خضرعطا المنان
[email protected]
اذا كان المسلم الحق ليس من سلم الناس من لسانه ويده فحسب وانما أيضا هو صاحب عهد وميثاق .. لذا فقد رأينا في مقالي السابق ( هكذا تم طرد عبد الحي يوسف من الامارات ) كيف ان هذا المفتي / الطالباني / التكفيري وأحد رموز الفتنة الدينية والطائفية في السودان اليوم قد خان هذا العهد وذلك الميثاق وأخل بشروط وطبيعة وظيفته الأساسية كخطيب مسجد وليس بوقا سياسيا .. وهوأمر لا يعد من أخلاق الاسلاميين الحقيقيين في شئ .. وهذا ربما يكشف – من جانب آخر – انتهازية تسيئ لأي خطيب بأي مسجد كان ولا تليق بمن يتخلق بأخلاق الاسلام .. فما صدر منه في تلك الخطبة كان انحرافا عن مهامه و اشارة واضحة للتكفير وهي صفة مقيتة ويخافها اهل الخليج عامة وشعب الامارات على وجه الخصوص كما انها هي المهمة التي ظل يمارسها منذ عودته لحضن ( زريبة الانقاذ ) كما يعرف الجميع .
أما عن موضوع اليوم .. فأن طرد ( الطيب مصطفى ) خال الرئيس الهارب من العدالة الدولية من الامارات فقد كان طردا مهينا ومذلا من دولة احتضنته زمانا ووفرت له سبل حياة ما كان يمكن له ان يرفل في نعيمها لو أنه عاش في أي بلد آخر من هذا العالم .
(الطيب مصطفى) ذلكم العنصري البغيض وصاحب منبر التمزق والفتنة والكراهية والمسمى زورا بــ ( منبر السلام) وبوقه الكريه صحيفة ( البلاهة ) عفوا ( الانتباهة ) كان بالفعل طرده مهينا ومباغتا ظل حديث المجتمع هناك ومجالس السودانيين الذين كانت تسيئ اليهم مثل تلك الكتابات / الحماقات ولا تصب في صالح جودهم وهم بعشرات الآلاف في كافة مرافق الدولة لذا فقد أفرح الكثيرمنهم خبر طرده ورأوا فيه اخمادا لصوت نشاز بالنظر للظروف القائمة حينذاك كما سأوضح لاحقا هنا .
ظل ( الطيب مصطفى) يرسل من وقت لآخر موضوعا لصفحة ( شؤون سودانية ) وغالبا مايكون ردا على مادة او موضوع كتبته أنا أو غيري معارضا لنظام الانقاذ الذي كان يهين الرجال ويذل النساء ويبطش بمعارضيه متبعا سياسة الاقصاء القائمة على الولاء وتطبيق الفصل التعسفي تحت مسمى (الصالح العام ) الذي شرد بموجبه الملايين من أبناء وبنات السودان وقاد بعضهم الى المعتقلات أو المنافي .. وهنا أيضا لابد من الاشارة لسوءات أخرى للنظام سادت آنذاك منها (التجنيد الاجباري) والاقتياد القسري للمعسكرات و( الدفاع الشعبي ) فضلا عن ظاهرتي ( أمن المجتمع ) و(الدبابين ) وخلافها.. وفي ظل ذلك الوضع المرتبك/ الانفعالي/الأحمق داخل السودان وفي تصرف غيرأخلاقي ولا يمت للرجولة او الدين الاسلامي بصلة أنشأ النظام ( بيوت الأشباح) سيئة السمعة .. وهي بيوت فقد بعض ساكنيها كرامتهم لا بل وحتى رجولتهم وهناك من فارق الحيا ة بداخلها أو خرج منها وهو يحمل عاهة مستديمة !!.
