبل: ” هذا موقفنا جميعا وليس موقفي وحدي, لن نذهب لنلطخ أيدينا بدماء الشهداء”.
ورفض معظم السودانيين فكرة الحوار التضليلي وكل ما ينبثق عنه, معتبرين أنه لا يشكل بأي حال من الأحوال” حوارا وطنيا” حقيقيا شاملا لحل الأزمة السودانية ويمكن البناء عليه. واعتبروا أن الحوار ما هو إلا محاولات لكسب الوقت والالتفاف علي المطالب الشعبية في التحول الي نظام ديمقراطي تعددي.
القيادة السودانية جعلت همها الأول هو الدعاية الإعلامية, فهي من ناحية تنظم مؤتمرات للمعارضة السودانية لتقول انها علي خطي حرية الرأي العام, ومن جانب اَخر تعتمد الخيار العسكري الأمني في تحدَ متصاعد للأحزاب وللشارع السوداني الذي تعلو نبراته وتتسع مطالبه العادلة.
وحول اللقاء المرتقب في يوم غدا الخميس بين الرئيس البشير واَلية الحوار(7+7), رغم ثقتي في فشل الحوار.. لأن من يستحقوا الحوار هم ملايين النازحين في الداخل وملايين المشردين في مخيمات الذل والهوان. وايضا ما زال القصف الجوي والبري تحصد كل يوم عشرات السودانيين, وأن نظام المؤتمر الوطني أضاع الفرصة تلو الفرصة, وأن ردود فعله بطيئة ويمشي كالسلحفاة في تجاوبه مع مطالب الشعب السوداني. وأري أن أغلب المعارضين الذين تم دعوتهم الي الحوار الوطني ينتظر بعضهم قرارات حول الحضور من عدمه, ولكن في رأيي الخاص أن من يحضر سيسقط شعبيا, لأن الشارع السوداني ملتهب داخليا وخارجيا ويرفض الحوار علي أسس مجرم الحرب عمر البشير.. وأقول ان” السودانيين اليوم باتوا ينظرون الي عمر البشير بمثل المنظار الذي ينظرون به الي ديكتاتوريات استبدادية مع تصاعد القتل والقمع والتنكيل”.