وزير العدل السوداني: مصير الجنوبيين في الشمال يحدد في حال الانفصال
محمد دوسة لـ «الشرق الأوسط»: إنفاذ القانون يسهم في إفشاء العدل والاستقرار والطمأنينة
محمد سعيد محمد الحسن
القانوني السوداني البارز محمد بشارة دوسة ينتمي إلى أسرة عريقة وحاكمة في إقليم دارفور، وجده السلطان دوسة شهد له بالاحترام والحكمة وبنفاذ القرار في الإدارة والعشيرة والمنطقة وقبل حمله لحقيبة وزارة العدل كان رئيسا لمجلس الأحزاب السودانية، وعندما رفضت الأحزاب التاريخية التسجيل طبقا لقانون الأحزاب باعتبارها أحزابا لها تاريخ التقى رؤساء الأحزاب الثلاثة الاتحادي الديمقراطي وحزب الأمة والشيوعي – ووصل معهم إلى صيغة القبول بالتسجيل القانوني. ومنذ وصوله لوزارة العدل أحدث حراكا قويا بدعوته لتحقيق العدالة الناجزة وإلغاء كافة الرسوم بالنيابات والشروع في تعديل القوانين تضمن تحقيق العدالة وترفيع جهازعدلي بصلاحيات واسعة برئاسة وكيل وزارة العدل للتحقيق في البلاغات والاتهامات وإنشاء 3 محاكم في دارفور، وشدد على تحقيق العدالة عبر الآليات الوطنية ولا يوجد شخص فوق القانون.
وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، أكد وزير العدل دوسة أن العنصر الأهم بعد إعلان نتائج الاستفتاء وتقرير المصير لأهل الجنوب وحدة أم انفصالا هو الحرص على السلام واستدامته خاصة مع وجود احترام واسع لقبول قرار أهل الجنوب ما دام التوصل إليه عبر أجواء حرة ونزيهة ومحايدة، واعتبر أن مفوضية الاستفتاء وبمعاونة الشريكين والمراقبين معنيون تماما بإنفاذ معايير الشفافية والنزاهة والحيرة في الاستفتاء.
وكشف وزير العدل أن الدستور تحدث عن الجهود لدعم خيار الوحدة الجاذبة ولكن قانون الاستفتاء نص على الخيارين الوحدة والانفصال، ويتم الاستفتاء لتحقيق أحدهما، وحدد فترة انتقالية لمدة 6 أشهر بعد إعلان نتائج الاستفتاء في 9 يناير (كانون الثاني) 2011 وتستمر الفترة إلى 9 يوليو (تموز) 2011، وكشف أيضا أن أوضاع الجنوبيين في الشمال، والشماليين في الجنوب لن يبت فيها إلا بعد إعلان النتائج حيث يجري التداول حول حزمة من القضايا من بينها الجنسية في الدولتين في الفترة الانتقالية في حالة وقوع انفصال الجنوب عن الشمال. وأفاد أن اتفاقية حكومة السودان واليوناميد تنظم مسألة المخالفات من دون المساس بالسيادة وحق السودان في تنفيذ قوانين داخل حدوده. وقال الوزير إن قوانين السودان اشتملت على مواد القانون الدولي لمكافحة الإرهاب وجرائم الحرب، وأعلن أنه تم ترفيع الجهاز العدلي في دارفور والذي باشر عمله فعليا ووفرت له كافة الصلاحيات لتطبيق القانون وإنفاذه. وأكد على أن القوانين في السودان ترعى وتنفذ مبادئ العدالة والمساواة فليس هنالك شخص محصن من المساءلة والمحاسبة، وأن إنفاذ القوانين بعدالة وحيدة ونزاهة يسهم في استقرار وإشاعة السلام والطمأنينة في المجتمع.