والحال كذلك ظل ( الطيب مصطفى ) يرسل الينا مقالات رغم قصرها ولكنها تطفح بالدفاع عن تلك السياسات الرعناء / الغبية التي كان يمارسها حكام الخرطوم الجدد الذين قال عنهم هذا الرجل انهم أصحبا خلق وقويم ودين حق وانما جاءوا لانقاد الوطن وبسط شرع الله والدفاع عن العقيدة .
كانت مقالاته تصل الينا مذيلة فقط باسمه ( الطيب مصطفى) مجرد هكذا دون أي عنوان أو رقم هاتف أو بأي الامارات السبع هو موجود أو ماشابه مما أثار سؤالا لدى الكثيرمن السودانيين الذين ظل بعضهم يتصل على الجريدة عن من هو هذا الرجل .. بل ان بعضهم حضر بنفسه للسؤال عن هذا المدافع عن نظام هم يعرفون ممارساته التي فاحت رائحتها النتنة وأزكمت الانوف وطافت بكل ارجاء الدنا .. كما أن بعضهم – مما لا يعرفون الرجل ولم يسمعوا به من قبل – ظنوا انه ربما يكون اسما مستعار.
وفي وقت لاحق عرفنا – وعرف الكل – أن ( الطيب مصطفى) هو خال العميد الانقلابي في السودان ( عمر حسن أحمد البشير) ويشغل منصبا بـ (شركة اتصالات) الاماراتية حيث كان – مثله ومثل سائر السودانيين – يتمتع باحترام كبير كعادة أهل تلك الدولة المضيافة .. ولكن يبدو انه لم يكن بقدر تلك الثقة التي أولاها اياها أولئك الكرام حتى انه كان يسافر للخارج ضمن وفودهم في بعض المهام الرسمية المتعلقة بطبيعة عمل تلك الشركة الكبيرة التي أخذ منها فكرة قيام ( سوداتل ) حينما عاد مطرودا للسودان وشغل عدة مناصب قافزا بالزانة لا لشيئ الا لأنه خال المشير الهارب من العدالة الدولية ( مدير سونا , مدير التلفزيون , مدير سوداتل ) قبل ان ينشئ له امبراطورية للعنصرية والمتاجرة بالكراهية وهتك النسيج الاجتماعي في بلد ظل مختطفا بيد الاسلامويين منذ أكثر من ثلاثة وعشرين عاما ولا يزال .
وهنا لابد لي من الاشارة الى بعض الملامح لأجواء تلك الأيام المشؤومة في مسيرة الانقاذ التي اعقبت انقلايهم الأسود حيث تم تعطيل الحياة النقابية وحل جميع الأحزاب واعلان حالة الطوارئ ومنع اي تجمعات او تظاهرات وزرع الخوف في كل شارع .. ثم توجت ذلك التخبط بموقفها المشين من غزو العراق للكويت الشقيق يوم 2/8/1990 وتأييدها المخزي للسفاح الراحل ( صدام حسين) مما أدخل السودانيين بكافة دول الخليج في حرج بالغ وحشرهم في زاوية عجزوا في أتونها عن ايجاد مبرر لموقف بلادهم الذي دفع الكثير منهم ثمناه له كما هو معلوم .. وتنفيذا لتلك السياسات الرعناء وتعزيزا لذلك المضحك / المبكي المسمى بـ ( التوجه الحضاري ) كانت الانقاذ قد أوقفت كافة الصحف ليقوم مكانها نبت شيطاني وحيد اسمه صحيفة ( الانقاذ) وعلى صحفتها الأخيرة عمود يشي بنفس مريضة ورؤية مشلولة اسمه تحت عنان ( هزاعيات ) نسبة للشيخ (هزاع ) أحد أصغر أبناء رئيس دولة الامارات آنذاك طيب الذكر ( الشيخ زايد) ومسؤول الأمن والاستخبارات هناك .. وفي هذا العمود كال أهل الانقاذ لتلك الدولة المضيافة وشعبها الكريم ورئيسها الذي شرفه كافة العرب حكاما وشعوبا بلقب ( حكيم العرب ) .. تزامن كل ذلك مع ظهور بوق/ برنامج شتائمي مخجل ينطلق من اذاعة امدرمان بعنوان ( حديث الصباح ) لأحد منسوبي الانقاذ وعسكرييها المعتوهين و اسمه ( العقيد يونس ) أو ( ديك الصباح ) كما أطلق عليه بعض السودانيين .. وهو برنامج قام اساسا على سيل من شتائم وألفاظ مقززة وعبارات وقحة يعف اللسان عن ذكرها شملت كل حكام دول الخليج ولم يسلم من لسان هذا العقيد المتفلت اعلاميا واخلاقيا حتى ( الشيخ زايد) دون مراعاة لمكانة الرجل أو مقامه وهو الذي بنى دولة عصرية من العدم وجعل من الصحراء القاحلة وكثبان رمالها المتشابكة ووديانها الموحشة واحة خضراء اندهش لها حتى أولئك القادمون سواء من سويسرا أو هولندا أو بلاد الاسكندناف أو غيرها .
