بسم الله الرحمن الرحيم
أحذر… أمامك حزب وهمي
بقلم/ خالد الكاهلي
عندما حطت بنا سفينة السياسة السودانية صبيحة الثلاثين من يونيو عام 1989م رحالها في باحة القصر الجمهوري، فهلل لها الشعب المسكين، واستغل ربان السفينة تلك الفرحة العارمة للشعب فقال لهم: [وَإِنَّ لَكُمْ فِي] الإنقاذ خلاصاً وفكاكاً من الطائفية البغيضة وسوف [نُّسْقِيكُم] [مِن بَيْنِ فَرْثٍ] الصادق المهدي [وَدَمٍ] ود المرغني [لَّبَنًا خَالِصًا سَآئِغًا لِلشَّارِبِينَ]. فبعد أن ضاق الناس بحرية الديمقراطية وخرجت الجموع الهادرة في أصقاع السودان المختلفة تهتف: [العذاب ولا الأحزاب]. استجاب لهم الله سبحانه وتعالى فأرسل من تحت جنح الظلام [عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ] وادعت هذه الأبابيل العصمة في الدين وإنها لم تأتِ إلا [لتخرج العباد من عبادة العباد لعبادة رب العباد].. فجاءت بمشروعٍ وهمي منسوب للإسلام ظلماً وزورا.. فعاثت في الأرض فساداً فقامت بدمار الخدمة المدنية وأتت ببدعة التمكين، فقضت على الأخضر واليابس، فما لبست أن تفننت في تفتيت لُحمة الشعب المسكين حيث نفثت سمومها المقيتة فيه فأضحت القبيلة عنواناً لكل شيء في سودان البعث الحضاري، ولكي يخلو لها الجو السياسي في البلاد أتت بما يسمى التوالي السياسي وقد عجزت قواميس اللغة ودهاقنة السياسة في فك شفرة تلك كلمة التوالي.. ولكن التجربة كشفت عن سوءتها في رابعة النهار فما هي إلا تفتيت الأحزاب التقليدية لأكبر عدد من الأحزاب الصغيرة على شكالة (النرجدة) نسبةً [للنور جادين] الذي سن تلك السنة بمباركة الإنقاذ في بواكير عهد صباها، فلم يسلم حزب من تلك النرجدة، وبفضل الله لم يحقق المشروع نجاحاً حيث أصبحت أحزاب النرجدة عالةً على سيدها المؤتمر الوطني فهي مثل مسمار جحا [وبعد أن تأكد للمؤتمر بأن خطته باءت بالفشل] وهبت نسائم الربيع العربي وتحسس القوم بأن فطنة الشعب السوداني لم تنطلِ عليه تلك الحيلة الماكرة، وخوفاً من مستقبل الأيام بأن التغيير لا محالة آتي والحساب والعقاب سيدا الموقف حينها، وقد رفض الشعب بكل مكوناته المصالحة مع هؤلاء الشرذمة بل رفض العدالة الانتقائية [النموذج الجنوبي أفريقي] فأصبح المؤتمر الوطني في ورطة حيث أدت سياسته تلك إلى ظهور التمرد في جميع أنحاء السودان، فمن لم يحمل السلاح مباشرةً حمله بطريقة غير مباشرة، فدونكم الصحافة المحلية التي ما لبثت تحمل لنا كل يوم صوراً يشيب لها الولدان من الفساد، فصراحة قد أظلمت الدنيا في وجه العصابة وشاهدوا هروب بن علي وسجن مبارك وطرد علي عبد الله صالح وبشاعة قتل القذافي فأحس القوم بأنهم مهما طالت بهم الرحلة الميمونة في كراسي السلطة لا محالة ذاهبون فبدأ البحث عن [مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً] يقينهم شر تلك المآسي التي زرعتها أياديهم الآثمة في نفس الشعب المسكين، فتلك الحيلة الجديدة هي تكوين أحزاب التوالي السياسي التي استعصت على الجميع وقتها في فك شفرتها وما هي إلا تفريخ أحزاب سياسية من المؤتمر الوطني تدعي أنها أحزاب حقيقية ولكن في الأصل ما هي إلا حلقة من حلقات التآمر الإنقاذي على الشعب المسكين، فجاءت أحزاب مثل منبر السلام العادل وحزب الوطن الإسلامي وحزب الوسط الإسلامي وحزب اتحاد قوى الأمة وأمينه العام كاتب في صحيفة الإنتباهة. وحزب الرحمن ومؤسسه اللواء الحسيني عبد الكريم وهو أول من سن سنة سرقة المال العام في حاضرة كردفان الأبيض في بواكير عهد الطهر الإنقاذي المزيف. وتم طرده وظهر هذه الأيام مؤسساً حزباً. ولكن فطنة الشعب السوداني لم تترك لكم أيها الخبثاء طريقاً تهربون به من العدالة الحقيقية.. ومهما تكن النتائج سوف تجدون ما تستحقون من عقاب مكافئاً للجرائم التي ارتكبتموها في حق الشعب.
وأخيراً ظهرت هذه الأيام فرية إحياء ما يسمى بالحركة الإسلامية وشعارها:
فيا ليلة الوصل عودي لنا … كما كنت في الزمن الأول
وبفضل الله ظهرت المشاكل وسط المؤتمرين في جميع أنحاء السودان لأن زمهرير الواقع كان أكبر من غطاء الحركة الإسلامية.. فصراحة ما عادت تلك العبثية مقبولة للناس فهذه الأحزاب وإن صرف عليها المؤتمر الوطني مما تبقى له من مالٍ مسروق حتى يقي نفسه مستقبل الأيام فإنه ذاهب لمزبلة التاريخ وهي ذاهبة لمهب الريح. فأحذر أخي المواطن بأن أمثال تلك الأحزاب الديكورية ما هي إلا مؤتمر وطني في ثوبٍ جديد!!!!.
ليس من الحنظل يجنى العسل … ولا من البحر يصاد الورل
وخلاصة القول نذكركم بقوله صلى الله عليه وسلم:[مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا] [مسلم: 1/349]