وفيما يلي نص الحوار:
* ماذا ينجم عن الاستفتاء وتقرير المصير للجنوب في حالة الانفصال؟
– الاستفتاء، وحق تقرير المصير لأهل الجنوب حق نص عليه في اتفاقية السلام الشامل والدستور واحتمالات نتائجه تنحصر في خيارين – الوحدة أو الانفصال، فإذا جاء خيار الوحدة فإن الأمور ستمضي إلى الأمام في تطوير النظم والقوانين والمشروعات التي تستهدف ظروفا وحياة أفضل للجميع، أما إذا حدث الخيار الثاني (الانفصال) فهنالك اتفاق سياسي واسع على وجوب احترام قرار أهل الجنوب ما دامت هذه قناعتهم وتمت عبر استفتاء حر ونزيه وشفاف وفي كلتا الحالتين – الوحدة أو الانفصال – فإن الإرادة السياسية المشتركة في الشمال والجنوب اتفقت على أن يظل السلام ثابتا وسائدا بحسبان أن اتفاقية السلام أوقفت الحرب وأسدلت الستار عليها ويتوجب على الجميع عدم العودة إليها بأي حال.
* كيف تعالج الجوانب القانونية في حالة الانفصال؟
– قانون الاستفتاء للجنوب حدد سير وإجراءات عملية الاستفتاء من بداياتها وحتى إعلان النتائج وكل جانب أو حالة تعالج من خلال نصوص قانون الاستفتاء التي تغطي ما هو مطلوب في كل حالة.
* هل يغطي القانون كافة الجوانب الخاصة بالاستفتاء ونتائجه؟
– نعم، فالقانون جرى التداول حوله بشكل واسع خاصة من الطرفين الشريكين الموقعين على اتفاقية السلام – المؤتمر الوطني والحركة الشعبية – وكذلك من أجهزة أخرى معنية بالاستفتاء كما خضع لمناقشة البرلمان وتمت إجازته وتحول إلى مرجعية.
* ألم ينص الدستور على تحقيق الوحدة الجاذبة بين الشمال والجنوب؟
– نعم، اتفاقية السلام والدستور ينصان على جهود مشتركة من الشريكين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية والسعي لتحقيق الوحدة الجاذبة عند إجراء الاستفتاء وتقرير المصير للجنوب، ولكن قانون الاستفتاء ينظم إجراءات الاستفتاء بدءا من قيام المفوضية إلى الإجراءات المتعددة الخاصة بكافة مراحله وحتى الوصول إلى مراكز الاقتراع، والقانون يساوي بين الخيارين – الوحدة أو الانفصال – وأصحاب الحق وحدهم يقررون بإراداتهم الحرة الوحدة مع الشمال أو الانفصال عنه، الدستور نص على الوحدة الجاذبة والقانون ينص على خياري الوحدة أو الانفصال.
* ما هو الوضع القانوني لأبناء الجنوب في الشمال في حالة الانفصال؟
– هذا الوضع سيكون ضمن حزمة القضايا التي تعالج ما بعد الاستفتاء وإعلان نتائجه، ولا توجد رؤية أو صورة محددة حول وضع الجنوبيين في الشمال أو الشماليين في الجنوب، وستعالج هذه القضايا بعد نتيجة الاستفتاء.
* هل توجد فترة انتقالية بعد الاستفتاء من يناير المقبل 2011 أم أن نتائجه تأخذ النفاذ بمجرد إعلان الوحدة أو الانفصال؟
– نعم، توجد فترة انتقالية فعندما يجرى الاستفتاء في 9 يناير المقبل 2011، ستكون هنالك فترة انتقالية 6 أشهر للعمل على الترتيبات الضرورية اللازمة طبقا لنتيجة الاستفتاء، الوحدة أو الانفصال، بالضرورة فإن ما يترتب على خيار الانفصال يتطلب مراجعة كاملة من الشريكين لمعالجة مطلوبات الانفصال لأنها مغايرة لمطلوبات الوحدة.
* من الذي يحدد أجواء الحيدة والنزاهة والشفافية..القضاء أم المراقبون أم المفوضية أم الأجهزة العدلية؟
– نصوص الشفافية والحيدة والنزاهة واضحة في الدستور والقانون، ومفوضية الاستفتاء هي المعنية بإنفاذها، وعلى الأطراف الأخرى المساعدة في أن يكون الاستفتاء نزيها وشفافا ومحايدا وفي أجواء تحقق ما هو مطلوب.
* هل تخضع مخالفات قوات اليوناميد وموظفيها لقوانين السودان أم لقوانين بلدانهم أم للأمم المتحدة؟
– توجد اتفاقية بين حكومة السودان والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لتنظيم كافة الجوانب المتعلقة بالوجود المشترك في دارفور وذلك دون مساس بالسيادة وحق السودان في تنفيذ قوانينه داخل حدوده.
* ماذا يعني ترفيع الجهاز القانوني الخاص بالتعامل مع المخالفات والجرائم في دارفور؟
– المقصود من وراء ترفيع الجهاز القانوني حيث وضع على رأسه وكيل وزارة العدل أن يعكس جدية وحرص الدولة على تحقيق مستوى أرفع في الأداء والواجبات والمهام العدلية في التعامل مع كافة المخالفات في دارفور ووفرت لها الصلاحيات لتطبيق القانون وإنفاذه بعدالة تامة. وكدلالة على الجدية التامة في هذا القرار توجه المدعي العام الجنائي بعد 24 ساعة من صدور القرار إلى دارفور لمباشرة مهامه العدلية وقد تم إنشاء ثلاث محاكم لدارفور لتحقيق العدالة عبر الآليات الوطنية وللقضاء السوداني ارث عريق وحنكة في إرساء دعائم العدالة الناجزة.
* هل وجهت اتهامات أو جرائم ذات صلة بالإرهاب وهل توجد قوانين لمواجهة ذلك؟
– لا توجد جرائم ذات صلة بالإرهاب، وقد تم إدخال النصوص للقانون الدولي الخاص بالإرهاب في القانون الجنائي السوداني، وكذلك إدخال النصوص الخاصة بجرائم الحرب على قانون القوات المسلحة مما يعني أن الجرائم التي تحدث عنها القانون الدولي تم تضمينها في القانون الجنائي السوداني.
* هل يعفي القانون السوداني الدستوريين والتنفيذيين والبرلمانيين من المحاسبة والمساءلة؟
– ليس هنالك شخص محصن من المساءلة القانونية في حالة ارتكاب ما يخالف القانون، فنحن في وطن ودولة تتمسك بالقانون والمساواة والعدالة. وليس هنالك من هو فوق القانون ولكن يوجد ما يعرف بالحصانة للذين يتقلدون بعض وظائف الدولة حتى لا يكونوا عرضة للاتهام الكيدي والحصانة للحماية من الاتهام الكيدي المرتبط بالمهام العامة.
* ما هو دور القانون في حالة أجواء التوتر والحرب؟
– ضرورة إفشاء العدل وإنفاذ القانون بصورة جيدة وناجزة تؤدي إلى دعم استقرار المجتمع وسلامته وتعزيز الثقة في العدالة وهذا ما نعمل من أجله ونرجوه ونناشد كافة قوى المجتمع على التعاون والتعاضد ومواجهة كل المستجدات في الحياة العامة.
* وماذا عن قوانين الحفاظ على المال العام؟
– قوانين الحفاظ على المال العام موجودة وسائدة وتنفذ تماما في حالة انتهاك حرمة المال العام، فالقانون نافذ تماما.
* وماذا عن المحبوسين في السجون بسبب ارتداد الشيكات؟
– لا يوجد حبيس من دون حيثيات قانونية حيث يفتح البلاغ وتجرى التحريات والإجراءات وفقا للقانون وتتم إحالة المخالفين للحبس ويلقون معاملة كريمة إلى موعد تقديمهم للقضاء وعددهم غير كبير. ويجب أن أسجل الإشادة بالمهنية والكفاءة العالية للقانونيين والقانونيات الذين يضطلعون بمهامهم على مستوى عال من المسؤولية والتجرد على المستويات كافة في السودان.