عموما وسط تلك الظروف والأجواء الكريهة في الخرطوم ظل ( الطيب مصطفى) يكتب الينا اما ممجدا للنظام أو مستنكرا أو مكذبا لأي معلومة أو مقال أكتبه أنا أو غيري منتقدا للانقاذ وممارساتها غير المسؤولة .. وقد كان ذلك أمرا لافتا ويبدو انه لم يكتفي بالكتابة فقط وانما ظل يجاهر بمواقفه تلك أمام خاصته ومعارفه قولا وفعلا مكررا قناعاته بأن السودان ظل ومنذ الاستقلال فاقدا لهويته الاسلامية وان الحكام الجدد في الخرطوم هم من سيعيدون اليه تلك الهوية في وقت كانت فيه كل أقوالهم وأفعالهم تقول عكس مايدعي خال المشير تماما وهذه كلها عوامل تجمعت لتؤدي لطرده بتلك الطريقة المهينة .
مع مرور الايام والسؤال علم السودانيون سر المدعو ( الطيب مصطفى) ودفاعه المستميت عن أولئك الحكام الجدد .. وماهو الا خال العميد الانقلابي ( عمر البشير).. وقد فاجأه ذات يوم رجال الأمن وبتعليمات صريحة وواضحة تطالبه بمغادرةالبلاد فورا وخلال سويعات حتى انه لم يجد فرصة لاكمال اجراءات تسفير خادمته الآسيوية مما اضطره للاستنجاد بأحد أعمدة الجالية السودانية الأفاضل ورموزها الكرام هناك ( ع . أ) الذي – وبشهامته المعروفة – تصدى للأمر وحول اقامة الخادمة عليه للخروج من ذلك المأزق الذي وجد خال المشير نفسه فيه والذي غادر عائدا الى ( زريبة الانقاذ) حيث وجد نفسه متنقلا بين تلك المناصب التي قادته – في نهاية المطاف – لتكوين امبراطورية متكاملة تتاجر في الكراهية والعنصرية .. امبراطوية لا يسأله فيها أحد عن مكوناتها أو أفعالها .. وهي امبراطورية لا تزال تمارس دورا قذرا رغم انفصال جزء عزيز من وطننا المنكوب .. دور يفت في عضد مجتمع كان حتى الأمس القريب مضرب المثل في التماسك الاجتماعي والتكافل والمؤازرة والخلق الرفيع.
وأخيرا :
أحبك انتي يا بلدي …
يا غيمة في عز الشــموس
يابسمة في الزمن العبـــوس
وحــنة في ايدين عـروس ..
يـاجــاية من جــوف الأسـى
وضــاوية في عتــم المــسا
يا ضاحكة في الزمن الحزين
يا مرسـى للشـــوق والحنيــن ..
جــوا في عينــــيك أمـلنا
وشــايلة في كفيــك عمرنا
وأصلي حالف باليـمين :
أعز منك بلقى ويــــن ؟؟.