أبنائى الأعزاء: شكراً.. ومصر أمانة فى أعناقكم

أبنائى الأعزاء: شكراً.. ومصر أمانة فى أعناقكم

  بقلم   د. عبدالهادى مصباح    ١٣/ ٢/ ٢٠١١
لماذا نخاف ؟
 هناك تجربة فى علم فسيولوجيا السلوك توضح ما كنا فيه على مدى الستين عاماً الماضية تتلخص فى أننا إذا أحضرنا خمسة قرود، ووضعناها فى قفص!
 وعلقنا فى منتصف سقف القفص حزمة موز، ووضعنا تحتها سلما، بالتأكيد لابد أن قردا ما من المجموعة سيعتلى السلم محاولاً الوصول إلى الموز، وبمجرد أن يضع يده على الموز، نطلق رشاشاً من الماء البارد على القردة الأربعة الباقية (وفى تجربة أخرى يتم صعقها بالكهرباء) فيصيبها الرعب وتبتعدوا!!
بعد قليل سيحاول قرد آخر أن يعتلى نفس السلم ليصل إلى الموز، وتتكرر نفس العملية مصحوبة بنفس المحاولات والعقاب عدة مرات، وبعد فترة ستجد أنه ما أن يحاول أى قرد أن يعتلى السلم للوصول إلى الموز ستمنعه المجموعة خوفا من عقاب الماء البارد، أو رد الفعل المنعكس الشرطى الذى يصاحب محاولة الحصول على الثمرة من أجل ملء البطون، هذا هو الجزء الأول من التجربة.
أما فى الجزء الثانى من التجربة فيتم إبعاد الماء البارد (أو الصواعق الكهربية)، ويتم إخراج قرد من الخمسة إلى خارج القفص، ثم يوضع قرد جديد مكانه وليكن اسمه (س) مثلاً، وهذا القرد لم يعاصر أو يشاهد رش الماء البارد، وسرعان ما سيذهب (س) إلى السلم لقطف الموز، حينها ستهب مجموعة القردة المرعوبة من الماء البارد أو الكهرباء لمنعه وستهاجمه بعنف، وبعد أكثر من محاولة سيتعلم (س) أنه إذا حاول قطف الموز سينال علقة ساخنة من باقى أفراد المجموعة!
بعد ذلك يتم إخراج قرد آخر من التى عاصرت عاصروا حوادث رش الماء البارد من الأربعة الأخرى غير القرد (س)، ويتم إدخال قرد جديد عوضاً عنه، وبالطبع سوف نجد أن نفس المشهد السابق سيتكرر من جديد، فالقرد الجديد يذهب إلى الموز، والقردة الباقية تنهال عليه ضربا لمنعه، بما فيها (س) على الرغم من أنه لم يعاصر رش الماء، ولا يدرى لماذا ضربوه فى السابق، كل ما هنالك أنه تعلم أن لمس الموز يعنى علقة على يد المجموعة، لذلك ستجده يشارك – وربما بحماس أكثر من غيره – بكيل اللكمات والصفعات للقرد الجديد (ربما تعويضا عن حرقة قلبه حين ضربوه هو أيضا).
ومع تكرار نفس الموضوع وخروج قرد آخر من التى عاصرت حوادث رش الماء، ووضع قرد جديد مكانه، سيتكرر نفس الموقف إلى أن تستبدل كل المجموعة القديمة من التى تعرضت لرش الماء حتى تستبدلها بقرود جديدة!
فى النهاية ستجد أن القرود ستستمر تنهال ضربا على كل من يجرؤ على الاقتراب من السلم.. لماذا؟ لا أحد منها يدرى!! لكن هذا ما وجدت المجموعة نفسها عليه منذ أن جاءت!
أبنائى الأعزاء.. يحق لكم أن تفخروا بأنكم انتزعتم الخوف والرعب من قلوبنا، فنحن جيل تربى على الخوف والرعب والتخوين الذى يمكن أن يذهب بصاحبه إلى ما وراء الشمس لمجرد أن ينطق بكلمة لا تعجب النظام، كان الخوف يملؤنا، ومع ذلك كان هناك من الشرفاء الكثيرون الذين لم يخشوا البطش أو التنكيل أو السجن أو التضييق فى كسب لقمة العيش، ولم يهمهم ذهب المعز وسيفه الذى كان يلهث وراءه ويخشاه الكثيرون.
لكم الحق يا أبنائى الأعزاء أن تفخروا بأنفسكم وبثورتكم وبشهدائكم التى أعادت لنا عزتنا وكرامتنا، كما كنا وسنظل نفخر بأننا من جيل أكتوبر الذى حرر الأرض وحمى العرض، كل ما أرجوه هو أن تنقلوا تلك الروح العالية التى ظهرت أثناء وجودكم وتجمعكم فى ميدان التحرير الذى غيرتم من خلاله وجه وتاريخ مصر، وكنتم تتصرفون داخله بأخلاق المدينة الفاضلة، ينبغى أن ينتقل معكم كل هذا إلى مكان عملكم ودراستكم وأبحاثكم العلمية حتى نضع بلدنا فى المكانة التى تستحقها بين الدول المتقدمة والعظمى، وأن يعود الأمن والأمان بعد أن انفرط عقد الأمن فى سائر البلاد،
وبدأت الفوضى تعم، والاقتصاد ينهار، ولكن هذه ضريبة يمكن أن نتحملها فى مقابل الحصول على الحرية، وأنا معكم أننا ينبغى أن نلاحق الفساد والفاسدين، وأن نستعيد حقوق الشعب المصرى من تلك المليارات المنهوبة من تلك العصابة الفاسدة التى خانت الأمانة، وذلك بكل الطرق القانونية، وبكل وسائل الضغط المختلفة، ولدينا المستشار د. عبدالمجيد محمود النائب العام – الذى يثق فيه كل المصريين ثقة لا حد لها – نضع فى عنقه هذه الأمانة حتى يستعيد تلك الأموال للشعب مرة أخرى بكل السبل التى يملكها.
أبنائى الأعزاء.. شكراً، فقد صنعتم تاريخاً جديداً لمصر ولكن تذكروا أن مصر أمانة فى أعناقكم.. فحافظوا عليها
 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *